اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
بالوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، وتأكيد دخول الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، تكون سورية، لا سيما النظام الجديد، قد تجاوزت قطوعاً خطيراً جداً أريد له أن يكون تكريساً لاهتزاز طويل الأمد يفتح الطريق أمام الإدارات الذاتية أو الكيانات المستقلة، وهو ما ترفضه دمشق تماماً.
وتسنّى لـ«الجريدة» أن تكون حاضرة في دمشق خلال المواجهات وبالتزامن مع الاتصالات الدولية والدبلوماسية التي أُجريت من أجل ضبط الوضع، وهنا لا بد من الخروج بخلاصات كثيرة حول أفق المرحلة المقبلة.
بداية، صحيح أن ما حصل لو طال أمده كان بالإمكان أن يتوسع ويفجّر سورية كلها، وأن تكون ارتداداته بعيدة المدى أيضاً خارج الجغرافيا السورية. لكن دمشق كانت عازمة على إنهاء المواجهات، فشرعت باتصالات مع وجهاء السويداء في موازاة الاتصالات الدولية والدبلوماسية التي أُجريت ونتج عنها بيان عربي ــ إسلامي يؤيد الحكومة السورية في قوة دفع كبيرة أُعطيت لها، وهو ما أثبت مدى حضور النظام السوري الجديد على الساحتين الإقليمية والدولية.
وعندما أعلن الرئيس أحمد الشرع الخميس الماضي انسحاب القوات الحكومية من السويداء، بقي على ثقة بأنها ستعود، ولكن هذه المرة بناءً على طلب أهالي السويداء، وبحسب ما كشفت مصادر متابعة فإنه خلال الاتصالات مع الأميركيين، الذين طلبوا انسحاب القوات السورية، تم إبلاغهم أن الانسحاب سيؤدي إلى مجازر بحق البدو، ما سيقود إلى عمليات عسكرية مضادة، لكن جهات دولية عديدة أشارت إلى قدرتها على منح الضمانة بعدم حصول أي جرائم أو تجاوزات، وهو ما لم يحصل، فعلى إثر الجرائم التي ارتُكِبت بحق البدو، أعلنت العشائر النفير العام، ما أصبح ينذر بمخاطر تفجّر الأوضاع في المنطقة كلها، عندئذ تحركت الاتصالات من السويداء باتجاه دمشق لإعادة ضبط الوضع.
وبحسب المسؤولين السوريين فإن إسرائيل هي التي عملت على تغذية الإشكالات ومنع تطبيق الاتفاق، لأن لديها أهدافاً استراتيجية تريد تحقيقها. أحد الخلافات الأساسية يتصل بمحاولة فرض منطقة عازلة ومنزوعة السلاح في الجنوب السوري من درعا إلى السويداء والقنيطرة، وهو أمر ترفضه الدولة السورية.
خلاف آخر يتصل بالنقاط الاستراتيجية التي تتمركز فيها إسرائيل، كموقع تل الحارة في درعا، وهو موقع استراتيجي يطل على كل سهل حوران وعلى دمشق. وموقع «مرصد جبل الشيخ» الذي يكشف دمشق من الجهة الغربية. طالبت سورية بالانسحاب الإسرائيلي من هذه النقاط، لكن تل أبيب رفضت ولا تزال، كما تحاول الضغط على دمشق أمنياً وعسكرياً في سبيل الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان وهو أمر يرفضه الشرع.
وقعت المواجهات التي دخلت إسرائيل على خطها سريعاً، وعبّر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عن أهدافه، عندما أشار إلى خلق منطقة منزوعة السلاح في كل الجنوب السوري.
في المقابل تسارعت الاتصالات الإقليمية والدولية لوقف التصعيد الإسرائيلي ضد سورية، فأُجريت بالشرع اتصالات عديدة للتعبير عن التضامن مع دمشق، كما تمت اتصالات بين الولايات المتحدة والسعودية، وقطر وتركيا من أجل الوصول إلى وقف المواجهات وتهدئة الأوضاع. كل الاتصالات التي أُجريت بالشرع عبّرت عن دعمه واستمراريته، وكثف الأميركيون ضغوطهم على تل أبيب.
في الخلاصة أيضاً أن دمشق حريصة على معالجة موضوع شمال شرق سورية وإعادة بسط السيطرة عليه بشكل كامل، وعدم ترك المجال أمام أي كيان ذاتي أو مستقل، وهو ما تبذل واشنطن جهوداً كبيرة مع قوات سورية الديموقراطية (قسد) لمعالجته، في هذا السياق تفيد المصادر بأن الاتصالات مستمرة والولايات المتحدة تمارس ضغوطها، بينما ينتظر الشرع زيارته لواشنطن خلال الشهرين المقبلين، وبعدها يُفترض أن تتم معالجة موضوع «قسد».
أردوغان: إسرائيل لا تريد استقرار المنطقة
«الشرع جهَّز 2500 جندي لتثبيت الأمن في الجنوب ولن أتركه وحيداً»
دافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس بقوة عن نظيره السوري أحمد الشرع، مؤكداً أنه اتخذ «موقفاً حازماً» في السويداء، ولم يقدم أي «تنازلات»، وجهّز 2500 جندي بأسلحة خفيفة استعداداً لنشرهم لتثبيت الأمن في الجنوب.
وقال أردوغان، خلال عودته من قبرص التركية إن «الشرع سيطر على الوضع في السويداء ومحيطها، وتوصل إلى اتفاق بين الدروز والجماعات الأخرى، وأطلعني على مطالبه منّا، وأكدنا له أننا سنقدم له كل الدعم».
وأضاف أن «السويداء محاطة وهناك مشكلة في السماح للقوات بالدخول حالياً، وهناك توافق تام بين اثنين من الفصائل الدرزية، بينما يعمل الجناح الثالث مع إسرائيل لإثارة الفوضى».
واتهم أردوغان إسرائيل بمواصلة الاستفزاز، مؤكداً أنها «لا تريد الاستقرار في المنطقة وتعتقد أنه ليس من مصلحتها أن تكون سورية موحدة».
وشدد على ضرورة الإيضاح للعالم أجمع، أن «إسرائيل تعمل على عرقلة مشروع الاستقرار في سورية وتسعى باستمرار إلى إشعال المنطقة كلها».