اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٧ حزيران ٢٠٢٥
اعتبر عبد الفتاح الزين، منسق الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، أن موقف الهيئة الرافض لاستقبال أي مشارك إسرائيلي في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، المرتقب تنظيمه بالرباط من 6 إلى 11 يوليوز 2025، هو قرار نابع من التزام أخلاقي وقيمي يعكس ثوابت الدولة المغربية، وعلى رأسها رفض المس بحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال الزين، في تصريح خص به جريدة 'العمق'، إن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، بصفتها الطرف المستضيف للمنتدى وليست الجهة المنظمة الرسمية، شددت منذ البداية على أن 'كل من يعادي الشعب الفلسطيني لا يمكن أن نستقبله'، مبرزا أن الهيئة لا تخشى مناقشة الأفكار أو مقارعة الحجة بالحجة، مضيفا أن 'للمغرب ثوابت يجب احترامها، وقيم لا يمكن التنازل عنها، وفي مقدمتها الدفاع عن الشعب الفلسطيني'.
ومساء اليوم الخميس، أعلنت الهيئة المغربية للسوسيولوجيا عن رفضها استقبال أي مشارك إسرائيلي في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، تحت إشراف الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA)، بشراكة مع جامعة محمد الخامس، وتحت الرعاية الملكية للملك محمد السادس، وذلك في ظل تصاعد موجة الرفض والمقاطعة ضد مشاركة أكثر من 30 أكاديميًا وباحثًا من جامعات إسرائيلية في هذا المنتدى العالمي.
وفي هذا الصدد، أوضح عبد الفتاح الزين، أن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا كانت تتابع منذ البداية قضية مشاركة الإسرائيليين في المنتدى، ونبهت إلى ضرورة احترام أخلاق الضيافة المغربية، وقيم الدولة التي لا تقبل استقبال من يعادي مواقفها، سواء ما يخص فلسطين أو الوحدة الترابية، وفق تعبيره.
وأضاف أن تنظيم هذا المنتدى العالمي يتم من قبل الجمعية الدولية للسوسيولوجيا (ISA)، بينما تتولى الهيئة المغربية دور الاستضافة والمواكبة، مذكرا بأن هذا الحدث الذي يُنظم كل سنتين، يُعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي تمثيل للدول العربية فيه، باستثناء المغرب.
وأوضح أن الجمعية الدولية قامت بتعميم بلاغ الهيئة المغربية للسوسيولوجيا على المشاركين، بمن فيهم الإسرائيليون، وأن بلاغ الهيئة كان واضحا في رفض التأكيد على أن لا مكان في المنتدى لمن يمس حقوق الشعب الفلسطيني أو يسيء لمواقف وثوابت المغرب.
واعتبر الزين أن الدولة المغربية بدورها 'لا يمكن أن تمنح تأشيرة دخول لأي شخص يعادي مواقفها السيادية'، مشددا على أن موقف الهيئة 'لا ينبني على الشعبوية أو المزايدة، بل على التماهي مع توجهات الدولة المغربية، والحرص على سمعة المغرب ومكانته الدولية'.
إقرأ أيضا: “إبادة غزة” تدفع الهيئة المغربية للسوسيولوجيا لرفض استقبال الإسرائيليين في المنتدى العالمي بالرباط
وأشار إلى أن قرار الجمعية الدولية باختيار المغرب جاء بعد مجهود دبلوماسي وأكاديمي مكثف قادته الهيئة وشركاؤها، بدعم من ساري حنفي، الرئيس السابق للجمعية الدولية، وهو أكاديمي فلسطيني معروف، حيث جرى التصويت على احتضان المغرب للنسخة الخامسة من المنتدى، وسط معايير صارمة.
وأضاف أن الهيئة كانت حريصة منذ البداية على أن لا يتم استغلال المنتدى للتشويش على إشعاع المدرسة المغربية في علم الاجتماع، موضحا أن الهدف من استضافة المنتدى هو 'تسليط الضوء على التنوع والغنى الذي تتميز به السوسيولوجيا المغربية، ومنحها مكانتها المستحقة دوليا، تحت مظلة العلم والمعرفة'.
وفي معرض حديثه عن المنتدى، أبرز الزين أنه سيكون أكبر تظاهرة أكاديمية في تاريخ علم الاجتماع، إذ من المرتقب أن يشارك فيه 4500 باحث وأكاديمي من أكثر من 100 دولة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المنتدى.
وقال إن الهيئة كانت تأمل ألا تُضطر إلى إصدار هذا البلاغ، لو بقي النقاش داخليا حول تفاصيل التنظيم، لكنه تحول إلى قضية رأي عام، مضيفا: 'هناك من يستغلون هذه اللحظة للتشويش على المغرب، وهم من المغرضون والمزايدون الذين لا يعجبهم ما يحققه الأساتذة المغاربة من حضور دولي واعتراف علمي'.
وتابع قوله أن هذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها مثل هذا النقاش، 'فقد شهد مونديال قطر 2022 نقاشا مماثلا حول القيم بين الغرب والعالم العربي'، مؤكدا أن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا حرصت على أن تكون الفعالية منسجمة مع ثقافة البلد المضيف، مردفا 'نحن لا نمارس السياسة، بل نحن باحثون وأكاديميون، لكننا نشتغل داخل إطار أخلاقي يحترم قيم وثوابت المغرب'.
وشدد على أن الهيئة تريد، من خلال هذا المنتدى، 'أن تُعيد وهج المدرسة المغربية في علم الاجتماع، وتحافظ على إشعاعها العلمي، وتُبرز صوت المغرب الأكاديمي على المستوى الدولي'.
يُشار إلى أن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، قالت في بلاغ لها، تتوفر جريدة 'العمق' على نسخة منه، إن 'الممارسات الهمجية المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي تتوخى منها السلطات الإسرائيلية إبادة مادية ومعنوية للوجود الفلسطيني، تدفعنا في الهيئة المغربية للسوسيولوجيا إلى عدم الترحيب بأي منتم لهذا الكيان الغاصب ولو ضمن أنشطة علمية وأكاديمية، احتراما للالتزامات الوطنية في هذا الصدد، ولمشاعر المغاربة وصونا للروابط التي تجمعنا مع مكونات المنطقة التي ننتمي إليها، وهذا ما أبلغناه بالحرف لهؤلاء الباحثين المعنيين وللجمعية الدولية للسوسيولوجيا'.
وأضافت الهيئة في بلاغها الصادر مساء اليوم الخميس، أن 'الاحتكام إلى الأخلاقيات الأكاديمية التي تقوم عليها قوانين الجمعية الدولية للسوسيولوجيا، ضروري وواجب فيما يتعلق باحترام المواثيق الدولية والقرارات ذات الصلة، خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية خلال انتقاء المشاركات وبرمجتها'، مشددة على أن احترامها لالتزاماتها تجاه الجمعية الدولية للسوسيولوجيا، منذ تقديم ترشيحها والترافع حول ملفها فيما يتعلق باحتضان المنتدى الخامس للسوسيولوجيا، لا يجعلها تقبل أي ترويج لأي سردية تمس بحقوق الشعب الفلسطينين وفق تعبيرها.
إقرأ أيضا: باحثون مغاربة وأجانب ينسحبون من منتدى عالمي بالرباط رفضا للتطبيع الأكاديمي مع إسرائيل
هذا التطور اللافت يأتي في ظل تصاعد موجة الرفض والمقاطعة ضد مشاركة أكثر من 30 أكاديميًا وباحثًا من جامعات إسرائيلية في المنتدى العالمي للسوسيولوجيا بالمغرب، من بينها الجامعة العبرية، وجامعة تل أبيب، وبن غوريون، وبار إيلان، والجامعة المفتوحة، وهي مؤسسات تُصنفها حركة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) ضمن الكيانات المتورطة في دعم الاحتلال والفصل العنصري، بل وتُساهم في تطوير عقائد عسكرية إسرائيلية مثل 'عقيدة الضاحية'، وتحتضن قواعد تدريب عسكري داخل حرمها الجامعي.
وقد أعلن عدد من الباحثين المغاربة والأجانب عن مقاطعتهم للمنتدى، احتجاجا على ما اعتبروه 'تطبيعا أكاديميا مرفوضا'، على رأسهم الدكتور عصام الرجواني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، الذي وصف المشاركة الإسرائيلية بأنها 'تبييض للإبادة الجماعية في غزة'، داعيا كافة علماء الاجتماع المغاربة والدوليين إلى الضغط من أجل سحب مشاركة الوفد الإسرائيلي.
كما أعلنت الباحثة مروة ناجي من جامعة 'جانت' البلجيكية، انسحابها الرسمي رغم قبول ورقتها البحثية، معتبرة أن المؤتمرات العلمية 'لا يجب أن تُستخدم لتبرير وجود كيان استعماري قاتل'، وأن المشاركة في المنتدى في ظل وجود مؤسسات إسرائيلية تشكل 'خيانة علمية وأخلاقية'، خصوصا في الوقت الذي يخوض فيه الاحتلال حربا دموية ضد الفلسطينيين في غزة، مشيرة إلى انسحاب عدد من زملائها ببلجيكا من هذا المنتدى.
وبالعودة إلى بلاغ الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، فقد شددت على إدانتها لـ'الهجوم الإسرائيلي على كل مقومات الشعب الفلسطيني، وتندد بكل أشكال الإبادة الممارسة ضد حقه في الوجود ضمن وطن مستقل يمارس فوق ترابه سيادته ويعيش كرامته'، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة بوقف هذه الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، وضمان حقوقه المشروعة خدمة للسلم العالمي والإقليمي.
وأشارت الهيئة إلى أنها المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا تتحمل فيه الجمعية الدولية للسوسيولوجيا مسؤولية فعالياته العلمية، مشيرة إلى أن الجانب المغربي قام بالتنسيق والتنبيه فيما يتعلق باحترام آداب الضيافة والقوانين العامة والمواقف الرسمية للمغرب، وفق ما هو معمول به في اللقاءات الدولية من هذا النوع والمستوى.
وتابع البلاغ ذاته: 'ومع ذلك، ومنذ انطلاق سيرورة التحضير، عبرت الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، سواء من خلال هياكلها أو بشكل فردي لأعضائها، بأن استضافتها للمنتدى لا تتحقق إلا بضرورة احترام القيم المغربية والمواقف المرتبطة بها، وخاصة ما تعلق بالقضايا الحيوية للمغرب وذات الصلة، والتي تنخرط الهيئة المغربية للسوسيولوجيا في الترافع الأكاديمي حولها وفق ما تمليه المصلحة الوطنية والدولية للمملكة المغربية'.
وكانت 'الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)'، قد هددت بمقاطعة المنتدى المذكور، معتبرة أن السماح بتمثيل مؤسسات إسرائيلية في مؤتمر يُعقد على أرض عربية يشكل خرقا لمعايير المقاطعة الأكاديمية ومبادئ مناهضة التطبيع في العالم العربي، ويمثل 'تواطؤا أكاديميا خطيرا مع نظام يمارس الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة'.
ودعت حملة 'PACBI' في ندائها، جامعة محمد الخامس، الجهة المضيفة للمنتدى، إلى احترام نداء المقاطعة الفلسطيني، والاصطفاف إلى جانب القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، محمّلة الجامعة 'كامل المسؤولية الأخلاقية والعلمية عن تبييض الاحتلال عبر هذا المنتدى'.
كما لوّحت الحملة بالدعوة إلى مقاطعة شاملة للمنتدى من طرف الأكاديميين الفلسطينيين والعرب والدوليين، في حال لم تُلغ الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) مشاركة المؤسسات الإسرائيلية، والتي تُعد، حسب البيان، 'جزءا بنيويا من منظومة الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي'.
واعتبرت الحملة أن 'سعي الأكاديميين الإسرائيليين إلى إقامة علاقات مع العالم العربي محاولة لفرض تطبيع مغشوش، يتم من خلاله تقديم إسرائيل ومؤسساتها كأنها جزء طبيعي من المنطقة، وهو ما يسهم في استعمار العقول عبر وهم التماثل بين الجلاد والضحية، ويقوّض نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر والعدالة'.
يُشار إلى أن هذا الحدث الدولي يُنظم بشراكة بين الجمعية الدولية للسوسيولوجيا وجامعة محمد الخامس بالرباط والهيئة المغربية للسوسيولوجيا، حيث أعلن المنظمون في بلاغ سابق أن هذه الدورة، التي تحمل شعار 'معرفة العدالة في الأنثروبوسين'، ستجمع أكثر من 4500 باحث من حوالي 100 دولة لمناقشة تحديات العالم المعاصر.
ومن المقرر أن يُقام حفل افتتاح المنتدى بالمسرح الوطني محمد الخامس، فيما ستُعقد الجلسات الأكاديمية بكلية علوم التربية وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة العرفان، بينما سيحتضن الحفل الختامي المدرسة المحمدية للمهندسين. كما يشهد المنتدى لأول مرة تنظيم مهرجان للفيلم السوسيولوجي، سيُقام في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.