اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٦ نيسان ٢٠٢٥
تقرير : محمد جمال قندول
اتسعت رقعة الإعفاءات لولاة الولايات، حيث كان آخرهم والي النيل الأبيض عمر الخليفة الذي أُعفي من منصبه أمس الأول الخميس وتكليف اللواء ركن (م) قمر الدين محمد فضل المولى والياً للولاية.
وسبقه بيومين مغادرة والي الشمالية عابدين عوض الله، وحل بدلًا منه اللواء ركن (م) عبد الرحمن عبد الحميد مع توقعات بإعفاءات مرتقبة قد تطال ولايتي الجزيرة ونهر النيل.
الخطوة الأخيرة رسمت تساؤلات عن مغزى التوجه الأخير بعسكرة الولايات ودلالات ذلك على المشهد بشكل عام.
السيطرة الأمنية
وفي منتصف يناير الماضي، غادر والي سنار توفيق عابدين منصبه، وحلّ بدلًا منه اللواء الزبير حسن.
ويقول الخبير الاستراتيجي د. عمار العركي إنّ تعيين قيادات عسكرية كولاة للولايات في هذا التوقيت يعكس توجهًا واضحًا نحو تعزيز السيطرة الأمنية والإدارية للدولة في ظل ظروف الحرب الراهنة.
هذا التوجه حسب العركي يُفسَّر باعتباره استجابة لحالة الانفلات الأمني والحاجة إلى فرض النظام وضمان وحدة القرار التنفيذي بين المركز والولايات.
ويضيف محدّثي أن هذا التعيين يحمل أبعادًا استراتيجية أهمها: قطع الطريق أمام أي محاولات لاختراق مؤسسات الحكم المحلي من قِبل الميليشيات أو الجهات المناوئة للدولة، إضافة إلى ضبط خطوط الإمداد والدعم اللوجستي من الولايات إلى الجبهات.
العركي عطفًا على ما ذكره أعلاه يرى أنه في المقابل يطرح هذا التوجه تساؤلات حول مستقبل المشاركة المدنية في الحكم المحلي، خاصة في ظل الخارطة السياسية التي طرحتها الحكومة والتي تشدد على ضرورة إشراك القوى السياسية والمدنية في إعادة هيكلة الحكم المحلي بعد انتهاء النزاع.
وأضاف العركي أنه بالرغم من أن هذا التوجه يعكس استجابة للتحدي الأمني والعسكري، يظل السؤال قائمًا حول التحدي السياسي المصاحب، ومن حيث ترتيب الأولويات: هل كان الأجدى البدء بتعيين ولاة عسكريين في الولايات؟ أم كان من الأوجب الإيفاء بالالتزام المعلن بتعيين رئيس وزراء مدني من التكنوقراط وذو كفاءة يتمتع بكامل الصلاحيات بما في ذلك تشكيل حكومته؟ ولماذا القفز فوق ضرورة إيجاد رئيس وزراء وحكومة مركزية مدنية إلى إيجاد حكام عسكريين وحكومات ولائية؟
هذه المفارقة طبقًا للعركي تفتح الباب أمام جدل مشروع حول مسار الانتقال السياسي وإمكانية تحقيق التوازن بين مقتضيات المعركة العسكرية واستحقاقات الدولة المدنية.
مواقع مدنية
إسناد قيادة الولايات بدأت في منتصف أبريل من العام الماضي حينما تم تعيين اللواء ركن (م) محمد أحمد حسن أحمد ليصبح واليًا لولاية القضارف. وكذلك عُهد بمنصب والي كسلا إلى اللواء (م) الصادق محمد الأزرق.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية بدر الدين حسان أن توجه الحكومة لتعيين ولاة عسكريين في عدد من الولايات بعد إقالة ولاة مدنيين، يشير إلى تحول استراتيجي نحو عسكرة الإدارة المحلية، وهو نهج يعكس رؤية أمنية للمرحلة الحالية التي تمر بها البلاد.
غير أن د. بدر الدين يرى أن التوسع في تعيين القيادات العسكرية في مواقع مدنية قد يؤدي إلى تآكل الخبرات المدنية ويضعف البناء المؤسسي المحلي، مشددًا على أهمية وضع حدود زمنية لهذه التعيينات وربطها بخطط واضحة لانتقال تدريجي نحو الحكم المدني.
واعتبر محدّثي أن التوجه الأخير للحكومة ليس مجرد قرار إداري، بل خطوة تحمل أبعادًا سياسيةً تمس العلاقة بين الدولة والمجتمع.
وثمّة تحديات أمنية كبيرة تواجه الولايات خاصة التي تم تطهيرها من ميليشيات آل دقلو، وهو ما يتطلب المضي قدمًا في إسناد المهام وأعباء حكم الولايات لشخصيات عسكرية وأمنية.