اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
هل تحقيق النجاح في هذا العصر لا يزال مرتبطًا بالمنتج أو الجودة كما كان على مر العصور؟
الحقيقة هي أننا نعيش في واقع يمكن فيه لفكرة بسيطة أو حتى وهم متقن الصنع أن يتحول إلى حقيقة يقاتل الناس للوصول إليها لمجرد أنها ترند أو هبّة.
قصة The Shed at Dulwich في لندن تقدم نموذجًا صارخًا لهذا الواقع، حيث إن كوخا صغيرا خلف منزل بدون مطبخ حقيقي ولا طعام ولا حتى زبائن تم الترويج له على الإنترنت كأفضل مطعم في لندن عبر موقع TripAdvisor وخلال أشهر قليلة وبفضل صور جميلة مزيفة وتقييمات وهمية ووصف غامض لوجبات لا وجود لها أصبح المطعم على رأس قائمة أفضل المطاعم في العاصمة البريطانية يتوسل الناس لحجز طاولة فيه وتنهال عليه عروض الشراكات.
وهذا ما يسمى قوة القصة في عصر الانطباع، فالناس لا يبحثون فقط عن الجودة أو المنطق، بل غالبا ما يبحثون عن الشعور بالتميز والندرة والتجربة المختلفة، فالانطباع وليس الواقع هو من يقود القرار، ومن يفهم هذا القانون يستطيع استثمار «الهبة» حتى لو لم يكن لديه منتج جيد أو مميز أو حتى حقيقي.
والنقطة الثانية المهمة هي أن المنصات الرقمية هي التي تصنع الواقع فمنصات مثل TripAdvisor، Instagram، TikTok، وغيرها لا تتحقق من الواقع، بل تكرّس ما يراه المستخدمون أو ما يتداولونه بكثرة، وهذا يعني أن الشهرة ممكنة بدون محتوى حقيقي، وأن الإقبال ممكن من خلال الإيحاء فقط، ورأي الأغلبية وإن كان زائفًا يصنع سلطة اجتماعية وهمية.
واللافت هو أن بعض الشركات ورواد الأعمال فهموا اللعبة، لذلك هم يصنعون قصصا جذابة، ويخلقون تجارب قابلة للانتشار، ويسوّقون التميز والندرة بدل الجودة، وكمثال على ذلك ماركات ملابس تصعد بسبب مقطع تيك توك، أو مطاعم لا تملك شيئًا مميزًا سوى الديكور، أو مؤثرين يبيعون أسلوب حياة وهميا.
البعض يعتبر هذا تلاعبًا بالجمهور، لكن الواقع يُظهر أن كثيرين لا يمانعون طالما التجربة ممتعة، لكن الخطورة تكمن حين تتجاوز هذه الظواهر حدود الترفيه لتصبح أدوات تضليل، أو وسيلة للاستغلال المالي.
شيماء نبيل الملا