اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٥ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
تشهد الدوائر السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية نشاطًا مكثفًا بشأن الأزمة السودانية، في محاولة لاحتواء تداعيات الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين، والتي خلّفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، بحسب توصيف المنظمات الدولية.
مقترح أمريكي لتصنيف الدعم السريع إرهابيًا
في خطوة لافتة، دفع السيناتور الجمهوري البارز جيم ريش بمقترح لتعديل مشروع قانون الدفاع الوطني لعام 2026، يتضمن دعوة صريحة لوزارة الخارجية الأمريكية لتقييم تصنيف قوات الدعم السريع السودانية كـ'منظمة إرهابية أجنبية'.
ويرتكز المقترح على المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي، والتي تتيح للحكومة الأمريكية تصنيف الكيانات التي تمارس أنشطة إرهابية خارج حدودها ضمن لوائح الإرهاب الرسمية.
انتهاكات جسيمة تدفع نحو التصعيد
وجاء هذا التحرك وسط تصاعد حدة الاتهامات الدولية لقوات الدعم السريع، على خلفية تقارير أممية ومنظمات حقوقية أكدت وقوع انتهاكات واسعة النطاق في إقليم دارفور، خاصة ضد قبيلة المساليت في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
ويعد هذا التصنيف – في حال اعتماده – نقطة تحول حاسمة في مسار التعامل الدولي مع الصراع في السودان، إذ يمنح الأساس القانوني لتوقيع عقوبات أمريكية صارمة على الكيان المستهدف، وتقييد تعاملاته المصرفية والمالية، وملاحقة قياداته قانونيًا.
التعديل يشمل أيضاً حركة M23 في الكونغو
لم تقتصر مقترحات السيناتور جيم ريش على السودان، بل شملت أيضاً دعوة لتقييم تصنيف حركة 'M23' المسلحة، الناشطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ضمن قائمة الكيانات الإرهابية الأجنبية.
وبحسب ما نُشر في سجل الكونغرس بتاريخ 5 أغسطس، فإن المقترح يتضمن تنسيقاً مباشراً بين وزارات الخارجية والعدل والخزانة الأمريكية، على أن تقدم الخارجية تقريرًا سريًا خلال 90 يومًا إلى لجان العلاقات الخارجية والعدل والاستخبارات في الكونغرس حول نتائج التقييم.
المحكمة الجنائية تتسلم ملفًا ضد الدعم السريع
وفي تطور متصل، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية تسلمها ملفًا يحتوي على أدلة تتعلق بجرائم حرب ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور، تم تقديمه من مكتب المحاماة البريطاني 'غويرينكا 37' في إطار سياسة الأبواب المفتوحة التي تنتهجها المحكمة لاستقبال أدلة من أفراد أو جهات مستقلة حول العالم.
وأكدت المحامية الدولية لوشيا بريشكوفا، المختصة في قضايا تسليم المجرمين والقانون الدولي، أن الملف تم إعداده بمشاركة مدنيين سودانيين، ويهدف إلى دعم جهود مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية في ملاحقة المتورطين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
دعوات لتوسيع التصنيف ليشمل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية
تأتي هذه الخطوات الأمريكية بعد أيام فقط من مطالبات أطلقها تحالف صمود بقيادة عبد الله حمدوك، لتوسيع نطاق التصنيف الإرهابي ليشمل حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان، استنادًا إلى دورهم في تقويض مسار الانتقال الديمقراطي، وتأجيج الصراعات والانقلابات المتكررة في البلاد.
ويرى التحالف أن هذه الكيانات ساهمت بشكل مباشر في زعزعة استقرار السودان، عبر التنسيق أو الدعم غير المباشر لقوى مسلحة، وعلى رأسها الدعم السريع، مطالبًا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات أكثر حزمًا لمساءلة الجهات التي تقف خلف الفوضى والانتهاكات.
أبعاد قانونية ودبلوماسية لتصنيف الدعم السريع
في حال اعتماد التعديل المقترح من الكونغرس الأمريكي، فإن تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية أجنبية سيؤدي إلى:
تحولات مرتقبة في الموقف الأمريكي من الأزمة السودانية
تشير هذه التطورات إلى تحوّل محتمل في نهج الولايات المتحدة تجاه النزاع في السودان، إذ لم تكتف واشنطن بالبيانات الدبلوماسية، بل دخلت في إطار تشريعي عملي قد ينتهي بتصنيف رسمي له تبعات واسعة النطاق، سواء على مسار الحرب نفسها أو على مستقبل المفاوضات السياسية في البلاد.
المجتمع الدولي يترقب القرار النهائي
في ظل هذه المعطيات، تترقب الدوائر الدبلوماسية والحقوقية الدولية ما ستؤول إليه هذه التحركات داخل الكونغرس، خصوصاً في ضوء الحملة المستمرة من منظمات حقوق الإنسان المطالِبة بمحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في السودان.
ولا يزال التحدي الأكبر يتمثل في توازن القوى داخل الإدارة الأمريكية، حيث تسعى بعض الأطراف إلى الموازنة بين الضغوط الحقوقية والحسابات الجيوسياسية، لا سيما في ظل تقاطعات الأزمة السودانية مع ملفات إقليمية معقدة.