اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤
تناول تقرير خاص أصدرته شركة ABK Capital، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي الكويتي، مستجدات الاقتصاد الصيني الذي كان في دائرة الضوء خلال الآونة الأخيرة، عقب إعلان سلسلة من الإجراءات التحفيزية الهادفة لتنشيط النمو الاقتصادي في البلاد، لافتا الى انه منذ عام 2017، واجه الاقتصاد الصيني تباطؤاً في وتيرة نموه، نتيجة التأثيرات المركبة للتوترات التجارية والسياسية العالمية، إضافةً إلى فقاعة سوق العقارات وارتفاع معدلات البطالة. وقد أثارت الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة بعض الآمال بانتعاش اقتصادي على المدى القريب، رغم أن الاقتصاد لا يزال بحاجة إلى إصلاحات هيكلية لضمان آفاق نمو مستدام على المدى البعيد.
أشار التقرير إلى أن الاقتصاد الصيني، قبل تطبيق إصلاحات السوق والانفتاح التجاري في الثمانينيات، كان شبه منعزل عن الاقتصاد العالمي. لكن منذ تخفيف القيود عن التجارة والاستثمار الأجنبي عام 1980، برزت الصين كأحد الاقتصادات الأسرع نمواً عالمياً، بمتوسط نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ %9.6 في الفترة من 1980 إلى 2017.
وتابع: كما أدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى استقطاب تقنيات حديثة، أسهمت تدريجياً في تقارب المستوى التكنولوجي للصين مع الاقتصادات المتقدمة.
توترات تجارية
لفت تقرير ABK Capital إلى أن النمو الاقتصادي الصيني شهد تباطؤاً منذ عام 2017، تحت تأثير تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، والخلافات الجيوسياسية حول تايوان، وأزمة قطاع العقارات، وتراجع جاذبية الصين كمركز تصنيع عالمي، إضافةً إلى تبعات جائحة كوفيد 19. وباستثناء التعافي المؤقت الذي أعقب الجائحة في عام 2021، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل ملحوظ، وسلكت صادرات السلع والخدمات المنحى نفسه. تواجه الصين اليوم تحديات داخلية وخارجية متعددة تؤثر في مسار نموها وديناميكيات تجارتها، مما يبرز الحاجة إلى تبني سياسات مستدامة لدعم النمو.
ونوّه التقرير إلى أن تحول الصين في استراتيجيتها الاقتصادية وتبنيها للتكنولوجيا الجديدة أدى إلى تراجع مفاجئ في استهلاكها للنفط، مما يترك آثاراً عميقة في اقتصادات دول الخليج. لسنوات، كانت الصين تشكل ركيزة أساسية في نمو الطلب العالمي على النفط، حيث استحوذت على نحو %60 من هذا النمو خلال العقد الماضي.
وتابع: مع كون الصين مسؤولة عن حوالي %20 من صادرات النفط الخليجية، يُتوقع أن يكون لهذا التباطؤ تأثير ملحوظ في إنتاج النفط في دول الخليج. وقد يؤدي انخفاض الطلب الصيني على النفط إلى مراجعة بعض دول «أوبك+»، مثل السعودية والكويت، لقرار التخفيض الطوعي في إمداداتها النفطية، مما يهدد بعواقب على الإيرادات النفطية لهذه الدول. وفي حال استمرار التراجع في الطلب، قد يكون من الضروري الاستمرار في تقييد العرض النفطي للحفاظ على استقرار أسعار النفط.
حزم تحفيز
وبين انه في سبتمبر 2024، أعلنت الصين عن حزم تحفيز مالي ونقدي شاملة لدعم اقتصادها وإقالة عثرة القطاع العقاري. وركزت الإجراءات النقدية على خفض تكاليف الاقتراض، وزيادة السيولة في السوق، وتخفيف أعباء سداد الرهن العقاري عن الأسر. وخفض بنك الشعب الصيني نسبة متطلبات الاحتياطي بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، مما أتاح تحرير نحو تريليون يوان (142 مليار دولار) لتمويل قروض جديدة. كما خفضت الصين أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة على القروض لمدة عام واحد إلى %3.1 في أكتوبر 2024.
وعلى صعيد التحفيز المالي، تعتزم الصين إصدار سندات سيادية خاصة بقيمة تريليوني يوان (نحو 284.43 مليار دولار) هذا العام، إضافة إلى جمع تريليون يوان إضافية من خلال إصدار ديون خاصة منفصلة لدعم الحكومة المحلية في معالجة مشاكل ديونها. خصصت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح مبلغ 100 مليار يوان للإنفاق في ميزانية عام 2025. ومن المتوقع أن تعتمد الصين على 12 تريليون يوان من الديون الجديدة كجزء من برامج التحفيز في عام 2025.
ثقة المستثمرينانتهت ABK Capital في تقريرها إلى أن تدابير التحفيز أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين بقدرة الصين على تصحيح مسارها الاقتصادي على المدى القصير. ويمكن للانتعاش الاقتصادي المدعوم بالتحفيز أن تكون له آثار إيجابية عالمية، مما يعود بالنفع على منتجي السلع الأساسية، مثل تشيلي والأرجنتين، بفضل زيادة الطلب الصيني. ومن المتوقع أيضاً أن تستفيد كوريا الجنوبية، بفضل دورها كمزود رئيسي في سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية، من ارتفاع الطلب على صادراتها الصناعية. ومع ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى إجراءات إضافية، خصوصاً في قطاع العقارات، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى البعيد. ويُتوقع أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية الهادفة لدعم إمكانات النمو الطويل الأمد إلى تداعيات إيجابية أوسع، خاصةً بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط.
◄ تدابير التحفيز أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين بقدرة بكين على تصحيح مسارها الاقتصادي
◄ انخفاض الطلب الصيني على النفط قد يؤدي إلى مراجعة بعض الدول لقرار التخفيض الطوعي
◄ الإصلاحات الهيكلية الهادفة ستؤدي إلى تداعيات إيجابية أوسع بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط
تحديات اقتصادية داخلية
واجه الاقتصاد الصيني تحديات محلية عديدة، أبرزها أزمة قطاع العقارات ومستويات الديون المرتفعة. يعاني قطاع العقارات الصيني من تراجع مستمر، خاصة بعد تعثر مجموعة «إيفرغراند»، ثاني أكبر مطور عقاري في الصين، مما تسبب في أزمة أوسع. رغم التدابير الحكومية المتعددة منذ عام 2021، لا يزال سوق العقارات بعيداً عن التعافي. كما أدت اختلالات هيكلية أخرى، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وركود الأجور، إلى انخفاض ثقة السوق، مما أدى إلى إطالة أزمة العقارات حتى عام 2024.
اعتماد الاقتصاد على الديون
تاريخياً، اعتمد النمو الاقتصادي الصيني على الائتمان. وقد أدى الدعم الائتماني المقدم إلى الشركات المملوكة للدولة بعد الأزمة المالية العالمية إلى ارتفاع كبير في مستويات الدين. ومع مرور الوقت، ارتفعت نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى %297 بحلول عام 2023، مما يعكس العبء المتزايد للديون على الاقتصاد الصيني.