اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
تتفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان بشكل مقلق، مع الانهيار المتواصل لقيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية وزيادة الضغوط المعيشية على ملايين المواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
3000 جنيه للدولار.. السوق الموازي يقود المشهد
في تداولات الجمعة، الأول من أغسطس 2025، سجل سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازي نحو 3000 جنيه سوداني، في حين بلغ سعر الريال السعودي 790 جنيهًا، والدرهم الإماراتي 815 جنيهًا، وفق ما أفاد به متعاملون لـ'الترا سودان'.
ويعزو المتعاملون هذا التدهور إلى ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية مقابل شحّ المعروض منها، في ظل توقف العديد من أنشطة التصدير والاستيراد، وانعدام التدفقات النقدية من الخارج.
غياب الاستقرار يدفع التجار للانسحاب
أدى عدم استقرار سعر الصرف، إلى جانب الحملات الأمنية ضد تجار العملة، إلى عزوف عدد كبير من المتعاملين عن السوق، وسط مخاوف من تكبّد خسائر كبيرة. وأشار أحد تجار السوق الموازي إلى أن 'الناس يفضلون العملات الأجنبية الآن، فالجنيه لم يعد موثوقًا'.
وأوضح أن انتقال النشاط المالي والتجاري من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، لم يحد من نشاط السوق الموازي، بل ساهم في انتشاره بصورة غير مركزية، يصعب التحكم فيها أمنيًا أو ماليًا.
محاولات أمنية لوقف النزيف.. والنتائج محدودة
قامت سلطات بورتسودان بتنفيذ حملات مكثفة على تجار العملة، واعتقلت عددًا منهم في محاولة للسيطرة على سعر الصرف. وقد أسفرت هذه الإجراءات عن انخفاض مؤقت في أسعار الدولار والريال، لكن الهدوء لم يدم طويلًا، إذ عاودت الأسعار ارتفاعها سريعًا بفعل عوامل العرض والطلب.
ويرى مراقبون أن الإجراءات الأمنية وحدها غير كافية دون إصلاحات اقتصادية حقيقية، تشمل تنشيط الإنتاج الوطني وضمان تدفق النقد الأجنبي من مصادر رسمية.
مراقبون: الحرب دمرت البنية الاقتصادية
أكد الصحفي والمختص الاقتصادي، الفاضل إبراهيم، أن تدهور الجنيه يعود إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي، غياب الصادرات، واعتماد الأسواق على الاستيراد الكامل للسلع الأساسية.
وأضاف في حديثه لـ'الترا سودان'، أن الحرب التي دخلت عامها الثالث تسببت في 'تفكيك الاقتصاد السوداني، وتعطيل شبكات التجارة، وتآكل الاحتياطات النقدية'. مشيرًا إلى أن 'كل محاولات السيطرة على الجنيه ستظل محدودة مالم تُعالج الأسباب الجذرية'.
البنك الدولي: انكماش حاد ومستوى فقر صادم
في سياق متصل، كشف تقرير حديث للبنك الدولي أن الاقتصاد السوداني انكمش بنسبة إضافية بلغت 13.5% خلال عام 2024، بعد أن سجل انكماشًا بنحو الثلث في عام 2023. ووفقًا للتقرير، فإن 71% من السودانيين يعيشون الآن في فقر مدقع.
وأفاد التقرير أن الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع تمثل العقبة الأكبر أمام التعافي الاقتصادي، حيث فُقدت شبكات الإنتاج والنقل، إضافة إلى تدهور القطاع المصرفي والمؤسسات السيادية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولار كان يُتداول بنحو 570 جنيهًا فقط قبيل اندلاع الحرب، ما يعكس مدى الانهيار الذي لحق بالعملة الوطنية في غضون عامين فقط.
خاتمة: الجنيه في مسار السقوط الحر
رغم الإجراءات الحكومية والحملات الأمنية، إلا أن الجنيه السوداني لا يزال يسير في مسار 'السقوط الحر'، وسط غياب رؤية اقتصادية واضحة، واستمرار الحرب كعامل رئيسي يعطّل أي حلول جذرية.
ويبدو أن معركة إنقاذ الجنيه أصبحت مرهونة بانتهاء الحرب أولًا، واستعادة مقومات الدولة التي يمكن من خلالها بناء استقرار اقتصادي، وهي معادلة باتت بعيدة المنال في الوقت الراهن.