اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
محمد بن عبدالله الحسيني
من مميزات هذا العمل الفني الذي أنجزه خالد العنقري أنه جاء من عمق التجربة والمعايشة اليومية لروح المكان وتفاصيله المعمارية والإنسانية، إذ تم تنفيذه خلال الإقامة الفنية (المرحلة الثالثة) في قلب جدة التاريخية، وتحديدًا في رباط الخانجي الصغير، وهناك استلهم العنقري فكرة العمل.
يحمل العمل هذه المرة مسماه الواقعي «روح البلد»، كونه مصنوع من رخام طبيعي محلي على قاعدة من صخور منطقة البلد، ليعكس محاولة فنية لاختزال ملامح الحارة الحجازية القديمة في قطعة واحدة من الرخام المحلي، لتجسّد أبرز المعالم الدينية، والتاريخية، والاجتماعية في جدة القديمة.
ويظهر على الجانب الأيمن من المنحوتة منارة جامع تاريخي نُحتت مكتملة التفاصيل، تأكيدًا على أهمية الرمزية الدينية والمكانة التاريخية لهذه المعالم، وامتدادًا لجهود هيئة تطوير جدة في الحفاظ عليها.
وكما هي العادة في أعماله الفنية لا تأتي هذه المنحوتة كمجرد عمل بصري، بل شهادة نحتية تنبض بروح المكان، وتُجسد كيف يمكن للفن أن يحفظ التاريخ ويمنحه حضورًا دائمًا.
تضمّنت المنحوتة أيضاً لمحات من الطراز المعماري الفريد الذي يميز المنطقة، من الرواشين والبوابات إلى عناصر الزخرفة التقليدية، في تداخل متناغم بين التراث والتشكيل المعاصر.
أما الجانب الآخر من العمل، فيرصد ملامح التطوير وإعادة التأهيل للمباني، بأسلوب بصري يوثق التحول دون أن يفقد الذاكرة.
وفي الخلفية، تظهر لمحة رمزية من السور التاريخي الذي كان يحيط بمدينة جدة، كأنما يذكرنا بجذور المدينة وامتدادها في الزمن الممتد إلى ما لا نهاية.