اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في تحرك دبلوماسي لافت يعكس تصاعد التوتر بين الحكومة السودانية والمنظمات الدولية، أعلن وزير العدل السوداني عبد الله محمد درف أن بلاده أبلغت الأمم المتحدة رسميًا رغبتها في إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، داعيًا إلى توجيه الموارد لدعم الآليات الوطنية المحلية المعنية بحقوق الإنسان بدلاً من استمرار البعثة الأممية.
وزير العدل يبلّغ الموقف السوداني خلال لقائه بنويصر
جاء الإعلان خلال لقاء جمع وزير العدل السوداني مع الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، بمدينة بورتسودان، حيث أبلغ الوزير الخبير الأممي بشكل صريح أن الحكومة السودانية ترى أن استمرار بعثة تقصي الحقائق غير مبرر في ظل وجود مؤسسات وطنية معنية بحقوق الإنسان يمكن دعمها وتطوير أدائها.
وأوضح الوزير أنه نقل للخبير الأممي أن الأمم المتحدة تمرّ بظروف مالية صعبة، وأن من الأنسب – في ظل هذا الواقع – إعادة توجيه الموارد والجهود نحو الآليات الوطنية السودانية بدلاً من استمرار البعثات الخارجية، والتي كثيرًا ما تتقاطع مع السيادة الوطنية وتُحدث جدلاً سياسيًا واسعًا في الداخل.
انتقادات سودانية مستمرة لدور البعثة الأممية
وتأتي هذه الخطوة في سياق انتقادات متكررة وجّهها المسؤولون السودانيون لعمل البعثات الدولية في البلاد، وخصوصًا بعثة تقصي الحقائق التي أُنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023، لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان بعد اندلاع الحرب في السودان في أبريل من العام نفسه.
وكانت الحكومة السودانية قد أبدت في أكثر من مناسبة رفضها لتفويض البعثة، واعتبرته انتهاكًا لسيادة الدولة، لا سيما أن عمل البعثة لا يتم بالتنسيق المباشر مع المؤسسات الرسمية، بل يستند إلى آليات تحقيق مستقلة تتلقى تقارير من منظمات غير حكومية وناشطين، وهو ما تعتبره الخرطوم تحيزًا وتسييسًا للعمل الحقوقي.
دعوة لتوظيف الكوادر الوطنية
شدد وزير العدل في لقائه مع نويصر على أن السودان يمتلك كوادر وطنية مؤهلة في مجال العمل الحقوقي، ويمكن استثمارها بفعالية إذا ما تم توفير الدعم الفني والمالي اللازم من الجهات الدولية، داعيًا إلى تعزيز الشراكة مع المفوضية القومية لحقوق الإنسان، وباقي المؤسسات العدلية المعنية، بدلاً من إغراق البلاد بتقارير خارجية تُصدر دون الاطلاع على الصورة الكاملة للواقع الداخلي.
وأشار إلى أن السودان يرحب بالتعاون التقني والتدريب وتبادل الخبرات مع الأمم المتحدة، لكنه لا يقبل بما وصفه بـ”الإملاءات التي تتجاهل الواقع الوطني وتفرض توصيات أحادية الجانب”.
خلفية القرار وتداعيات محتملة
ويُتوقع أن يثير هذا الطلب السوداني ردود فعل متباينة في الأوساط الدولية، خصوصًا من منظمات حقوق الإنسان التي تعتبر بعثة تقصي الحقائق وسيلة أساسية لتوثيق الانتهاكات، ومحاسبة المتورطين في الجرائم ضد المدنيين خلال الحرب التي لا تزال مستمرة في عدة ولايات سودانية.
وتجدر الإشارة إلى أن البعثة الأممية كانت قد أعربت في تقارير سابقة عن قلقها البالغ من الانتهاكات الجسيمة في مناطق مثل دارفور والخرطوم، وطالبت بإجراء تحقيقات شفافة ومحاسبة المسؤولين عنها، وهو ما رفضته الحكومة واعتبرته تدخلاً سافرًا في الشأن السوداني.