حمد إبراهيم: «منك وإليك» بعيد عن الطرح التقليدي ويقدم رسالة توعوية

• كيف وُلِدت فكرة الفيلم؟ وما الظروف التي جعلت المشروع يتأجل سنوات قبل أن يرى النور؟!

- في البداية كتبت النص سنة 2014، وكان مجرد فكرة بسيطة عن شابين يجلسان في ديوانية، يقوم أحدهما بتحضير روح شريرة، فتبدأ اللعنة في مطاردتهما. كان الفيلم حينها عاديًا جدًا، شعرت أنه يفتقد العمق والمعنى، كما واجهت صعوبة في إيجاد ممثلين يعيشون الدور بصدق، فظل المشروع مؤجلاً لسنوات. 

ثم انشغلت لاحقاً بعملي في وزارة الإعلام بتلفزيون الكويت، حيث عملت في قطاع الأخبار والبرامج السياسية، وبسبب مثابرتي في المجال الإعلامي تم اختياري ضمن فريق الإخراج في الديوان الأميري خلال المقابلة الحصرية التي أُجريت مع الملياردير بيل غيتس أثناء زيارته للكويت عام 2016.

• بعد عودتك إلى الإنتاج السينمائي ما المراحل التي اتبعتها لعودة فكرة الفيلم، وما الرسالة التي أردت إيصالها؟! ولماذا اخترت أسلوب «الرعب التوعوي» لمعالجة قضية اجتماعية كإدمان الأطفال للأجهزة الذكية؟

- بعد فترة عدت إلى الإنتاج السينمائي، وشكلت فريق عمل يضم علي القلاف، ومحمد جمعة، وابني جاسم، وبدأنا نعيد التفكير في مشروع الفيلم. اكتشفنا أن النص بحاجة لأن يلامس قضايا المجتمع، فقررنا أن نضمِّن فيه مشكلة معاصرة هي إدمان الأطفال على الأجهزة الذكية والإنترنت.

أما فكرة الفيلم فتدور حول أبٍ منشغل بعمله، يترك طفله ساعات طويلة أمام الأجهزة الذكية، فينغمس الأخير في عالم الإنترنت حتى يتمكن من استدعاء روح شريرة تدعي «لاميا»، فهي ليست مجرد شخصية خيالية، بل رمز للأفكار السلبية والإجرامية التي قد تتلبس الأطفال بسبب الإدمان الرقمي والإهمال الأسري. 

وفيما يتعلق باختياري لأسلوب الرعب التوعوي فقد جاء بدافع الابتعاد عن الطرح الدرامي التقليدي الذي يعتمد على مشاعر الندم والبكاء، وأردت أن يكون الفيلم مختلفا، يقدم رسالة توعوية عميقة بطريقة مؤثرة ومشوقة في الوقت نفسه، لأن القضية أكبر من مجرد دراما عاطفية.

• حدثنا عن رؤيتك الإخراجية للفيلم، وكيف تعاملت مع التحديات التقنية والدرامية لتصوير العمل في موقع واحد فقط ونقل أجواء الرعب للمشاهد؟

اخترت موقعًا واحدًا فقط للتصوير، وهو ما شكل تحديًا كبيرًا، ومن خلاله أردت نقل تجربة حسية متكاملة للمشاهد بأجواء الرعب والتحضير بكل تفاصيلها.. ومر موقع التصوير خلال الفيلم بثلاث مراحل من الإضاءة، تغير شكل المكان وتعبر عن تطور الحالة الدرامية، فشكل ذلك عنصرًا بصريًا مهمًا في بناء التوتر والإحساس بالخطر. 

وأغلب مشاهد الفيلم تدور في مكان واحد، وفي معظم الوقت يجلس الأبطال في مواقعهم، ما جعل الأداء التمثيلي تحديًا حقيقيًا، فالحركة كانت محدودة، لكننا ركزنا على تعابير الوجوه وتغير المشاعر، فيحاول الطفل أن يلفت انتباه والده، ليريه أنه قادر على استدعاء «لاميا» التي تستطيع الإجابة عن أيّ سؤال، في لحظة امتزج فيها الفضول بالخطر، ليتطور الموقف تدريجيًا نحو الرعب وينتهي بجريمة قتل.

 أما الكاميرا فكانت تتنقل بين لقطات ثابتة وأخرى متحركة بهدف تحريك مشاعر المشاهد وإشراكه في الجو النفسي للعمل، وتعمدت في بعض المشاهد أن أجعل الإيقاع بطيئا ومملاً قليلا، لأوصل إحساس الروتين والملل، ثم فجأة تتسارع الأحداث بشكل غير متوقع ليشعر المشاهد بالخوف والمفاجأة.

• كيف جاءت مشاركة فيلم «منك وإليك» في مهرجان Cannes World Film Festival، وما شعورك بعد ترشيحه لعدة جوائز وفوزه بثلاث منها؟

- لم أكن أتوقع قبول الفيلم، لكن ما شجعني على التقديم هو أن المهرجان شهري وليس سنوياً، ما يمنح فرصا أكبر للأعمال المستقلة، فالفيلم اجتاز لجنة الاختيار وصولا إلى المرحلة النهائية، حيث تم ترشيحه لست جوائز، وفاز بثلاث منها هي: أفضل فيلم رعب غامض، «وأفضل ممثل طفل» لابني جاسم، الذي تسلم الجائزة إلى جانب الطفلة البريطانية التي شاركت في فيلم ذا كونجري، وأفضل ثنائي تمثيلي لجاسم وعلي القلاف. 

وأنا فخور بأداء ابني جاسم، فهو يمتلك موهبة فطرية في التمثيل وتقليد الشخصيات، وقد سبق أن شاركنا في عدة أفلام قصيرة، أبرزها «شرطي وحرامي»، مما اكسبه خبرة وثقة انعكستا بوضوح في أدائه في هذا الفيلم.

 أما الفنان علي القلاف فقدّم أداء مميزاً، وهو صاحب خبرة طويلة في التمثيل من خلال مشاركته في المسرحيات والمسلسلات والأفلام القصيرة، كما يمتلك تجربة أكاديمية في المسرح، وشارك في عدد من الأعمال كمساعد مخرج، مما أضاف للعمل توازناً وتناغماً فنياً مميزاً

• كيف جرى التحضير للفيلم قبل التصوير، وما أبرز التحديات التي واجهتكم أثناء تنفيذ العمل خصوصاً مع امتداد فترة التصوير؟

فيما يتعلق بالتحضير للفيلم، فإن الفريق لم يبدأ التصوير مباشرة، بل عملنا أولا على تطوير الفكرة وإجراء بروفات الطاولة التي أثبت خلالها كل من علي القلاف وجاسم قدرتهما على الاندماج في الشخصية. كما تضمن العمل تضمن بروفات حركة وتعديلات مستمرة على النص، ثم سار التصوير بمعدل يوم واحد في الأسبوع بسبب التزامات ابنى الدراسية، ما جعل مدة التصوير تمتد إلى ثلاثة أشهر، كانت مليئة بالتجارب الفنية التي منحت الفيلم عمقاً وواقعية أكبر.