اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
يؤمن رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بأن القائد الأسبق للبنك المركزي الأميركي بول فولكر هو النموذج الأفضل في هذا المنصب، وأنه أعظم اقتصادي خدم البلاد في عصره، ويطمح باول في أن يذكره التاريخ مثل فولكر، الرجل الذي صمد في وجه الضغوط الخارجية لتحقيق استقرار الأسعار.
الرؤساء الأفضل
في تاريخ الاحتياطي الفدرالي، يُعد ويليام ماكنزي مارتن، وبول فولكر، وآلان جرينسبان، من أفضل الرؤساء سمعة، بفضل إجراءاتهم النقدية الحاسمة في أوقات لم ترغب أو تتوقع فيها أسواق الأسهم والسندات منهم اتخاذ أي إجراء.
الفترة الأكثر قتامة
وكانت السبعينيات الفترة الأسوأ للاحتياطي الفدرالي، عندما تأثر رؤساء البنك المركزي الضعفاء بالسياسيين الذين طلبوا منهم خفض أسعار الفائدة لتجنب الركود، أو الذين استجابوا لصدمة في العرض مثل أزمة النفط برفع أسعار الفائدة.
الأسوأ: باول
رغم طموح باول، الذي تنتهي ولايته بعد 10 أشهر، فإن رئيس البلاد دونالد ترامب، ومن خلفه مجموعة من مؤيديه وأعضاء إدارته، يوسمون رئيس «الفدرالي» بأنه الأسوأ على الإطلاق والمتأخر دائما، إلى جانب اتهامات ترتقي لحد الإهانة مثل «الغبي» و«الأحمق»، وأخيرا «تضليل المشرعين».
اتهامات مبكرة
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها باول للانتقاد علانية، ففي عام 2022 اتهمه معلقون بأنه يعيد إنتاج فترة الستينيات، حيث كان متأخرا في خطط رفع الفائدة مقارنة بتسعير أسواق السندات، لكنه تحول فجأة ليتماشى مع تقديرات المستثمرين.
محاباة الأسواق
ووفقا للمعلقين كانت إجراءات باول عام 2022 تهدف إلى إرضاء الأسواق، وكانت أيضا مدفوعة بالذعر من الموجة التضخمية نتيجة صدمة الحرب في أوكرانيا، لذا تبنى نهجا متشددا جدا، على طريقة «الفدرالي» في السبعينيات والتي تسببت في ركود تضخمي.
الخطأ الثالث لباول
وفي تقرير لصحيفة «ذا هيل»، هذا الشهر، اتُهم باول بارتكاب ثالث خطأ كبير له (بعد التأخر في مواجهة التضخم في 2021، والرفع السريع للفائدة لاحقا)، لرفضه المستمر خفض أسعار الفائدة، مدعيا أنه سيُسجل كأسوأ رئيس للاحتياطي الفدرالي إذا واصل نهجه في اجتماع يوليو الجاري.
غير مؤهل
ويقول التقرير أيضا إن باول يقود أكبر اقتصاد في العالم، على الرغم من أنه محام وليس خبيرا اقتصاديا، وهو أمر شاذ بين رؤساء مجلس الاحتياطي الفدرالي، باستثناء جي ويليام ميلر، الذي قاد «الفدرالي» خلال واحدة من أكثر الفترات كارثية، قبل أن يحل محله فولكر عام 1979.
معايير التقييم
ورغم أن الأرقام الجيدة لباول على مستوى عوائد الأسهم وانخفاض التضخم لا تبدو مقنعة للبعض، فهناك معايير أخرى للتقييم، مثل مؤشر البؤس (أداة لقياس التضخم والبطالة معا)، والدخل الحقيقي، وفترات الركود، والتوظيف الكامل.
استقرار نسبي
ويشير مؤشر البؤس إلى استقرار الاقتصاد، حيث سجل 6.55 في المئة في مايو، مع نمو حقيقي للأجور، إذ لم يتجاوز التضخم معدل نمو الأجور منذ يناير 2023، كما أن فترة باول لم تشهد سوى ركود واحد خلال الوباء، وكان التعافي سريعا كما كان انتعاش الأسهم فوريا عقب كل اضطراب.
بما سيحكم التاريخ؟
التاريخ لا يُكتب فقط بالأرقام، بل أيضا بالقرارات التي تُتخذ تحت الضغط، وفي اللحظات الحرجة، وفي حين تُظهر المؤشرات الاقتصادية أداء متماسكا نسبيا في عهد باول، يظل الجدل حول توقيته وأثره على الأسواق قائما... فهل من الإنصاف حقا اعتبار باول أسوأ رئيس في تاريخ «الفدرالي»، أم أنه كان ببساطة «قائدا في الأوقات الحالكة»؟