اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٠ أب ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تُعد شورى أكبر جزر الوجهة وأكثرها استراتيجية، حيث صُممت لتحتضن 11 منتجعاً وفندقاً تديرها علامات ضيافة كبرى
تتحول جزيرة شورى، التي تتخذ شكلاً طبيعياً يشبه الدلفين في مياه البحر الأحمر، إلى محور رئيسي لصناعة السياحة الفاخرة في السعودية، ضمن رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
الجزيرة، التي تقع قبالة سواحل منطقة تبوك شمال غربي البلاد، باتت اليوم القلب النابض لوجهة 'البحر الأحمر'، أحد أكثر المشاريع السياحية طموحاً في العالم، حيث تجمع بين الفخامة المعمارية الفائقة والحفاظ على البيئة البكر.
وتتوسط 'شورى' أرخبيلاً يضم أكثر من 90 جزيرة، ضمن مساحة جغرافية تزيد عن 28 ألف كيلومتر مربع من السواحل، والجبال، والبراكين الخاملة والكثبان الرملية الصحراوية.
وهي تمثل نقطة الانطلاق للمشروع الضخم الذي تتولاه شركة 'البحر الأحمر الدولية'، الذي يسعى إلى جعل المنطقة نموذجاً للتنمية السياحية المتجددة، مع التزام غير مسبوق بالحفاظ على 30% من البيئة الطبيعية في صورة محمية بيئية شاسعة.
تصميم وفنادق
في عام 2017 أُعلن المشروع لأول مرة، ليكون ركيزة أساسية في جهود المملكة لتعزيز قطاع السياحة الفاخرة، وجذب استثمارات دولية ضخمة في هذا المجال.
ومنذ ذلك التاريخ بدأت الشركة المطوّرة باستقطاب شركات عالمية في مجالات التصميم والإنشاء، لضمان تحويل الجزيرة إلى وجهة منافسة لأشهر الوجهات العالمية.
وتُعد شورى أكبر جزر وجهة البحر الأحمر وأكثرها استراتيجية، حيث صُممت لتحتضن 11 منتجعاً وفندقاً تديرها علامات ضيافة كبرى، في إطار تصميم معماري مبتكر أطلق عليه اسم 'كورال بلوم'.
وتضم قائمة الفنادق مثل 'إديشن هوتلز'، و'فيرمونت'، و'رافلز'، و'إنتركونتيننتال'، و'إس إل إس'، و'جميرا'، و'ميرافال'، و'روزوود'، و'غراند حياة'.
هذا التصميم من ابتكار شركة 'فوستر + بارتنرز' البريطانية الشهيرة، ويعتمد على دمج المباني في المشهد الطبيعي للجزيرة، باستخدام مواد صديقة للبيئة، وأشكال معمارية تنسجم مع طبيعة الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف المحيطة بها.
تقدم كبير
في أغسطس 2024، كشفت شركة 'البحر الأحمر الدولية' عن تقدم كبير في أعمال الإنشاءات، بما في ذلك بدء تنسيق المسطحات الخضراء.
الشركة نشرت مقطع فيديو عبر منصتها الرسمية على 'إكس' يُظهر تفاصيل جديدة للمشروع، مؤكدة أن الجزيرة ستفتتح أول فنادقها ومنتجعاتها في عام 2025.
وقال أحمد غازي درويش، كبير الإداريين والمتحدث باسم الشركة: إن 'العمل متواصل على جزيرة شورى والإنجاز مستمر لافتتاح كثير من المنتجعات العام المقبل'.
وستوفر الجزيرة مرافق عالمية تشمل ملاعب غولف من تصميم برايان كورلي، ومرسى لليخوت، ومراكز للغوص والاستجمام، فضلاً عن مساحات عامة للأنشطة الثقافية والترفيهية.
جون باغانو، الرئيس التنفيذي لمجموعة البحر الأحمر الدولية، أكد لصحيفة 'الاقتصادية' السعودية أن 'شورى' ستبدأ هذا العام باستقبال السياح عبر 11 منتجعاً تديرها شركات ضيافة عالمية، مضيفاً أنها ستكون القلب النابض للمشروع الأوسع الذي يشمل أيضاً مشروع 'أمالا'، المتخصص في الاستجمام، والمتوقع افتتاحه نهاية 2025.
بنية تحتية
الجزيرة ترتبط بالبر عبر جسر مائي بطول 1.2 كيلومتر، وهو الأطول من نوعه في السعودية، ضمن معبر يبلغ طوله الإجمالي 3.3 كيلومترات، حيث نفذت الجسر شركة 'أركيرودون' اليونانية، ليكون شريان العبور الرئيسي إلى 'شورى'، ويوفر وصولاً سلساً للزوار من البر الرئيسي.
أما مطار البحر الأحمر الدولي، القريب من الجزيرة، فقد بدأ بالفعل استقبال الرحلات الداخلية والتجارية المحدودة، حيث افتتحت رسمياً، في يوليو الماضي، الصالة الرئيسية لتكون المركز الجديد للرحلات الداخلية، وبدأت جميع الرحلات من وإلى الرياض، وجدة، والدمام في الانطلاق منها.
تمت مشاركة منشور بواسطة المشاريع السعودية (@saudiprojectsa)
وكانت الشركة قد دشنت، في أكتوبر 2023، المرحلة الأولى من المشروع، بافتتاح ثلاثة منتجعات رئيسية هي 'ريتز كارلتون'، و'سيكس سنسز'، و'سانت ريجيس'.
كما أطلقت رحلات بحرية وجوية تجريبية لتشغيل الوجهة تدريجياً، في وقت تتوسع فيه المنشآت الفندقية والأنشطة الترفيهية بوتيرة متسارعة.
بيئة وحياة
تضم شورى نطاقاً بيئياً فريداً، إذ تقع ضمن الحيد المرجاني الرابع الأكبر في العالم، الذي يحتوي على أنواع متعددة من الشعاب المرجانية السليمة.
كما تحتضن بيئة المانغروف الغنية التي توفر موطناً طبيعياً لعدد من الكائنات المهددة بالانقراض، مثل السلاحف الخضراء وصقر البحر.
وتؤكد الشركة أن كل خطط التطوير تأخذ في الاعتبار الحفاظ على هذا التنوع البيولوجي، مع تصميم المنتجعات والفنادق بطريقة تقلل من الأثر البيئي وتضمن بقاء الشعاب المرجانية في حالتها الطبيعية.
ولا تقتصر الوجهة على الجزيرة وحدها، بل تشمل أيضاً معالم طبيعية وتاريخية على اليابسة القريبة، حيث يمكن للزوار استكشاف البراكين الخاملة، والجبال المطلة على البحر، إلى جانب مواقع تراثية وثقافية، حيث يمنح هذا التنوع تجربة متكاملة تجمع بين الفخامة الفندقية والمغامرة البيئية والثقافية في آن معاً.
منذ انطلاق المشروع أكدت الشركة التزامها بالحفاظ على 30% من البيئة الطبيعية ضمن محمية بيئية شاسعة، كما وضعت معايير صارمة لتقليل الأثر الكربوني، بالاعتماد على الطاقة المتجددة وإعادة تدوير المياه، فضلاً عن تحديد سعة استيعابية للزوار تضمن استدامة الموارد الطبيعية على المدى الطويل.
رؤية ومستقبل
وتمثل جزيرة شورى نقطة تحول في مسار السياحة السعودية، فمنذ إعلانها في 2017، جرى العمل على جعلها مركزاً يستقطب شركات الضيافة العالمية، ونموذجاً للتنمية المستدامة في قطاع يتهم غالباً بالتأثير السلبي على البيئة.
وبحسب الشركة المطورة، فإن كل خطوة في الإنشاءات تخضع لمعايير عالمية للحفاظ على الطبيعة والتنوع البيئي.
المشروع يعد أحد أضخم استثمارات السياحة البيئية في العالم، ويشكل جزءاً من استراتيجية السعودية الأوسع لتنويع مصادر الدخل الوطني، فبينما تعتمد البلاد تاريخياً على صادرات النفط، تسعى من خلال رؤية 2030 إلى جعل السياحة أحد أعمدة الاقتصاد، مستفيدة من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية البكر.
وبذلك تمثل شورى بوابة جديدة لوجهة البحر الأحمر، التي تراهن على جذب ملايين السياح خلال العقد المقبل، في ظل توقعات بأن تسهم بأكثر من 22 مليار ريال سعودي (نحو 5.8 مليارات دولار) في الناتج المحلي الإجمالي سنوياً عند اكتمالها.
ومع تسارع الإنشاءات، تبقى الأنظار موجهة إلى العام 2025، حيث من المقرر أن تفتتح الجزيرة معظم منتجعاتها ومرافقها، لتتحول من جزيرة بكر لم يطأها إلا القليل، إلى عنوان عالمي للفخامة البيئية.
وبين الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف، والجسر المائي والمطار الدولي، تبدو جزيرة شورى مهيأة لتكتب فصلاً جديداً في مسيرة السياحة المتجددة، ليس فقط في السعودية، بل في المنطقة والعالم.










































