«هيرميس»: الكويت بدأت تبرز كلاعب اقتصادي

وليد منصور -

في ظل قيام صندوق النقد الدولي مؤخراً بتخفيض توقعاته لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى %2.6 فقط، بسبب تصاعد المخاطر العالمية، ترى شركة «إي إف جي هيرميس» أن الصورة ليست بالضرورة سلبية.

وقال العضو المنتدب ورئيس وحدة التحليل الكلي في شركة «إي إف جي هيرميس»، محمد أبو باشا: «بصراحة، أرى في ذلك فرصة للمنطقة. خلال السنوات الماضية، استفدنا من صدمات عالمية كبرى مثل جائحة كوفيد-19، وأزمة أوكرانيا، وحتى البريكست. واليوم، رغم ما نشهده من توترات جديدة، فإن دول الخليج خاصة أثبتت أنها قادرة على تحويل الأزمات إلى مكاسب، بفضل اقتصاداتها المحلية المدفوعة بالطلب الداخلي، والتي تتمتع بمرونة كبيرة في مواجهة التقلبات العالمية». وعند سؤاله عن الدول أو القطاعات، التي تستحق اهتماماً أكبر خارج الإمارات والسعودية، أشار أبو باشا إلى الكويت بالقول: «بدأت تبرز كلاعب اقتصادي يستحق المتابعة من المستثمرين ، خصوصاً بعد إقرار قانون الدين العام ، نترقب أيضاً إصلاحات جديدة في قانون الرهن العقاري والسياسات المالية».

ورغم ما قد تسببه أسعار النفط المنخفضة من ضغوط على المعنويات والنمو، خصوصاً في ظل تباطؤ الصين، فإن المنطقة تظل في موقع قوي نسبياً.

وأكد رئيس وحدة التحليل الكلي، في «إي إف جي هيرميس»، أن «الرسوم الجمركية العالمية تأثيرها محدود، ولدينا في المنطقة ما يكفي من الاحتياطيات المالية لمواجهة التراجعات القصيرة الأجل. كما أن هذه التحديات تعزز الحاجة إلى تسريع التنويع الاقتصادي، مثل تطوير أسواق رأس المال، حيث نلاحظ نشاطاً ملحوظاً في الطروحات الأولية رغم الرياح المعاكسة عالمياً، وهو ما يعكس عمق السيولة والرغبة في الاستثمار».

السياسة النقدية

فيما يتعلق بالتضخم، أوضح أبو باشا أن مستوياته ما تزال منخفضة نسبياً في المنطقة، مرجعاً ذلك إلى ارتباط العملات الخليجية بالدولار، مما يجعل السياسة النقدية في المنطقة تتبع غالباً تحركات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.

وأضاف: «أي تخفيض للفائدة من جانب الفدرالي سيكون إيجابياً للمنطقة، لأنه سيخفض كلفة الاقتراض على القطاع الخاص. ومع ذلك، علينا مراقبة احتمال ضعف الدولار، وهو ما قد يؤدي إلى تضخم مستورد، خصوصاً من أوروبا. رغم ذلك، أرى أن التضخم سيبقى في مستويات معتدلة، باستثناء قطاع الإيجارات، الذي يعكس النمو السكاني والعمراني».

خارج دائرة الضوء

وأوضح أن القطاعات، التي كانت تعتمد سابقاً على الإنفاق الحكومي مثل العقار والخدمات المالية، أصبحت اليوم أكثر تنوعاً، حيث تنمو قطاعات المستهلكين، والطاقة المتجددة، والمرافق، والخدمات المالية غير المصرفية بشكل لافت.

وأكد أن السياحة والضيافة، التي لطالما كانت ركيزة في الإمارات، تشهد زخماً متزايداً في السعودية، بينما بدأت الكويت بدورها خطوات مبكرة في هذا الاتجاه.

اتفاقيات التجارة الحرة

حول أهمية اتفاقيات التجارة الحرة في ظل التوجه العالمي نحو الانغلاق، شدَّد أبو باشا على أن «هذه الاتفاقيات حيوية جداً للمنطقة، نظراً لطبيعة اقتصادات الخليج، التي تصدّر رؤوس الأموال بفضل إيرادات النفط، وفي الوقت نفسه تحتاج لاستيراد المعرفة والتكنولوجيا لتحقيق أهداف التنويع».

وأشار إلى أن التعاون مع آسيا، خصوصاً الهند والصين، يزداد، إلى جانب الشركاء التقليديين، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، مؤكداً أن «اتفاقيات مثل تلك الجاري التفاوض عليها بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة، ستفتح المجال أمام تدفقات استثمارية أكبر ونقل للتكنولوجيا، وهو ما سيدعم مسار النمو والتنويع الاقتصادي في المنطقة».