اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
يرتفع الرهان في سوق الفضة بينما يترقب المستثمرون قفزة غير مسبوقة قد تغير قواعد اللعبة، فبعد كسر حاجز 30 دولارا للمرة الأولى منذ أكثر من عقد تعود الفضة إلى دائرة الضوء، مدعومة بتوقعات متفائلة من كبار البنوك الاستثمارية بأن تصل إلى مستويات تاريخية جديدة في غضون عامين.
وتتوقع مؤسسات مالية كبرى، من بينها بنك أوف أميركا، وجيه بي مورغان، وساكسو بنك، وتي دي سيكيوريتيز، أن يبلغ سعر الفضة 40 دولارا للأوقية بحلول عام 2026، بينما يرى سيتي بنك أن هذا المستوى قد يتحقق في نهاية 2025، في ظل تسارع العوامل الداعمة.
وتأتي توقعات البنوك بمزيد من الصعود لأسعار الفضة بعد عام 2024 الذي شهد أداء استثنائيا للفضة، إذ قفزت الأسعار بنحو 40% خلال 10 أشهر، متجاوزة حاجز 30 دولارا للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، قبل أن تستقر قرب 32 دولارا.
وأحد المحركات الأساسية لهذه التوقعات هو الطلب الصناعي المتنامي على الفضة، لاسيما من قطاع الطاقة الشمسية، الذي يتوقع أن يستهلك ما يصل إلى 30% من الإنتاج السنوي بحلول 2030.
ومع احتواء كل لوح شمسي على نحو 20 غراما من الفضة، فإن توسع مشاريع الطاقة المتجددة قد يفرض ضغطا مستمرا على المعروض.
بموازاة ذلك، تواصل السيارات الكهربائية تعزيز هذا الاتجاه، مع استخدام الفضة بكثافة في أنظمة التحكم الكهربائية، ما يجعلها عنصرا لا غنى عنه في التحول التكنولوجي.
كما تشير التوقعات إلى خفض محتمل لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال 2025، وهو ما يدعم عادة المعادن الثمينة، إذ تنخفض تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بأصول غير مدرة للعائد، ما يجعل الفضة أكثر جاذبية مقارنة بالسندات والدولار، خاصة في أوقات الضبابية الاقتصادية.
واللافت في التوقعات الجديدة هو دخول لاعبين غير تقليديين إلى السوق، إذ أعلنت روسيا العام الماضي خطة لشراء ما قيمته 535 مليون دولار من الفضة خلال ثلاث سنوات، في سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة لبنك مركزي في هذه الدورة الصاعدة للمعادن، ما يعكس إدراكا متزايدا لدور الفضة كمخزن للقيمة وملاذ في فترات التوتر، إلى جانب الذهب.
في غضون ذلك، يعاني المعروض من ضغوط واضحة، إذ يسجل السوق عجزا سنويا متواصلا منذ عام 2021، ووفقا لتقديرات معهد الفضة الأميركي، بلغ هذا العجز نحو 184 مليون أوقية في 2023.
ومن المتوقع أن يتكرر النمط نفسه في عام 2025، مدفوعا بانخفاض الإنتاج من مناجم الفضة الأساسية، واعتماد السوق بنسبة 70% على الفضة المستخرجة كمنتج ثانوي من معادن أخرى مثل النحاس والزنك.
ورغم أن سوق الفضة يعرف بتقلباته الكبيرة، إلا أن البنوك الاستثمارية تتفق على أن الظروف الحالية تخلق فرصة استثمارية فريدة، فإلى جانب الطلب الصناعي القوي، والدعم النقدي المحتمل من السياسات التيسيرية، فإن اختلال التوازن بين العرض والطلب يهيئ الأرضية لقفزات سعرية خلال العامين المقبلين.
وفي ظل التقاطعات بين العوامل الصناعية والمالية والجيوسياسية، تتحول الفضة تدريجيا من مجرد معدن تابع للذهب إلى أصل استثماري مستقل له خصائصه ومحركاته الخاصة.
وتتفق معظم البنوك الكبرى على سيناريو ارتفاع أسعار الفضة نحو 40 دولارا بحلول عام 2026، لذا فإن المستثمرين الذين يتحركون مبكرا قد يجدون أنفسهم في موقع مميز للاستفادة من هذا التحول.
ويبقى التحدي الأساسي فــــي مراقبــة تطــورات السياسة النقدية، وتحولات الطلب الصناعي، والمخاطر الجيوسياسية التي قد تعيد رسم خريطة العرض العالمي، وكلها عوامل قد تجعل العامين 2025 و2026 من أكثر الفترات ديناميكية في تاريخ سوق الفضة الحديث.