سبيكة البحر: «الشدادية الصناعية» قفزة نحو اقتصاد منتج ومستدام

قالت الخبيرة العقارية، صاحبة شركة سبيكة البحر لأعمال السمسرة العقارية، عضوة الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، سبيكة البحر، إنه في ظل المتغيرات الاقتصادية المتسارعة على مستوى العالم، ومع تصاعد التحديات الجيوسياسية وأسعار الطاقة، بات من الضروري أن تتجه الدول إلى بناء اقتصادات متينة قائمة على الإنتاج المحلي والتنوع الصناعي.وفي هذا السياق، تشكّل منطقة الشدادية الصناعية إحدى أهم مبادرات دولة الكويت لتحقيق التحوّل من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط، إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الصناعة، والمعرفة، والابتكار.وأشارت البحر الى أن الشدادية اليوم لم تعد مجرّد مشروع تطوير أراضٍ صناعية، بل أصبحت عنواناً استراتيجياً لمرحلة اقتصادية جديدة، تعكس طموحات الكويت ضمن رؤيتها الوطنية «كويت جديدة 2035». مدينة صناعية بمقاييس عالمية

قالت الخبيرة العقارية، صاحبة شركة سبيكة البحر لأعمال السمسرة العقارية، عضوة الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، سبيكة البحر، إنه في ظل المتغيرات الاقتصادية المتسارعة على مستوى العالم، ومع تصاعد التحديات الجيوسياسية وأسعار الطاقة، بات من الضروري أن تتجه الدول إلى بناء اقتصادات متينة قائمة على الإنتاج المحلي والتنوع الصناعي.

وفي هذا السياق، تشكّل منطقة الشدادية الصناعية إحدى أهم مبادرات دولة الكويت لتحقيق التحوّل من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط، إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الصناعة، والمعرفة، والابتكار.

وأشارت البحر الى أن الشدادية اليوم لم تعد مجرّد مشروع تطوير أراضٍ صناعية، بل أصبحت عنواناً استراتيجياً لمرحلة اقتصادية جديدة، تعكس طموحات الكويت ضمن رؤيتها الوطنية «كويت جديدة 2035».

مدينة صناعية بمقاييس عالمية

وشددت البحر على أن منطقة الشدادية في موقع استراتيجي وسط البلاد، وتمتد على مساحة تتجاوز خمسة ملايين متر مربع، مما يجعلها واحدة من أكبر المدن الصناعية في دولة الكويت والمنطقة. وتضمّ المنطقة أكثر من 1036 قسيمة صناعية، تم توزيعها بطريقة تخصصية مدروسة تلبّي احتياجات التنمية الاقتصادية.

وقد خصصت 299 قسيمة للصناعات الغذائية، نظراً لأهميتها في تحقيق الأمن الغذائي الوطني، كما تم تخصيص 242 قسيمة للصناعات الكيماوية التي تدخل في مجالات حيوية مثل التنظيف، الدواء، والزراعة، إضافة إلى 495 قسيمة للصناعات المتنوعة مثل البلاستيك، الألمونيوم، النسيج، الصناعات الكهربائية، والدوائية.

أولاً: الصناعات الغذائية

• عدد القسائم: 299 قسيمة، والنسبة من الإجمالي: 28.9 بالمئة تقريباً.

• الأنشطة الرئيسية: تصنيع وتعبئة المواد الغذائية، وإنتاج الزيوت النباتية ومشتقاتها،

ومصانع الألبان والعصائر، وحفظ وتعليب الأغذية، وصناعة المخبوزات والمعلبات تعبئة المياه والمشروبات.

ثانياً: الصناعات الكيماوية

• عدد القسائم: 242 قسيمة، والنسبة من الإجمالي: 23.3 بالمئة تقريباً.

• الأنشطة الرئيسية: تصنيع المنظفات والمطهرات، والصناعات الدوائية والمستحضرات الطبية، والأسمدة والمبيدات الزراعية، إنتاج مواد الطلاء والدهانات، الصناعات البتروكيماوية الخفيفة، مواد العزل والمواد الكيميائية الصناعية.

ثالثاً: الصناعات المتنوعة

• عدد القسائم: 495 قسيمة، والنسبة من الإجمالي: 47.8 بالمئة تقريباً.

• الأنشطة الرئيسية: الصناعات البلاستيكية والمطاطية، وتصنيع الألمنيوم والمعادن،

والصناعات الخشبية والمفروشات، والنسيج والملابس الجاهزة، والإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، والصناعات الطبية والمستلزمات الصحية، الورق والكرتون والتغليف، وصناعات الإنشاءات والمواد المساندة.

وأوضحت البحر أن هذا التنوع يخلق بيئة إنتاجية متكاملة، تتيح قيام سلاسل توريد صناعية داخلية، وتسهم في تعزيز قدرات الكويت على التصدير وتقليل الاعتماد على الواردات.

وبينت أن من أبرز ما يميز هذا المشروع الاستراتيجي هو تخصيص 20 بالمئة من إجمالي القسائم، أي حوالي 207 قسائم، لتُدار من قبل جهتين وطنيتين استراتيجيتين: الأولى هي هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، والثانية الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ويهدف هذا التوزيع إلى تحقيق التوازن بين الاستثمارات الكبرى التي يقودها القطاع الخاص العالمي، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يقودها شباب الكويت من المبادرين، فبدلاً من أن تكون المدينة الصناعية حكراً على الشركات الكبرى، تم فتح المجال لبناء منظومة صناعية وطنية شاملة، تتيح لكل فئات المستثمرين فرصة العمل والإنتاج والتطوير.

استقطاب الشركات العالمية

وقالت البحر: أدت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر دوراً محورياً في استقطاب مجموعة من الشركات العالمية الرائدة إلى السوق الكويتي، عبر توفير حوافز استثمارية متقدمة تشمل الإعفاءات الجمركية والضريبية، والملكية الأجنبية الكاملة، وتسهيل الإجراءات، وتخصيص أراضٍ صناعية.

ومن بين الشركات الكبرى التي تم استقطابها عبر الهيئة:

• شركة Amazon Web Services المتخصصة في الحوسبة السحابية والبنية الرقمية.

• شركة Google Cloud التي تعمل في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي الحكومي.

• شركة Huawei التي ساهمت في تطوير شبكات الاتصال من الجيل الخامس، وقدّمت برامج تدريب للكفاءات الكويتية.

• شركة General Electric التي شاركت في مشاريع الطاقة والبنية التحتية، وساهمت في تدريب وتوظيف كفاءات محلية.

• شركة Johnson & Johnson في القطاع الصحي والطبي.

• شركة Siemens الألمانية، وشركة CCC الصينية، المتخصصتين في مشاريع الطاقة والصناعة والبنية التحتية.

وتتبنى الهيئة نهجاً استثمارياً قائماً على جذب الشركات التي تلتزم بتوظيف الكويتيين، ونقل المعرفة، واستخدام تقنيات صديقة للبيئة.

الصندوق الوطني

وأضافت البحر: يمثّل الصندوق الوطني الذراع التنموية التي يمكّن الشباب الكويتيين من دخول القطاع الصناعي من أوسع أبوابه. فمن خلال دعم مالي يصل إلى 80 بالمئة من تكلفة المشروع الصناعي، إضافة إلى تقديم التدريب والاستشارات والمتابعة، يتيح الصندوق للمبادر تأسيس مشروعه الصناعي ضمن بيئة متكاملة مثل الشدادية.

كما يسهم الصندوق في تخصيص قسائم صناعية جاهزة، ومساعدة المبادرين في إعداد دراسات الجدوى، وتوفير الدعم التشغيلي والإداري، إضافة إلى تمكينهم من الدخول في سلاسل التوريد مع الشركات الكبرى.

وأشارت البحر الى أن هذا الدور لا يكتفي بتحفيز المشاريع، بل يصنع جيلًا جديدًا من الصناعيين الكويتيين القادرين على المنافسة، والإبداع، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

مميزات الشدادية

تمتاز المنطقة بعدة خصائص تجعل منها مشروعاً صناعياً استثنائياً:

• تعتبر أول منطقة صناعية في الكويت يتم تصميمها على أساس التخصص القطاعي والتكامل الصناعي.

• تتوفّر على بنية تحتية متقدمة تشمل شبكات كهرباء، مياه، صرف صناعي، وشبكات اتصالات عالية الجودة.

• موقعها الجغرافي قريب من الموانئ، والطرق السريعة، والأسواق الخليجية.

• تمنح الشركات العاملة فيها حوافز ضريبية وجمركية تمتد حتى 10 سنوات.

• تسهيلات قانونية وإدارية عبر «النافذة الموحدة» لتقليل البيروقراطية.

• التزام واضح بالمعايير البيئية من خلال إنشاء محطات معالجة نفايات صناعية.

• توافر مناطق للخدمات اللوجستية والنقل، مما يعزز من كفاءة سلاسل التوريد.

• إمكانية تخصيص أراضٍ للمناطق الحرة الصناعية مستقبلاً.

يُقدّر الأثر الاقتصادي للمنطقة على المدى المتوسط بما يلي:

• خلق أكثر من 18 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات الخمس القادمة.

• رفع مساهمة القطاع الصناعي إلى أكثر من 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

• تقليل الاستيراد في السلع الأساسية بنسبة تصل إلى 35 بالمئة.

• فتح أسواق جديدة أمام المنتجات الكويتية في الخليج والعراق وشمال إفريقيا.

• تحويل الكويت إلى مركز صناعي ناشئ في منطقة الخليج.

كما تتطلع الدولة إلى تحويل الشدادية إلى نقطة انطلاق إقليمية لجذب المصانع من دول مثل الصين وتركيا والهند، وتوطين خطوط إنتاج متقدمة، خصوصًا في قطاعات مثل الصناعات الغذائية، الدوائية، والتقنيات المتقدمة.

لضمان نجاح المنطقة وتحقيق رؤيتها الكاملة، يمكن اقتراح ما يلي:

• استكمال الربط اللوجستي بين الشدادية والموانئ عبر خطوط نقل مباشرة.

• تطوير منصة رقمية شاملة لإدارة المنطقة من حيث التراخيص، البيانات، الأداء.

• تأسيس معهد صناعي متخصص داخل المنطقة لتأهيل الفنيين والإداريين.

• تشجيع الشركات الكبرى على إقامة مراكز للبحث والتطوير داخل الشدادية.

• توسيع نطاق التمويل المباشر من الصندوق الوطني ليشمل التصدير والتكنولوجيا. وأضافت أن مشروع الشدادية الصناعية هو رؤية اقتصادية وطنية شاملة تهدف إلى خلق اقتصاد إنتاجي فعّال ومستدام، وهو نموذج يُترجم التوجيهات السامية نحو بناء قاعدة صناعية وطنية قادرة على تحقيق الأمن الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الصادرات، وتكريس موقع الكويت كمركز صناعي واقتصادي رائد في المنطقة.

وليس مجرد توزيع أراضٍ أو استقطاب شركات، بل هو مشروع وطني سيادي يرسم ملامح اقتصاد الكويت خلال العقود القادمة، فهو استثمار في الأرض، والإنسان الكويتي والمعرفة الصناعية، والموقع الاستراتيجي، والعدالة الاقتصادية.

وختمت البحر بأن هذا المشروع، بتكامل أدوار هيئة الاستثمار، والصندوق الوطني، والهيئة العامة للصناعة، يشكّل نقطة الانطلاق نحو مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية الحقيقية، تُبنى فيها المصانع كما بُنيت الآبار، ويُراهن فيها على الإنسان الكويتي كما راهن من قبل على النفط.