اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
تشهد بورصة الكويت تحولا تدريجيا في خريطة التداولات بين السوقين الأول والرئيسي، حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن السوق الأول ما زال يتصدر النشاط بنسبة %58 من إجمالي قيمة التداول، إلا أن هذه النسبة تمثل تراجعاً ملحوظا مقارنة بالعام الماضي عندما كانت تبلغ نحو %75.
وفي المقابل، سجل السوق الرئيسي نمواً لافتاً في نصيبه من التداولات ليصل إلى %42 بعد أن كان لا يتجاوز %25، ما يعكس إقبالا متزايداً من المستثمرين على أسهم الشركات المتوسطة والصغيرة، وتوسعاً في قاعدة السيولة المتداولة داخل السوق.
وتظهر مستويات السيولة الحالية أن السوق الرئيسي بدأ يقترب من السوق الأول في حجم السيولة والنشاط، وهو تحول مهم في مسار بورصة الكويت نحو مزيد من التوازن والتنوع، ومع أن السوق الأول لا يزال يحتفظ بالصدارة، إلا أن تنامي حصة السوق الرئيسي يمثل خطوة إيجابية نحو تعميق السوق وتحقيق عدالة في توزيع السيولة بين مختلف القطاعات.
هذا التغير في توزيع السيولة بين السوقين يعد مؤشرا مهما على نضج حركة التداول في بورصة الكويت، إذ باتت السيولة تتوزع على نطاق أوسع بدلا من تمركزها في عدد محدود من الأسهم القيادية، وما يحدث حاليا يمثل تحولا إيجابيا، إذ يعكس اهتمام المستثمرين بالبحث عن فرص جديدة خارج الأسهم الثقيلة في السوق الأول، خاصة بعد بلوغ بعضها مستويات سعرية مرتفعة وصعوبة تحقيق عوائد سريعة منها.
عوامل تحسن السيولة
ويعود تحسن السيولة في السوق الرئيسي الى عدة عوامل، أبرزها:
1-ارتفاع جاذبية التقييمات السعرية لعدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
2-تحسن النتائج المالية لبعض الشركات ووضوح خططها التوسعية.
3-العديد من الشركات المدرجة في السوق الرئيسي تتداول عند مضاعفات ربحية منخفضة مقارنة بنظيراتها في السوق الأول، ما جعلها هدفا للمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية.
4-شهدت البورصة خلال الفترة الماضية تحسنا ملموسا في مستوى الإفصاح والحوكمة، ما شجع المستثمرين على التعامل مع أسهم رئيسية كانت تعاني سابقا من ضعف المعلومات والبيانات المالية.
5-أسهم السوق الرئيسي عادة ما تكون جاذبة للأفراد بسبب أسعارها المناسبة وحركتها اليومية النشطة، وقد زادت وتيرة مشاركتهم في السوق خلال العام الحالي بعد تحسن الأجواء الاقتصادية المحلية.
6-دخول عدد من صناع السوق الجدد ساهم في تحسين عمق السيولة داخل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقلل من فجوات العرض والطلب، ما زاد من سهولة التداول وجاذبية الأسهم.
7-بعض المحافظ والصناديق الاستثمارية المحلية بدأت في إعادة توزيع أصولها نحو أسهم ذات أحجام متوسطة، بهدف تحقيق توازن بين العائد والمخاطر، مما دعم أحجام التداول في السوق الرئيسي بشكل مباشر.
8-انتشار قاعدة المضاربة في السوق أدى الى استهداف الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تتداول أسعارها عند مستويات منخفضة، مقارنة بباقي الأسهم في السوق.
عمق السوق
ويحمل التحول في تركيبة التداولات انعكاسات إيجابية متعددة على البورصة، أبرزها زيادة عمق السوق وتنويع مصادر السيولة، الأمر الذي يعزز من استقراره على المدى الطويل، فبدلا من الاعتماد شبه الكامل على تداولات السوق الأول التي كانت تمثل نحو ثلاثة أرباع النشاط، أصبح السوق اليوم أكثر توازنا، ما يحد من التأثيرات السلبية لأي تراجع مؤقت في أسهم الشركات القيادية.
أما بالنسبة للشركات المدرجة في السوق الأول، فسيؤدي تراجع حصتها إلى زيادة التنافسية ويحفزها على رفع مستويات الشفافية والإفصاح، والعمل على تحسين أدائها المالي للحفاظ على اهتمام المستثمرين.
في المقابل، ستستفيد الشركات المدرجة في السوق الرئيسي من هذا الزخم الجديد عبر زيادة حجم تداولاتها وتحسن تقييماتها السوقية، وهو ما يفتح أمامها فرصاً جديدة للتوسع وربما الانتقال مستقبلاً إلى السوق الأول إذا استوفت شروطه المالية والتنظيمية.
هذا التوازن بين السوقين يعزز من جاذبية بورصة الكويت أمام المستثمرين الأجانب والمؤسسات الإقليمية، حيث إن تنوع الشركات النشطة وحجم السيولة في مختلف المستويات يخلق فرصا أوسع للتنويع القطاعي والاستثماري.
كما أن ارتفاع السيولة في السوق الرئيسي يسهم في رفع كفاءة التسعير وتوسيع قاعدة المشاركين، وهو ما يمثل مؤشرا على تطور السوق المالي في مساره نحو مزيد من العمق والنضج.
متطلبات مستقبلية
رغم التحسن اللافت في توزيع السيولة، إلا أن هناك مجموعة من المتطلبات المستقبلية لضمان استمرار هذا الاتجاه وتعزيزه، وتشمل:
1- إطلاق أدوات مالية جديدة مثل العقود المستقبلية وصناديق المؤشرات لتوفير فرص تحوط واستثمار أكثر تنوعا.
2- تعزيز دور صناع السوق في الشركات ذات السيولة المنخفضة لضمان استمرارية التداول وتحسين الكفاءة السعرية.
3- تشجيع الإدراجات الجديدة في السوق الرئيسي عبر تبسيط الإجراءات وتحفيز الشركات العائلية للتحول إلى مساهمة عامة.
4- رفع مستوى الوعي الاستثماري لدى الأفراد من خلال برامج تثقيفية توضح مخاطر وأساليب الاستثمار الطويلة الأجل.
5- الاستمرار في تحسين بيئة الإفصاح والحوكمة بما يرفع من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.