من الكويت إلى قطر.. تناوب خليجي في قيادة القوة 152 لحماية الملاحة

يوسف حمود - الخليج أونلاين

سلمت القوة البحرية الكويتية، في الـ27 من سبتمبر 2025، قيادة قوة الواجب المختلطة 152 إلى القوة البحرية الأميرية القطرية

تشكل القوة 152، المعروفة باسم 'Combined Task Force 152'، إحدى الركائز الأساسية للأمن البحري في الخليج العربي، حيث تندرج ضمن إطار القوات البحرية المشتركة التي تضم عشرات الدول، وتعمل على تعزيز أمن الملاحة وحماية الممرات الحيوية للطاقة.

نشأت القوة في ظل تزايد التهديدات غير التقليدية، من الإرهاب البحري إلى التهريب والجريمة المنظمة، وأصبحت اليوم عنصراً محورياً في استراتيجية الأمن الإقليمي.

مؤخراً تسلمت قطر قيادة القوة 152 خلفاً للكويت، التي تولت المهمة بعد السعودية، وهو انتقال يعكس دور دول مجلس التعاون الخليجي في تعزيز الأمن البحري ضمن ترتيبات جماعية أوسع نطاقاً، الأمر الذي يعزز مبدأ المشاركة الإقليمية، ويؤكد أن أمن الخليج لم يعد شأناً محلياً فحسب، بل مسؤولية جماعية تتداخل فيها اعتبارات محلية ودولية.

قطر تقود المهمة

سلمت القوة البحرية الكويتية، بقيادة اللواء الركن بحري سيف عبد الهادي الهملان، في الـ27 من سبتمبر 2025، قيادة قوة الواجب المختلطة 152 إلى القوة البحرية الأميرية القطرية، وذلك خلال مراسم رسمية أقيمت في مقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية بمملكة البحرين.

وفق رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي، فإن الكويت تولت قيادة القوة منذ أغسطس 2024 وحتى سبتمبر 2025، وأسهمت خلال هذه الفترة في تعزيز الأمن البحري والتنسيق العملياتي بين الدول المشاركة، بما يعزز سلامة الملاحة في منطقة الخليج العربي.

وأكد البيان أن فترة قيادة القوة البحرية الكويتية تميزت بتكثيف التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وتبادل الخبرات والمعلومات، بما يعكس الدور الفاعل لدولة الكويت في دعم الأمن والاستقرار البحري.

وشددت رئاسة الأركان على التزام الكويت بمواصلة جهودها ضمن إطار القوات البحرية المشتركة (CMF) لتعزيز الجاهزية والوعي البحري في مواجهة التحديات بالمنطقة.

الخليج والقوة الدولية

يعكس وجود هذه القوة إدراكاً دولياً لأهمية الخليج بوصفه شرياناً رئيسياً للاقتصاد العالمي، فالممرات البحرية في المنطقة تنقل ما يقارب ثلث إمدادات الطاقة العالمية، ما يجعل استقرارها ضرورة استراتيجية تتجاوز حدود الدول المطلة عليه.

ومن هنا تكتسب القوة 152 شرعيتها من كونها حلقة وصل بين الجهود المحلية والدولية الرامية لضمان أمن الملاحة واستقرار تدفق الموارد.

أُنشئت القوة 152 في مارس 2004، لتكون الذراع المتخصص للأمن البحري في الخليج ضمن القوات البحرية المشتركة، وهي تختلف عن قوى المهام الأخرى التابعة للإطار ذاته بتركيزها الجغرافي الواضح، حيث تقتصر مهامها على مياه الخليج العربي ومحيطه المباشر.

بينما تتوزع المهام الأخرى على مناطق مثل خليج عدن والمحيط الهندي، فهذا التحديد سمح لها بتركيز مواردها على حماية الممرات الأقرب إلى البنى التحتية النفطية والغازية.

إدماج قوات الخليج

حول هذا الدور الذي تضطلع به القوات الخليجية، يقول الخبير الأمني مجيب عبد الله إن انتقال قيادة القوة 152 بين السعودية والكويت وقطر يمثل أكثر من مجرد تبديل إداري؛ فهو يعكس إدماجاً ممنهجاً لدول مجلس التعاون في منظومة الأمن البحري الدولي.

ما أدوار القوة؟

تتمثل أبرز مهام القوة في مكافحة الأنشطة غير المشروعة التي قد تهدد الأمن البحري، بما يشمل التهريب والاتجار غير القانوني وتهديدات الجماعات المسلحة، كما تشارك في تعزيز القدرات الدفاعية للدول الخليجية عبر تدريبات دورية وورش عمل، تركز على تبادل الخبرات وتطوير معايير موحدة للتفتيش والمراقبة والعمليات البحرية.

وتولي القوة اهتماماً خاصاً بحماية البنى التحتية البحرية الحيوية مثل منصات النفط والموانئ ومحطات التكرير وخطوط الأنابيب البحرية، حيث تعتبر هذه المرافق أهدافاً محتملة للتهديدات غير التقليدية.

ومن خلال تنسيق الدوريات المشتركة والوجود البحري المتعدد الجنسيات، تساهم القوة في تقليص فرص استهداف هذه المنشآت وتعزيز الردع.

كما تشكل القوة إطاراً لتبادل الخبرات بين دول المنطقة وحلفائها الدوليين، فإلى جانب المهام العملياتية، تنظم القوة أنشطة مخصصة لتعزيز التفاهم المشترك حول التحديات الأمنية البحرية، بما في ذلك حماية البيئة البحرية واعتماد معايير السلامة وتطوير إجراءات الاستجابة السريعة لأي تهديد.

وتعتمد القوة في عملها على مبدأ المرونة التشغيلية، حيث يمكنها التكيف مع طبيعة التهديدات المتغيرة، فإذا كان التركيز في مراحلها الأولى على مكافحة الإرهاب البحري بعد أحداث مطلع الألفية، فإن مهامها اليوم تشمل مواجهة الطائرات المسيّرة، والتقنيات الجديدة التي قد تستهدف الملاحة، فضلاً عن التعامل مع تحديات القرصنة والتهريب.