اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٦ نيسان ٢٠٢٥
توقعت وكالة ستاندر آند بورز «S&P» العالمية للتصنيفات الائتمانية، أن تؤثر التوترات التجارية العالمية المتصاعدة سلبا على ظروف الائتمان العالمية، وتهدد البيئة التي كانت حتى وقت قريب مواتية لمعظم المقترضين، وفي حال طبقت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية المعلقة بالنسب التي أعلن عنها في البداية، فإن التداعيات الاقتصادية ستكون واسعة وعميقة.
وفي هذا السياق، اختبرت الوكالة قنوات نقل المخاطر الائتمانية المحتملة للبنوك الخليجية، بناء على سيناريوهات الضغط الافتراضية التي وضعتها، ويبدو أن البنوك قادرة على التعامل مع التداعيات المحتملة بفضل امتلاكها لمستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال.
التهديدات الأكثر إلحاحاً
وأشار تقرير «S&P»، إلى أن البنوك الخليجية تبدو في وضع جيد لمواجهة هذه التهديدات، حيث تمثل المحافظ الاستثمارية لدى البنوك الخليجية عادة ما بين 20% و25% من إجمالي أصولها، وتميل أدوات الدخل الثابت عالية الجودة إلى الهيمنة، مع مساهمة محدودة من الاستثمارات الأكثر خطورة.
ولذلك، تتوقع الوكالة أن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على البنوك قابلا للإدارة، ومن غير المرجح تحقق الخسائر ما لم تحتاج البنوك إلى تسييل بعض الاستثمارات للتعامل مع هروب رأس المال، الأمر الذي لا نتوقع حدوثه.
وتعتمد بعض البنوك الخليجية بدرجة أكبر على أسواق رأس المال أو استثمارات الأسهم الخاصة، وبالتالي قد تكون أكثر عرضة للمخاطر، ويعد الإقراض بالهامش مصدرا آخر للمخاطر مع انخفاض التقييمات، وتعد مساهمة هذه القروض بإجمالي دفاتر الإقراض لدى البنوك محدودة، كما أن تغطيتها لهذه القروض بالضمانات تميل إلى أن تكون متحفظة.
وفي الوضع القائم، نتوقع أن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط هذا العام وأن تحذو البنوك المركزية الخليجية حذوه، وهذا سيدعم ربحية البنوك الخليجية، وفي حال انخفضت الفائدة بحدة أكبر، فإن انخفاض الهوامش واحتمال تباطؤ نمو الإقراض قد يؤدي إلى إضعاف ربحية البنوك.
هروب رأس المال
وذكر تقرير وكالة «S&P»، أنه نظرا لتقلبات السوق الحالية، فمن المرجح أن تشهد البنوك الخليجية انخفاضا في تدفقات رأس المال، وبعضها قد يشهد حتى هروبا للتمويلات، ولتحديد حجم المخاطر، تم وضع سيناريوهات ضغط افتراضية تفترض هروبا كبيرا للتمويل الخارجي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، هروب 50% من الودائع بين البنوك لغير المقيمين و30% من ودائع غير المقيمين.
ووفقا لحسابات «S&P»، يبدو أن معظم الأنظمة المصرفية الخليجية قادرة على التعامل مع هروب الأموال الافتراضي، وتعتبر البنوك القطرية أكثر عرضة للخطر من الأنظمة الأخرى في المنطقة بسبب صافي مركز ديونها الخارجي الكبير، ولكن سجل الحكومة القطرية القوي في دعم البنوك وقدرتها على مساعدتها خلال الأزمات يخفف من المخاطر.
وفي السعودية، في حين أن الوضع الفعلي للبنوك يبدو مريحا، فإن عدم تمكنها من الاستمرار في اللجوء إلى أسواق رأس المال قد يؤدي إلى انخفاض قدرتها على مواصلة تمويل مشاريع رؤية المملكة 2030، وتتمتع البنوك الإماراتية بأقوى صافي مركز أصول خارجية في المنطقة، وبالتالي تتمتع بأعلى قدر من المرونة في مواجهة هروب رأس المال في سيناريوهاتنا الافتراضية.
انخفاض النفط
وعلى صعيد متصل، ذكر التقرير أن تصاعد التوترات التجارية أدى إلى انخفاض كبير بأسعار النفط، وتم تعديل توقعات سعر النفط إلى 65 دولارا للبرميل خلال 2025، وتعتقد الوكالة أن هذا الأمر سيؤثر على الأرجح على الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي بالمنطقة.
وفي حال انخفاض أسعار النفط أكثر، فقد يعني هذا انخفاض النمو الاقتصادي في كل من القطاعين النفطي وغير النفطي، وزيادة الضغوط على مؤشرات جودة الأصول لدى البنوك.
وأضاف التقرير ان البنوك الخليجية أظهرت مؤشرات قوية لجودة الأصول قبل بدء التوترات، حيث بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة 2.9% لأكبر 45 بنكا في المنطقة بنهاية عام 2024، وكانت البنوك قد احتفظت أيضا بمخصصات تزيد على 150% من حجم من قروضها المتعثرة في التاريخ نفسه، وهو ما يوفر لها بعض الحماية لامتصاص الصدمات الإضافية.
وبالإضافة إلى ذلك، تظل ربحية البنوك الخليجية جيدة نسبيا، مع عائد على الأصول بنسبة 1.7% بنهاية عام 2024، وتستمر البنوك في إظهار رسملة قوية، حيث بلغ متوسط نسبة رأس المال من الشريحة الأولى 17.2% في التاريخ نفسه.
الصمود أمام الضغوطات
ولتقييم قدرة البنوك على الصمود، اختبرت وكالة «S&P» سيناريوهين افتراضيين للضغط، حيث ويفترض السيناريو الأول زيادة محتملة في القروض المتعثرة بنسبة 30% عن الرقم المسجل في نهاية عام 2024، ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 5% على الأقل، أيهما أعلى.
ويفترض السيناريو الثاني زيادة 50% ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 7% على الأقل، ووفقا للحسابات، فمن المرجح أن تسجل 16 بنكا من أكبر 45 بنك في المنطقة خسائر تراكمية قدرها 5.3 مليارات دولار في السيناريو الأول، وترتفع الخسائر إلى 30.3 مليار دولار في السيناريو الثاني، وهو ما يؤثر على 26 بنكا من أكبر 45 بنكا.
وفي كلا السيناريوهين، فإن التأثير التراكمي أقل من 60 مليار دولار في صافي الدخل الذي حققه أكبر 45 بنكا في دول الخليج في عام 2024، وهذا يعني أنه حتى في أسوأ السيناريوهات لدينا، ما نزال نتوقع أن تؤثر الصدمة على ربحية البنوك وليس على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.