اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٩ تموز ٢٠٢٥
يحتفل الأمازيغ، بأول أيام طقس 'لْعْنْصْرْتْ'ⵍⵄⵏⵚⵔⵜ، في السابع من يوليوز كل صيف، الموافق للرابع والعشرون من 'بولعنصرت' في التقويم الفلاحي، والذي يمتد لأيام، احتفاء بالموسم الجديد للحصاد.
ويتم خلال ذلك اليوم إشعال النار في النباتات المختلفة واستعماله كبخور أو دخان 'ⴰⴳⴳⵓ' للتطهير والتعقيم، وتسمى هذه العملية بـ'أسعْنْصَر'ْⴰⵙⵄⵏⵚⵔ، وذلك لجلب البركة واتقاء الشرور والعين، ولطرد الحشرات الضارة والذباب من الغلة والأشجار والماشية، استعدادا لموسم فلاحي مثمر ومبارك.
تختلف التقاليد والطقوس المعتمدة في 'لعنصرت'، من منطقة إلى أخرى، وبها أيضا تختلف النباتات المستعملة في أبخرة أو دخان 'أݣݣو' ن 'أعنصر'، ولكن بشكل عام يتم إحراق مختلف أوراق الأشجار والنباتات بأنواعها، مثل: السدر، والحرمل (هي النبتة الأساسية.
وتتميز فترة 'لعنصرت'، باشتداد الحرارة، وبهبوب رياح ساخنة وغبار كثيف، وسماء ملبدة قاتمة، تثير ضيقا في الصدر، وإنهاكا جسديا. فيشرع الفلاحون في تبخير محاصيلهم في 'ⵓⵔⵜⴰⵏ' الحقول والضيعات، بالدخان السالف الذكر، لطرد الحشرات والطفيليات الضارة، وكذلك بالنسبة للماشية، قصد التنعم بالخيرات والبركة في السنة المقبلة. ويتم إطلاق البخور في المنازل لاستنشاقه قصد العلاج والوقاية من الأمراض.
وبحسب تصريحات متفرقة لفلاحين بمنطقة 'تاديغوست'، بإقليم الراشيدية لجريدة 'العمق'، فهذا الطقس مهم، حيث يتم تبخير الثمار بدخان الحرمل، هذا الأخير يتم جمعه باكرا من طرف النساء، وتبرز أهميته في قدرته على تعقيمها وتطهيرها، من قبيل: البلح، والرمان، والعنب قبل نضوجها وقطفها، وكذلك بالنسبة لخلية النحل، وللمواشي، والمنازل قصد التخلص من الحشرات الضارة والجراثيم، وغيرها…وللحصول على غلة وفيرة، وناضجة.
كما يتم حسب نفس المصادر ذاته، إعداد البصارة 'ⵜⴰⵍⵅⵛⴰ' من الفول، ووضع الحناء على الشعر، ممزوجا بحبات العنب، والرمان، والبلح.
في هذا الإطار، أشار أولخور لحسن وهو كساب وفاعل مدني مهتم بالرحل بجماعة تلمي نواحي إقليم تنغير، إلى تفاصيل طقس 'لعنصرت' عند الرُّحل، إذ أوضح في حديث مع 'العمق'، أنه نهار لعنصرت يأخذون معهم الحليب، والزبدة، والشاي، واللبن، وأبادير أو تراخساست (نوع من الخبز)، والماء بكثرة، ويجتمعون في مكان واحد، فيخلطون كل شيء قصد جلب البركة، ومضاعفة الخيرات. وأضاف بحسرة 'ولكن دابا كولشي مشا' بحيث لم يعد هذا الطقس كما كان في السابق.
وأردف نفس المتحدث قائلا: 'يمنع في اليوم الأول من لعنصرت على الماشية الشرب، شارحا أنه لا يُعرف الوقت المحدد من اليوم الأول، الذي فيه تعم البركة والخير بعد روي الماشية حسب الأسطورة، ولتجنب حصول العكس، تمنع الماشية من الشرب في اليوم كله'.
وتصف لبنى شفيق، وهي طالبة من إقليم خنيفرة، طقس 'ثعانصرث' المتجذر في منطقتها، حيث يجمع سكان القرية أوراق سبع أشجار مختلفة ويحرقونها قبل شروق الشمس لجلب البركة، مضيفة أن الأطفال يتجمعون حول الدخان المتصاعد لاستنشاقه، اعتقادا بأنه ينقي الأفكار ويبعد الشر، ويستخدم تعبير 'إيسورثعنصيرث' لممازحة من يفوته الطقس ويسلك سلوكا غير لائق.
ويُعد طقس 'لعنصرت' عيدا فلاحيا ومهرجانا صيفيا لدى القبائل الأمازيغية، يحتفون به بالأرض وجودتها. ورغم استمرار الاحتفاء بهذا التقليد العريق، فإنه يواجه تحديات للبقاء، على غرار العديد من العادات والتقاليد القديمة.