اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
وليد منصور -
قال تقرير حديث، صادر عن إكسفورد إيكونوميست بعنوان «المدن الأكثر تنافسية في مجلس التعاون الخليجي في عام 2025»، إن مدينة الكويت جاءت في المرتبة الثامنة خليجيًا في المؤشر برصيد 54.2 من 100، مما يضعها خلف المراكز المتقدمة في المنطقة.
وأفاد التقرير بأنه مع استمرار اقتصادات الخليج في التنويع وجذب الاستثمارات العالمية، لم يكن فهم الميزة التنافسية الحقيقية لمدنها أكثر أهمية من أي وقت مضى، مضيفاً أن أحدث تحليل لمؤشر المدن العالمية 2025، الذي شمل 1000 مدينة حول العالم، يتيح وضع المدن الكبرى في مجلس التعاون في سياق مقارن مع نظيراتها العالمية، كاشفًا عن الديناميكيات التي تقف وراء حيويتها الاقتصادية ورأس مالها البشري وجودة الحياة والاستدامة الطويلة الأجل.
وبالاعتماد على أكثر من 25 مؤشر أداء، بدءًا من نمو الناتج المحلي الإجمالي، وحتى متوسط العمر المتوقع، وحضور الشركات، يكشف التقرير عن العوامل التي تجعل مدنًا مثل دبي والرياض وأبوظبي تبرز عالميًا، مع تسليط الضوء أيضًا على الفرص المتاحة أمام المدن الناشئة، مثل الطائف والهفوف.
المدن القائدة
- دبي: جاءت في المرتبة الأولى خليجيًا في المؤشر، برصيد 77.1 من 100، وهو ما يعكس قوتها المتوازنة عبر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية. وسجلت المدينة درجة مرتفعة في رأس المال البشري (86.6)، مدفوعة بارتفاع التحصيل التعليمي وتنامي حضور الجامعات، الأمر الذي يؤكد تحولها إلى اقتصاد قائم على المعرفة. كما أن التنوع الاقتصادي القوي للمدينة يعكس تقدمها الكبير في تقليص الاعتماد على النفط والغاز، معززًا مكانتها كمدينة ديناميكية ومرنة وتستشرف المستقبل. وقد ساهمت الاستثمارات الإستراتيجية في البنية التحتية والتكنولوجيا والإصلاحات التنظيمية في تعزيز تنافسيتها العالمية، لتواصل دبي ترسيخ مكانتها كمعيار إقليمي في الابتكار والاستدامة والمرونة الاقتصادية.
- أبوظبي: حلت في المرتبة الثانية خليجيًا (73.0)، بما يعكس أداءها القوي عبر أبعاد التنافسية الرئيسية. تميزت المدينة في مجال رأس المال البشري والتعليم (84.0)، بدعم من مؤسسات قوية وقوى عاملة عالية التعليم، مما يجعلها مركزًا إقليميًا لجذب المواهب والابتكار. وساهمت جودة الحياة المرتفعة (74.4) - المدعومة بمعايير عالية في الرعاية الصحية والإسكان والأمن والخدمات العامة - في جعلها وجهة جاذبة للإقامة الطويلة الأمد والاستثمار المؤسسي. ورغم أن أبوظبي لا تملك أكبر اقتصاد من حيث الحجم المطلق، فإن ارتفاع متوسط دخل الفرد، واستقرارها المالي، يعكسان كفاءة إدارتها للمالية العامة وتخطيطها الاقتصادي الطويل الأمد. وتكامل هذه المقومات يجعل من أبوظبي مدينة متوازنة ورؤيوية تستقطب السكان والمستثمرين على حد سواء.
- الرياض: جاءت في المركز الثالث خليجيًا (70.9)، متميزة بزخم اقتصادي قوي. وأشار التقرير إلى أنها مرشحة لتسجيل أسرع نمو اقتصادي بين مدن الخليج خلال السنوات الخمس المقبلة، مع تصدرها في مؤشرات نمو التوظيف والتنوع الاقتصادي، مما يجعلها المدينة الأكثر تحسنًا على صعيد الإصلاح الاقتصادي. وتبرز الرياض أيضًا بفضل تصنيفاتها العالمية المرتفعة في الأمان، وتحسّن مستمر في جودة الحياة، مما يجذب السعوديين والمهنيين الدوليين على حد سواء. وانخفاض معدلات الجريمة وقوة الروابط المجتمعية يجعلانها جاذبة بشكل خاص للعائلات والمهنيين الباحثين عن الاستقرار والفرص. وتساهم المشاريع الكبرى، مثل «المسار الرياضي» الممتد على 220 كيلومترًا، في تعزيز أنماط الحياة الصحية، فيما تؤكد توسعة مطار الملك خالد الدولي - الذي يربط المدينة بـ113 وجهة عالمية - على صعود الرياض كمدينة ديناميكية ومرتبطة عالميًا.
المدن المتوسطة الأداء
- الدوحة (64.8): برزت بفضل ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي، وآفاق نمو التوظيف القوية، والبنية التحتية المتميزة، مما يعكس قوتها الاقتصادية. لكن ضعف التنوع الاقتصادي وقلة المقرات الإقليمية للشركات يشيران إلى استمرار الاعتماد على قطاعات الطاقة والبناء.
- جدة (58.3): أظهرت ملفًا أكثر توازنًا، مع نقاط قوة في رأس المال البشري والاستقرار الاقتصادي، مدعومة بدورها كمركز لوجيستي ومركز للحج. وسجلت أداء جيدًا في مؤشرات النمو السكاني والتركيبة العمرية والتعليم، مما يعزز آفاقها الطويلة الأمد، رغم ضعفها في وجود الشركات وتوزيع الدخل، إضافة إلى محدودية معاييرها ،وضعف بنيتها التحتية في مجالات مثل تصريف المياه، وزيادة تعرضها لمخاطر المناخ والأمطار غير المنتظمة.
- العين: رغم ترتيبها المتوسط عالميًا، فإنها تميزت برأس المال البشري (المركز 39 من أصل 1000)، مدفوعة بوجود جامعة الإمارات ونظام تعليمي قوي ومنظومة أكاديمية متطورة.
- الدمام: استفادت من مؤشرات اقتصادية قوية، ونمو متواصل في التوظيف مدعومًا باقتصادها الصناعي، وقربها من البنية التحتية النفطية. ومع ذلك، لا تزال متأخرة في التنوع الاقتصادي رغم جهود «رؤية 2030».
المدن الصاعدة
- المدينة المنورة ومكة المكرمة: تستفيدان من مكانتهما الدينية وتركيبتهما السكانية الشابة، إضافة إلى مؤشرات قوية في التعليم، مما يجعلهما موقعين واعدين للاستثمارات الطويلة الأمد في السكن والخدمات والتكنولوجيا.
وأوضح التقرير أن استقرارهما الاقتصادي ورأس مالهما البشري يشكلان قاعدة لنمو مستقبلي، خاصة مع خطط التحديث ضمن «رؤية 2030». وبالرغم من تركيزهما على السياحة الدينية، فإنه يمكن تعزيز مكانتهما عبر إنشاء مناطق مخصصة لقطاعات، مثل «الفنتك الإسلامي»، وسلاسل الفنادق العالمية.
- خميس مشيط (45.1): رغم ترتيبها المنخفض، فإنها تميزت بنمو سريع في الناتج المحلي وخصائص ديموغرافية قوية. ورغم تخلفها عن نظيراتها في وجود الجامعات والمقرات الإقليمية للشركات والقاعدة التعليمية، فإنها تمتلك فرصًا كبيرة في اللوجيستيات والدفاع والعقارات، بفضل شبابها المتنامي وموقعها الإستراتيجي قرب البنية التحتية العسكرية.
وأكد التقرير أن الاستثمار في التعليم العالي وتنويع الاقتصاد يمكن أن يحسنا ترتيبها مستقبلاً.
الإمكانات غير المستغلة
- الهفوف: رغم تسجيلها استقرارًا اقتصاديًا متوسطًا ونموًا سكانيًا ثابتًا، فإن حجم اقتصادها الصغير وضعف نمو التوظيف يعكسان محدودية التقدم في التنويع خارج إطار الزراعة والصناعات الصغيرة.
- الطائف: على الرغم من حصولها على أدنى درجة اقتصادية في الخليج، فإنها تتمتع بخصائص ديموغرافية شابة متنامية وأصول طبيعية وثقافية، تجعلها مؤهلة لتطوير السياحة والابتكار الزراعي.
وأبرز التقرير أن التحديات الاقتصادية فيها تؤكد الحاجة إلى إصلاحات تعليمية واستثمارات في البنية التحتية للاستفادة الكاملة من هذه المقومات.
عمق التحوّل الحضري في الخليج
ختم تقرير إكسفورد إيكونوميست بالقول إن التقدم والإمكانات، التي تعكسها هذه المدن، توضّح مدى تعقيد وعمق التحول الحضري في السعودية والخليج، بما يتجاوز المراكز الحضرية الكبرى التقليدية، مؤكداً أن التحدي المستقبلي يتمثّل في الموازنة بين النمو الاقتصادي والاستدامة وجودة الحياة.