اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٨ كانون الأول ٢٠٢٥
د. علي الخشيبان
كتاب ما قبل الرؤية الذين كانوا ينادون بأفكارهم ويسعون لتعزيزها وإثباتها لم يعد لديهم اليوم ذات الفرصة، فالمجتمع تجاوز الجميع؛ لأن متطلبات الرؤية السعودية تتمثل في تعزيز فكرة الإنسان السعودي وبنائه وتسويقه عالميًا كإنسان مكتمل العناصر يحمل قيمه وهويته العربية والإسلامية ويعتز بوطنه بعيدًا عن وصفه أنه يعاني من مشكلات أيديولوجية أو صراع فكري يعجز عن تجاوزه..
انطلقت الأسئلة حول هذه القضية لمناقشة تلك المساحات الفكرية في المجتمع ومن خارجه والتي ما زالت تحمل ذات الأفكار وذات الطريقة الماضية عند مناقشة قضايا المجتمع، بينما الفرضية الصحيحة المطلوبة هي الانتقال إلى مرحلة رؤية 2030 بدلا من الوقوف في زمن تم تجاوزه بشكل كبير من خلال تلك التحولات التي أحدثتها رؤية الممكلة والتي أشاد بها العالم من حولنا، ومن هنا جاء السؤال على شكل استفهام عميق: هل الكتاب وحتى الإعلاميين الذين وجدوا في مرحلة التيارات المتضادة أو ما يسمى زمن الصحوة وناقشوا تأثيراتها المجتمعية أيديولوجياً مؤهلون اليوم للتعاطي مع زمن الرؤية الذي من المفترض أن ينقلنا بعيدا نحو سردية جديدة تعيد تعريفنا كمجتمع قادر على الانفتاح نحو العالم بلا توقف؟
لقد مارس كتاب ما قبل الرؤية وخاصة أولئك الذين تمتلئ كتاباتهم بمناقشة مصطلحات الأيديولوجيا والصحوة والأفكار المجتمعية الكثير من المسارات الفكرية التي كانت صالحة في زمنها عندما كان من المقبول أن يرى المجتمع نفسه وحيدا وفي إطار جغرافي واجتماعي محاط بالكثير من المعوقات الفكرية، اليوم وبسبب رؤية 2030 المجتمع مختلف؛ فهو يرى نفسه جزءا من نسيج عالمي يؤثر ويتأثر بمن حوله، فالرؤية ليست مشروعات اقتصادية فقط؛ الرؤية مشروع ثقافي واجتماعي وفكري ينقلنا من حصار المجتمع وانحساره في إطار جغرافي محدود إلى مرحلة التفاعل السلس مع الآخرين بما يخدم التعريف الجديد الذي قدمته رؤية 2030 للمجتمع وأفراده بعيدا عن حصارهم في مفاهيم متضادة ومتصارعة اُستخدمت فيها خيارات صارخة (صحوي وليبرالي أو منفتح ومنغلق).
قبل الرؤية كان المجتمع بكل تناقضاته يدار عبر توازنات اقتضتها تلك المرحلة، وكانت تلك البيئة صالحة لأولئك الكتاب أصحاب الأيديولوجيات والتوجهات، خاصة أولئك الكتاب الذين تميزوا أنهم حملوا الكتابة ضد تيارات كانت موجودة في زمن مضى، اليوم المجتمع بحاجة إلى من يتناول قضاياه وهمومه وهو مليء بالعاطفة، ومحمل بالقيم، ومشحون بالولاء لصالح النموذج السعودي الذي تسعى رؤية 2030 إلى خلقه إنسانا عالميا يحمل قيما محددة تنطلق من القواعد التي بني عليها هذا المجتمع، ففي زمن الرؤية لم يعد مقبولا ربط مصالح المجتمع المستقلة بأي أفكار أو مصالح قوى عالمية أو أيديولوجيات.. زمن الرؤية يتطلب كتابة يمكن لجميع أفراد المجتمع فهمها وتعاطيها، فلم يعد المجتمع مستعدا لقبول تلك الأفكار التي لا تنطبق على المجتمع السعودي أو تكتب عنه من الخارج، المجتمع يؤمن أن الرؤية السعودية هي التي منحته الفرصة لكي يعيد ترتيب قيمه وفق معطيات هذا الوطن الذي يتميز أنه قلب الأمة العربية، وقلب الأمة الاسلامية، ولاعب رئيس في المسارات الإقليمية والدولية، الرؤية صنعت من هذا المجتمع مثالا يحمل قيمه الوطنية وولاءه عبر تعريف الإنسان السعودي الذي يحافظ على مكتسباته وقيمه التي وجد في وسطها ويحافظ على مكوناته المجتمعية والأسرية.
الرؤية السعودية سوف تظل منطلقا لمصالح الوطن وتغيير المجتمع وتعزيز المبادئ والقيم الإسلامية والعربية الأصيلة التي بُني عليها هذا المجتمع من ثلاثة قرون وسوف يستمر عليها، الرؤية ليست سلماً للصعود وتحقيق أي مصالح سوى مصلحة المجتمع وبناء الإنسان السعودي الذي يحلق في سماء العالم ليقدم له تجربته الفكرية والثقافية والقيمية، كتاب زمن الرؤية لا بد أن يكونوا نموذجا جديدا مختلفا عن حراس الأفكار الذين يرون في المجتمع أنه متوقف في زمن ماضٍ، المجتمع السعودي اليوم تجاوز فكرة الصراع بين التيارات والمتضادين وانتقل إلى مرحلة بناء الإنسان السعودي المتحرر من التبعية المصطنعة إلى الولاء والاندماج في تحقيق الإنجازات وتجاوز المراحل نحو العالمية.
المجتمع السعودي في زمن الرؤية لم يعد جزءا من صراع فكري تقوده كتابات ترى أن المجتمع في خطر في مقابل مؤدلج يتشبث بأفكاره، المجتمع السعودي تجاوز هذه المرحلة بفعل تأثير رؤية 2030 التي خلقت جيلاً لا يرى في التغيير وسلية لتحقيق المصالح؛ بل يرى في التغيير وسلية للتطور وتحقيق الإنجازات الكبرى لمجتمعه، وهذ يعني ضرورة بناء وتشجيع جيل جديد من الكتاب يعيشون في المجتمع ويتنفسون تحولاته وأفكاره ولا يتناولونه وهم يعيشون خارج أروقته ولا يشعرون بما فيه وكيفية تطوره.
الرسالة الواضحة تقول إن كتاب ما قبل الرؤية الذين كانوا ينادون بأفكارهم ويسعون لتعزيزها وإثباتها لم يعد لديهم اليوم ذات الفرصة، فالمجتمع تجاوز الجميع؛ لأن متطلبات الرؤية السعودية تتمثل في تعزيز فكرة الإنسان السعودي وبنائه وتسويقه عالميا كإنسان مكتمل العناصر يحمل قيمه وهويته العربية والإسلامية ويعتز بوطنه بعيدا عن وصفه انه يعاني من مشكلات أيديولوجية أو صراع فكري يعجز عن تجاوزه.










































