اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٩ أيار ٢٠٢٥
قال رئيس الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، رشيد بنعلي، إن جدل دعم استيراد المواشي واللحوم 'مزايدات تعمل على شيطنة القطاع الفلاحي والفلاحين'، مسجلا أن 1300 مليار سنتيم التي روجها البعض لا تعدو أن تكون رسوما جمركية تحملتها ميزانية الدولة ولم يستفد منها لا المستوردون ولا الفلاحون.
وأشار بنعلي، خلال ندوة صحفية نظمتها 'كومادير' اليوم الخميس 28 ماي 2025 بسلا، إلى أن 'موضوع استيراد المواشي واللحوم الحمراء لا يمس الفلاح بشكل مباشر'، مبرزا أن 'الدولة كانت تفرض رسوما جمركية تصل إلى 200 في المئة على استيراد اللحوم الحية والمذبوحة، وهي النسبة التي حالت دون دخول هذه المنتجات إلى السوق المغربية'.
وأضاف أنه مع ظروف الجفاف وتداعيات جائحة كورونا، واجه الفلاح ضغطا كبيرا بسبب غياب المراعي وندرة الموارد المالية، ما اضطره إلى بيع جزء من القطيع، مبرزا أن هذا الوضع أدى إلى تقليص عدد رؤوس الأغنام المعدة للعيد إلى ما بين 5 و5.5 ملايين رأس، مع تسجيل ضغط متزايد على الإناث، الأمر الذي تسبب سنة بعد سنة في تراجع القطيع الوطني بشكل ملحوظ.
أمام هذا الوضع، لفت بنعلي إلى أن الفلاحين طالبوا بالسماح باستيراد اللحوم من الخارج بهدف الحفاظ على القطيع الوطني، خاصة من الإناث، مشددا على أنه 'لا يمكن الحديث عن استيراد اللحوم مع الإبقاء على رسوم جمركية بنسبة 200 في المئة'.
ومضى مستطردا: 'بعملية حسابية بسيطة، إذا اعتبرنا أن ثمن بقرة هو 2 مليون سنتيم، فإن فرض 200 في المئة من الرسوم الجمركية، إضافة إلى 20 في المئة من الضريبة على القيمة المضافة، سيرفع الثمن الإجمالي للبقرة إلى حوالي 7 ملايين سنتيم، أي ما يعادل 300 درهم للكيلوغرام الواحد، وهو سعر غير منطقي ولا يمكن للعقل أو السوق أن يتقبله'.
واعتبر المتحدث أن 'الحل الوحيد كان يتمثل في حذف الرسوم الجمركية، إما عبر قانون المالية، أو عبر تحمل الدولة لتلك الرسوم من ميزانيتها. وهذا هو الإطار الذي تندرج فيه العملية التي تم الحديث عنها بقيمة 13 مليار درهم'.
وأوضح رئيس 'كومادير' أنه 'إذا قارنا الوضع برسوم استيراد السيارات، فإن السيارة التي يبلغ ثمنها 100 مليون سنتيم تؤدي رسوما في حدود 2 مليون سنتيم، بينما تفرض على بقرة واحدة رسوم قد تصل إلى 5 ملايين سنتيم، وهو أمر غير معقول'.
وتأسف بنعلي من أن هناك أطرافا تسعى إلى استغلال الفلاح وقطاع الفلاحة في تصفية حسابات سياسية، بعيدا عن الاعتبارات الاقتصادية الحقيقية، مضيفا بقوله: 'كفى من الضغط على الفلاح. يتحمل الفلاح المغربي، خصوصا الصغير والمتوسط، عبئا ثقيلا نتيجة الجفاف وارتفاع أسعار المدخلات وتقلب الأسواق وعبء الديون المترتبة عن القروض البنكية'.
وفي سياق متصل، شدد على أن الاستمرار في تحميل الفلاح المغربي مسؤولية اختلالات خارجة عن إرادته كتعدد الوسطاء والمضاربين لا يخدم لا القطاع ولا الأمن الغذائي، مضيفا أنه ينبغي التركيز على تنظيم قنوات التوزيع والتسويق لتقليص الوسطاء والمضاربين، وتعزيز وتقوية مسالك التوزيع القصيرة لضمان تحقيق قيمة مضافة أفضل للمنتجات الفلاحية.
وأردف بقوله: 'كفى من إعطاء تحاليل ومعطيات مغلوطة. إننا نسجل، بكل أسف، استمرار ترويج تحاليل غير دقيقة أو جزئية، تحمل القطاع الفلاحي مسؤوليات لا أساس لها من الصحة، وتتجاهل السياقات المعقدة التي يشتغل فيها الفلاح، دون الاعتماد على معطيات علمية دقيقة ومقاربات واقعية ومنصفة تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات المنظومة الفلاحية'.
وأكد على ضرورة 'تصحيح عدد من المعطيات المغلوطة التي يتم تداولها بخصوص مواضيع حساسة تمس صورة القطاع الفلاحي ومجهودات الفلاحين، وفي مقدمتها مسألة حجم الدعم المالي العمومي'. فمن الضروري، يقول بنعلي، 'التوضيح أن هذا الدعم، رغم أهميته، لا يغطي سوى جزء محدود من التكاليف الحقيقية التي تحملها الفلاحون، خاصة في ظل الأزمات المتتالية، بدءا من تداعيات جائحة كوفيد 19، مرورا بانعكاسات التوترات الجيوسياسية الدولية، وصولا إلى توالي سنوات الجفاف'.
وأوضح أن توزيع هذا الدعم يتم وفق معايير واضحة ويخضع لمراقبة المؤسسات المختصة، ويستفيد منه جميع الفاعلين حسب طبيعة أنشطتهم وحجم استثماراتهم.