اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
يرى بعضهم في المعايير التجارية 'مقاييس إقصائية' بحجج مثل حفظ الصحة وحماية البيئة
يعتزم الاتحاد الأوروبي تشديد القيد على الواردات التي لا تلبي المعايير المتبعة لدى المنتجين في كتلة اليورو، وينتظر أن يقع النظر في المنتوجات الغذائية الموردة المعالجة بمبيدات حشرية محظورة في أوروبا، بحسب مشروع وثيقة للمفوضية الأوروبية.
وتنص وثيقة سياسة الاتحاد الأوروبي بعنوان 'رؤية للزراعة والغذاء' على أن المفوضية ستتخذ موقفاً أكثر صرامة في شأن الواردات لضمان تكافؤ الفرص للمزارعين الأوروبيين، وأن 'المفوضية ستسعى، وفقاً للقواعد الدولية، إلى تعزيز ملاءمة معايير الإنتاج المطبقة على المنتجات المستوردة، بخاصة في ما يتصل بالمبيدات الحشرية، وستعمل على ضمان عدم إعادة إدخال أخطر المبيدات الحشرية المحظورة في الاتحاد الأوروبي لأسباب صحية وبيئية من خلال المنتجات المستوردة'.
ولا يزال مشروع القرار قابلاً للتعديل قبل نشره، وقد يؤدي إلى منع استيراد المنتجات الغذائية المعالجة بالمبيدات الحشرية التي لا يستخدمها المزارعون الأوروبيون، وإن كان في الظاهر رداً على الرسوم الأميركية الجديدة فإنه سيلحق الضرر ببقية المصدرين إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، على غرار بلدان شمال أفريقيا، بخاصة تونس والمغرب ومصر.
وتستقطب أوروبا الشريك التجاري الأول لتونس 69 في المئة من صادرات الخضراوات لديها ونحو 80 في المئة من صادرات زيت الزيتون وأكثر من 50 في المئة من الغلال.
ويحدد الاتحاد الأوروبي مستويات قصوى لمخلفات بعض المبيدات الحشرية المحظورة في الأغذية المستوردة منذ أكثر من عقد، وقوبل اقتراح المفوضية الأوروبية الاستمرار في السماح باستيراد منتوجات تحوي بقايا مبيد الفطريات 'سيبروكونازول' ومبيد الحشرات 'سبيروديكلوفين' بالرفض نهاية العام الماضي، بل اصطدم بدعوات نواب الاتحاد إلى تحيين السقف المحدد لهذه المواد بهدف رفعه، وهي مكونات لا يمكن للمزارعين استخدامها في الاتحاد الأوروبي.
ضغوط المنتجين
أما الدافع الأبرز لمراجعة السياسة الزراعية في منطقة اليورو، فهو لتهدئة المزارعين الساخطين وسط توترات تجارية عالمية، إذ توجه أصابع الاتهام إلى المفوضية المتهمة بالنهج الليبرالي ضمن سياستها التجارية التي أضرت بالمنتجين وبالقطاع بصورة عامة الذي يستحوذ على 30 في المئة من موازنة الاتحاد، مما أكده خبراء وممثلون عن قطاعات تونسية مصدرة رأت أن المعايير المتبعة بحجة حماية الصحة العامة والمحيط تستبطن سياسة حمائية مشددة وهي الدافع الأساس للتحركات الأوروبية.
ويبدو أن المفوضية خضعت لضغوط المنتجين، إذ نظم المزارعون احتجاجات عن المقاييس والمعايير المفروضة عليهم التي قلصت الإيرادات، وما يرونه من 'منافسة غير عادلة' من منتوجات أجنبية يلتزم أصحابها معايير أقل تقييداً.
وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية للإصلاحات رافاييل فيتو إن 'الرؤية للزراعة والأغذية هي استجابة قوية لهذه الاحتجاجات'، في حين أكد مسؤولون أوروبيون أن المفوضية ستوافق على دراسة فرض قيود جديدة على الواردات.
وذكر مفوض الصحة الأوروبي أوليفر فارهيلي أن 'لدينا إشارات من البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء والمزارعين إلى أن كل ما هو محظور في الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون محظوراً أيضاً في الواردات'.
وللحماية من أي ضرر تنافسي، ستعمل أوروبا على 'توحيد معايير الإنتاج' المطبقة على المنتجات المستوردة على نحو أقوى، وستحرص بروكسل على عدم السماح بعودة 'أكثر المبيدات الحشرية' خطورة، المحظورة في الاتحاد الأوروبي لأسباب صحية وبيئية من خلال المنتجات المستوردة، وهي معايير جديدة ستضاف إلى الإجراءات السابقة المتجددة سنوياً، إذ عمدت تونس منذ أكثر من عام إلى سحب 31 منتجاً من المبيدات والأدوية المقاومة للفطريات الزراعية من السوق، وقالت إن ذلك يندرج في إطار مراجعة المواد الفاعلة التي فرضت عليها قيود صارمة داخل الاتحاد الأوروبي.
52 في المئة من الصادرات الغذائية
وتمثل الصادرات الغذائية التونسية إلى أوروبا 52 في المئة من جملة صادراتها الغذائية وتستقطب فرنسا 13 في المئة، وإيطاليا 20 في المئة منها بقيمة مليار دولار، فيما تستورد إسبانيا سبعة في المئة وألمانيا أربعة في المئة منها، مقابل 29 في المئة موجهة للسوق الأفريقية و11 في المئة للسوق الآسيوية.
وتمثل الصادرات الغذائية 11.9 في المئة من جملة الصادرات للبلاد بقيمة نحو 5 مليارات دينار (335 مليون دولار)، بعدما تراجعت بحكم بلوغها 13.2 في المئة عام 2015، ويمثل زيت الزيتون 34 في المئة من جملة الصادرات الغذائية والتمور 14 في المئة والأسماك 14 في المئة، إلى جانب منتوجات أخرى.
وتعمل السلطات على تنمية الصادرات عن طريق تطويرها والتحول إلى الإنتاج البيولوجي وتحسين الوضع الحالي الذي رأت وزارة الفلاحة أنه يعاني ضعف الاهتمام بالجودة والمواصفات الصحية وغياب اليقظة والإجراءات الوقائية في جزء منه، مع غياب التنسيق بين جميع المتدخلين على مستوى سلاسل القيمة الموجهة للتصدير، إضافة إلى غياب المنصات الخاصة بالتفاوض في مجال الصادرات، في حين يمثل فرض متطلبات ومواصفات قياسية دولية على مستوى الأسواق أحد أهم الأخطار.
وكشف رئيس جامعة منتجي زيت الزيتون في تونس محمد النصراوي عن أن تحديد نسبة رواسب المبيدات في المنتوجات إجراء سنوي من قبل بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ يجري تحيين القائمة كل موسم مع التشديد المتواصل، وتخضع الصادرات الغذائية التونسية لإجراءات روتينية هي تحليل عينات منها قبل عملية التصدير.
وبخصوص زيت الزيتون، أضاف أن 'التحاليل اقتصرت في السابق على الزيت البيولوجي وشملت الصادرات بأنواعها خلال الأعوام الأخيرة في تطور ملحوظ لهذه الرقابة، إذ نفاجأ كل عام بشروط جديدة بعدما تحولت إلى مقاييس إقصائية بحجة حفظ الصحة والبيئة والمحيط، علاوة على التضييق الآخر الذي يضرب سمعة الصادرات التونسية بهدف الهبوط بالأسعار ثم تحديد الكميات وتواريخ التصدير'.
ورأى النصراوي أن أموراً كهذه تستبطن المنافسة والحمائية المغلفة بالشروط الصحية بحكم احترام الإنتاج التونسي للمعايير كافة وجودته في هذا المضمار وفوزه بجميع الجوائز العالمية، في وقت تحتل تونس المرتبة الأولى عالمياً في تصدير الزيت البيولوجي، مما يشير إلى انخفاض اعتماد المبيدات لدى الناشطين وانعدامه لدى كثير منهم وينأى به عن جميع شبهات الرواسب المذكورة.
وعن الشروط الفنية والصحية التي يضعها الاتحاد الأوروبي لقبول الصادرات الزراعية، قال رئيس الاتحاد الفلاحي في محافظة نابل عماد الباي إن جميع الغلال التونسية المصدرة تخضع للتحاليل اللازمة، وندرت عمليات رفضها من قبل بلدان الاتحاد الأوروبي، بعدما وضعت قوانين صارمة من قبل السلطات التونسية المعنية في هذا الصدد، إضافة إلى عمليات التوعية للمنتجين والرقابة المتواصلة.