لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
في وداع يليق بتاريخه وفرادته، شيّعت بيروت صباح اليوم جثمان الموسيقار والمسرحي الكبير زياد الرحباني، في موكب مهيب امتزجت فيه الزغاريد بالغناء، واحتشد الآلاف من محبيه ومريديه في شوارع الحمراء، رافعين صوره وملوّحين بالزهور، وسط تصفيق مستمر وحداد نبيل، يليق بفنان طالما غنّى للناس وعبّر عنهم.
وداع على طريقتهم.. جمهور زياد يغني ويحتفي رغم الحزن
منذ ساعات الصباح الأولى، توافد الآلاف إلى محيط مستشفى بخعازي خوري بمنطقة الحمراء في بيروت، حيث رقد جثمان زياد للمرة الأخيرة، متوشحين بالسواد، ورافعين صوره ولافتات تعبّر عن حبهم ووفائهم، مردّدين أشعاره وأغنيات والدته السيدة فيروز، وكأنهم يحاولون ردّ الجميل لمن صاغ وجدانهم لأكثر من أربعة عقود.
وكان من اللافت في مشهد الجنازة اللافتة التي كُتبت بخط بارز ووضعت صورته بجوار سيارة نقل الجثمان:'هيدي بس تحية.. وكأن البلد لا يتسع لاثنين معاً – رفاق المناضل جورج عبد الله'
في إشارة رمزية حملت الكثير من دلالات زياد ومواقفه، التي لم تكن يومًا منفصلة عن وجدان شعبه وتاريخه.
من كنيسة السيدة إلى الخلود.. بيروت تودّع ابنها الحرّ
انطلق موكب التشييع من كنيسة رقاد السيدة، حيث أُقيمت مراسم الوداع بحضور نخبة من الشخصيات الفنية والسياسية،، قابله حضور شعبي كثيف.
تتلقى عائلة الراحل العزاء اليوم الاثنين وغدًا الثلاثاء، وسط حالة من الحزن العارم التي خيّمت على محبّيه في لبنان وكافة أرجاء الوطن العربي.
زياد الرحباني.. فنان لا يكرره الزمن
غيّب الموت زياد الرحباني، السبت الماضي، عن عمر ناهز الـ69 عامًا، ليطوي بذلك صفحة من صفحات الفن الملتزم والساخر والجريء، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وثقافيًا عابرًا للأجيال.
هو ابن فيروز وعاصي الرحباني، لكنه اختار أن يسلك طريقه الفني الخاص، متسلحًا بالفكر والتمرد والسخرية اللاذعة، ليصنع مدرسة قائمة بذاتها.
ولد زياد في 1 يناير 1956، وبدأ مشواره الفني مبكرًا، لينحت اسمه في تاريخ الموسيقى والمسرح العربي. امتزجت موسيقاه الشرقية بالعناصر الغربية والجاز، وكتب مسرحيات ساخرة شكّلت مرآة ساخطة على الواقع اللبناني والعربي
على خشبة المسرح.. سياسي ساخر وموسيقي طليعي
من خلال أعماله المسرحية، مثل نزل السرور وبالنسبة لبكرا شو؟ وفيلم أميركي طويل، تمكّن زياد من تحويل المسرح إلى مساحة مقاومة وفضاء حرّ، يُمارس فيه نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا مباشرًا.
أما موسيقاه، فكانت حالة فريدة دمجت الجاز والبلوز بالمقامات الشرقية، وقدّمت أغنيات ذات نكهة درامية وحكائية قلّ نظيرها، كتبها ولحنها وغناها أو عبر صوت والدته فيروز أو غيره من الفنانين.
الصوت الحرّ.. وفنان الموقف
لم تكن أعمال زياد فنية فقط، بل كانت مواقف فكرية تعبّر عن انحياز واضح للفقراء والمهمشين، حيث تبنّى التوجّه الشيوعي، وجعل من فنه سلاحًا لمواجهة الحرب والطائفية والقهر.
زياد لم يكن فنانًا عابرًا، بل ضميرًا معاصرًا صرخ باسم شعبه، وانتقد الطبقات الحاكمة، وغنّى لأحلام البسطاء المنكسرين، وواجه بجرأته الكثير من حملات المنع والرقابة.