اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
بقلم: عصام صيام
بين الشعارات والواقع… أين اختفى صوت الرجولة؟
ثلاث سنوات من الهتاف، من رفع الشعارات، من التظاهر باسم الثورة، كانت كافية لتشكيل صورة مثالية عن جيلٍ جديدٍ يُفترض أنه يحمل همّ الوطن ويذود عنه. لكن حين دارت عجلة الحرب، واحتاجت البلاد إلى صدور عارية، إلى من يملأ فراغ الجيش الذي قيل إنه 'غير موجود'، غاب أولئك الذين صدّعوا رؤوسنا بشعاراتهم، وتركوا خلفهم كل ما ادّعوه من بطولة.
استيقظنا على واقع مرير، وجدنا فيه من كانوا بالأمس يرفعون رايات 'الطلقه ما بتقتل' قد فرّوا أمام أخواتهم، تاركين خلفهم شعاراتهم الزائفة، في مشهد سيخلده التاريخ كدليل على أن كثيراً من بطولاتنا كانت مجرد كلمات. نعم، لا ننكر وجود شباب صمدوا كالجبال، لم يتزحزحوا، ولم يهربوا، وهم قلة يُشار إليهم بالبنان، لكن الغالبية اختارت الهروب، ثم ما لبثت أن كشفت عن وجه آخر أكثر إيلاماً.
المصيبة لم تكن في الهروب فقط، بل في ما تلاه من سلوكيات في الأقاليم والبلدان التي لجأ إليها هؤلاء. سلوكيات أظهرت المواطن السوداني وكأنه بلا قيم، بلا رجولة، بلا شرف. لقد أزالوا الصورة النبيلة التي كانت في أذهان الشعوب عن السودان، عن ترهاقا ومهيرة، عن شعب الله المختار، واستبدلوها بمشهد من الانحدار الأخلاقي والسلوكي، لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه.
نعم، هناك أسر محترمة، وشباب واعٍ، يدرك أنه سفير لبلاده، ويحترم من استضافوه، ويقدّر من يقاتلون من أجله. لكن صوتهم ضاع وسط زحمة السقوط، وسط مشاهد لا يمكن وصفها إلا بأنها خيانة لقيم الوطن.
لسنا ملائكة، ولا نملك الحق في إصدار الأحكام، لكننا نمر بابتلاء عظيم، ساقه الله لنا لعلنا نعود إليه. علينا أن نحترم من فتحوا لنا أبوابهم، وأن نُقدّر من يضحون بدمائهم ليبقى الوطن. فالوطن لا يُحمى بالشعارات، بل بالرجال الذين يعرفون معنى التضحية، ومعنى الشرف.
حفظ الله السودان، وجند الوطن، وكل من حمل السلاح دفاعاً عن ترابه.