اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
تشهد بورصة الكويت من وقت الى آخر طرح فرص استثمارية مميزة من خلال آلية المزاد الالكتروني التي تنفذ بناء على اخطارات رسمية من وزارة العدل – ادارة التنفيذ، وتشمل بيع ملكيات في شركات مدرجة وغير مدرجة، وفق أطر قانونية دقيقة وضوابط محكمة تكفل حقوق جميع الأطراف المعنية، سواء المستثمر أوالدائن مالك السهم المرهون.
فعليا، شهد السوق الكويتي نشاطا متزايدا في الآونة الأخيرة في عملية تنفيذ المزادات التي تجري بهدف تحصيل المديونيات، ما أتاح للمستثمرين فرصا نوعية لتحقيق أرباح مجزية خلال فترات قصيرة، لاسيما في الشركات المدرجة وغير المدرجة التشغيلية ذات الأداء الجيد، واستفاد بعض المستثمرين الذين تمكنوا من اقتناص أسهم عند مستويات سعرية جذابة من اتساع الفجوة بين الأسعار السوقية والأسعار التي تتم بها هذه المزايدات، ما جعلها بيئة خصبة لاستغلال فرص قصيرة الأجل، وتحقيق عوائد لافتة مقارنة بالتداولات الاعتيادية داخل جلسة السوق.
وتستند هذه المزادات في تنفيذها الى ما ينص عليه قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، خصوصا المواد التي تنظم عمليات بيع الأوراق المالية خارج التداول المعتاد، ومنها أحكام الكتاب التاسع بشأن قواعد التعامل في الأوراق المالية، والكتاب الحادي عشر المتعلق بالعدالة والشفافية. ووفقا لهذه القواعد فإن بيع الأسهم المرهونة أو المحجوز عليها يتم عبر آلية منظمة تضمن الافصاح والعلانية، وتلزم القائم بالبيع، سواء كانت جهة تنفيذية أو مفوضة، بعدم بيع أوراق مالية تزيد قيمتها عن قيمة الدين ومصاريف التنفيذ، تحقيقا لمبدأ العدالة ومنع أي استغلال.
آلية المزاد
يعد المزاد الالكتروني احدى الوسائل الحديثة التي اعتمدتها الجهات المعنية في السوق المالي لتسهيل عمليات البيع والشراء بأسلوب رقمي آمن، يتيح للمستثمرين الاطلاع والمشاركة، حيث تعرض الأسهم المطروحة في هذه المزادات، بعد استيفاء كل الاجراءات القانونية والفنية المتعلقة بسلامة الملكية وقيمتها السوقية. وتختلف طريقة العرض بين الأسهم المدرجة وغير المدرجة، حيث إن الأسهم المدرجة تعرض وفق قواعد التداول المعتمدة في البورصة، ويسمح للمستثمرين المسجلين بالتنافس على شرائها، ضمن فترة محددة وبسعر افتتاح يبدأ من التقييم المعتمد.
أما الأسهم غير المدرجة، فتتم عملية البيع عبر آلية خاصة تشرف عليها ادارة التنفيذ بالتعاون مع الوسطاء المعتمدين، وغالبا ما تعلن النتائج بعد انتهاء فترة المزايدة واتمام سداد القيمة.
وتجري عملية المزايدة في التوقيت المحدد بسعر محدد واذا تعذر البيع في جلسة المزايدة الأولى للقائم بالبيع، تبدأ الجلسة الثانية بعد انتهاء الجلسة الأولى بخمس دقائق بسعر أساس 100 فلس للسهم، وفي حال تعذر البيع في جلسة المزايدة الثانية يجوز للقائم بالبيع أن يجري جلسة المزايدة الثالثة بعد انتهاء جلسة المزايدة الثانية بخمس دقائق بدون سعر أساس، ويتم ترسية المزاد على من يتقدم بأعلى سعر لكمية الأوراق المالية المعروضة.
مكاسب متعدِّدة
غالبا ما تجذب هذه المزادات مستثمرين استراتيجيين يسعون للاستحواذ على نسب مؤثرة بأسعار تنافسية، خصوصا في الشركات التي تحقق توزيعات نقدية منتظمة أو تمتلك أصولا تشغيلية قوية وتحقق مكاسب عدة لكل الأطراف، أبرزها التالي:
1 - المستثمرون الجدد: فرص استثمارية بأسعار عادلة: تتيح هذه المزادات فرصا مميزة للمستثمرين الراغبين في اقتناص حصص مؤثرة بأسعار تقل غالبا عن متوسطات السوق، خاصة في حال ضغط التنفيذ القضائي لسرعة البيع.
ويمكن للمستثمرين تحقيق مكاسب رأسمالية مستقبلية في حال تحسن أداء الشركة لاحقا أو ارتفع سعر السهم بعد استقرار أوضاع الملكية.
2 - الدائنون: استرداد الحقوق المالية بآلية مضمونة تمكن الجهات الدائنة من تحصيل حقوقها المالية بسرعة وشفافية، دون الحاجة الى الدخول في عمليات تفاوض طويلة. وتوفر المزادات الالكترونية آلية عادلة تضمن تقييما موضوعيا للأسهم المرهونة وفق الأسعار السوقية، وتمنح الدائن حقه دون المساس بحقوق الغير.
3 - الشركات المرهونة أسهمها: رغم أن عملية البيع قد تظهر تحديا على المدى القصير، فإنها تمثل في بعض الحالات بداية جديدة للشركة، خصوصا اذا دخل مستثمر استراتيجي يمتلك القدرة على دعم النشاط التشغيلي واعادة ترتيب الهيكل المالي والاداري. وقد شهدت بعض الشركات بعد عمليات المزاد تحسّنا في الأداء المالي والتشغيلي نتيجة دخول مستثمرين جدد يحملون خطط تطوير واضحة.
انعكاسات إيجابية
تشكل هذه المزادات أحد العوامل التي تعزز كفاءة السوق وتسهم في تحسين مستوى السيولة، اذ تفتح الباب أمام تدفق رؤوس أموال جديدة وتدوير الأسهم الراكدة، كما تسهم في تعزيز مبدأ العدالة والشفافية، وتظهر التزام الجهات الرقابية بتطبيق القوانين على نحو يرسخ الثقة بالسوق الكويتي كبيئة استثمارية متطورة. وتكمن الأهمية كذلك في كون هذه المزادات تخلق فرصا لتقييم عادل للأسهم المدرجة وغير المدرجة، وتكشف عن الأسعار الواقعية بناء على تفاعل الطلب والعرض، ما يجعلها أداة مساعدة في اكتشاف السعر الحقيقي للأصل المالي.
وعلى مستوى السوق تحقق هذه المزادات بعض الايجابيات، أبرزها:
1 - تحفيز الشفافية والإفصاح، لأن كل مزاد يتم وفق اعلان رسمي وشروط واضحة.
2 - جذب المستثمرين المؤسسيين الذين يبحثون عن صفقات نوعية بأسعار عادلة.
3 - توسيع قاعدة المساهمين، ما ينعكس إيجابا على سيولة الأسهم وتداولها لاحقا.
4 - تعزيز الثقة في الاجراءات القضائية والمالية، إذ تدار المزادات الكترونيا وتحت رقابة رسمية مباشرة.
5 - خلق فرص في الشركات ذات الأداء التشغيلي المميز، حيث تمكِّن المستثمرين من دخول ملكيات في شركات تحقق توزيعات نقدية مجزية.
فرص واعدة
تبرز تجربة المزادات الالكترونية في تكامل الأدوار بين وزارة العدل وهيئة أسواق المال وبورصة الكويت في ادارة عمليات بيع الأسهم المرهونة أو المحجوز عليها، ويؤكد هذا النظام أن السوق الكويتي يتمتع بآليات تواكب المعايير الدولية، وتجمع بين حماية حقوق الأطراف واتاحة الفرص الاستثمارية الواعدة في بيئة تسودها الشفافية والعدالة.
فمن منظور المستثمر، تمثل هذه المزادات فرصة استثمارية ذات جدوى عالية، ومن منظور الدائن هي وسيلة استرداد فعالة للحقوق، أما من منظور السوق فهي أداة حيوية تعزز السيولة والاستدامة في منظومة السوق المالية.


































