اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أحيانًا نظن أن التربية مجرد كلمات نقولها: «لا تعصب»، «لا تصرخ»، «لا يضيق خلقك»، «لا تفكر وايد»، ثم نكتشف أن أبناءنا لا يتغيرون بالكلام وحده. فالمشاعر لا تُهذَّب بالأوامر، والعادات لا تتبدّل بالنوايا، بل بالممارسة الواعية والتدريب العملي.
وهنا يأتي دور المستشار أو المدرب التربوي، لا ليُخبرنا بما نعرفه أصلًا، بل ليعلّمنا كيف نُطبّق ما نعرفه. فبين المعرفة والفعل مساحة تحتاج إلى مهارة، وإلى وعيٍ بالنفس وبالآخر، وإلى خطوات صغيرة تُترجم المفهوم إلى سلوك حيّ.
حين نجلس مع مختص تربوي، لا يقدّم لنا قائمة تعليمات، بل يساعدنا على فهم أنفسنا وأبنائنا بعمق. لماذا نغضب أحيانًا أكثر مما يجب؟ ولماذا ينعزل ابننا أو يردّ بعناد؟ الاستشارة لا تضع اللوم على أحد، بل تبحث عن الخيوط، التي تربط المشاعر بالأفعال، وتمنحنا أدوات جديدة للتعامل معها بمرونة.
قد تكون جلسة بسيطة، لكنها تُغيّر زاوية الرؤية: تجعلنا نتدرّب على الإصغاء بدل الرد، على التفهّم بدل النقد، على أن نرى وراء السلوك مشاعر لم تُقل. وكل مرة نطبّق فيها هذا الفهم، تتطور علاقتنا بأبنائنا خطوة نحو الهدوء والنضج.
الاستشارة ليست ضعفًا، ولا ترفًا، بل مساحة تدريب للنفس. تمامًا كما ندرّب الجسد في النادي، ندرّب الفكر والعاطفة في جلسة واعية، إنها رحلة تطوير شخصية للأسرة كلها، ليست علاجًا لمشكلة عابرة.
وفي النهاية، أجمل ما تقدّمه الاستشارة أنها تذكّرنا بأن التربية ليست مهمة نُتقنها من أول مرة، بل مهارة نمارسها بحبّ، وننمو معها يومًا بعد يوم.
ندى مهلهل المضف


































