بدء الإنتاج التجاري في حقل «مطربة» النفطي

طارق عرابي

دخلت الكويت أمس مرحلة جديدة في استراتيجيتها النفطية مع تدشين الإنتاج التجاري من حقل مطربة الواقع شمال غرب البلاد، ويعد المشروع علامة فارقة في جهود شركة نفط الكويت لتطوير الحقول النائية والمعقدة ذات التحديات الفنية العالية.

وقد جرى التدشين خلال حفل نظمته شركة نفط الكويت أمس، بحضور وزير النفط طارق سليمان الرومي، والرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف السعود، والرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت أحمد جابر العيدان، إلى جانب عدد من كبار مسؤولي القطاع النفطي والتنفيذيين في الشركات التابعة للمؤسسة، والرئيس التنفيذي لشركة «أس أل بي» أوليفييه لي بوش، وهي إحدى الشركات المشاركة في المشروع.

وفـــي تصريحاتــــه للصحافيين على هامش الحفل، أكد وزير النفط طارق الرومي، أن إعلان شركة نفط الكويت بداية إنتاجها التجاري في حقل (مطربة) يعد إنجازا مهما لها، مشيرا إلى أنه يأتي نتيجة لعمل دؤوب قامت به الشركة استمر قرابة 20 عاما. وأضاف الرومي أن هذا الإنجاز جاء نتيجة لتحديات كبيرة ومعقدة واجهتها الشركة بكفاءة وعزيمة.

وذكر أن الإنجاز يدفع الشركة إلى تحقيق المزيد من النجاحات المماثلة مستقبلا، مشيدا بدورها الفعال إذ تمكنت من تحقيق أهدافها الرئيسية بالرغم من صعوبة حفر (مطربة).

وأفاد بأن «بئر مطربة ليس من الآبار السهلة على الإطلاق وقد شكل تحديا حقيقا للشركة»، مؤكدا ثقته باستمرار شركة نفط الكويت وكافة الشركات النفطية لتحقيق مثل هذه الاستكشافات والإنجازات التي تعود بالنفع على الكويت وترجمة لتوجيهات القيادة السياسية.

وقال: «لدينا اتفاقيات مع شركات عالمية تساعدنا لاستكشاف النفط بكميات تجارية». وذكر الرومي أن الطاقة الإنتاجية للنفط في الكويت تبلغ حاليا نحو 2.5 ملايين برميل يوميا، وذلك بناء على الاتفاق الذي تم بين الدول الأعضاء في منظمة «أوپيك».

وحول تأثير إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) خفض سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة على أسواق النفط العالمية، أوضح الوزير إنه على الرغم من الاتفاق المسبق مع منظمة (أوپيك) على رفع الإنتاج إلا أن أسعار سوق النفط لاتزال مناسبة وطبيعية. وأضاف ان التنبؤ بمستقبل أسعار سوق النفط في الوقت الراهن يعد «أمرا بالغ الصعوبة»، معربا عن اعتقاده بأن يشهد سوق النفط على خلفية خفض الفائدة زيادة في الطلب وتحديدا في دول قارة آسيا.

وقال إن السوق النفطي «محير ولا يمكن التنبؤ بمستقبله ورغم رفع الإنتاج الأمور طيبة»، متوقعا «زيادة في الطلب خلال الفترة المقبلة». وبشأن توقعاته لفرض عقوبات على النفط الروسي، ذكر «أن أي مشكلة بالعالم لها انعكاسات سلبية أو إيجابية»، مبينا أن «أي مشكلة تحدث في العالم أو توجه لفرض عقوبات على إحدى الدول تنعكس على أسعار النفط».

شركات عالمية للتطوير

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة البترول الكويتية الشيخ نواف السعود إن تدشين حقل مطربة يمثل انطلاقة جديدة للقطاع النفطي الكويتي تحت قيادة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، مشيرا إلى أنه يعد «قفزة نوعية لمواكبة التحديات العالمية».

وأضاف الشيخ نواف السعود في تصريح للصحافيين عقب حفل تدشين الإنتاج التجاري لحقل مطربة أن هذا التدشين يعد ابتكارا جديدا قامت به شركة نفط الكويت، مشيرا إلى أنه من أصعب الحقول التي يمكن تطويرها في الكويت نظرا لارتفاع نسبة غاز الكبريت فيه.

وذكر أن «نفط الكويت» استعانت بشركات عالمية لتطوير هذا الحقل كخطوة أولى ضمن منظومة جديدة تسمى (Integrated Management Production)، لافتا إلى أنها المرة الأولى التي تقوم فيها شركة نفط الكويت بتطبيق هذه المنظومة. وأفاد بأن هذا الابتكار يأتي بدعم من القطاع النفطي الكويتي بقيادة وزير النفط ومؤسسة البترول الكويتية بهدف إيجاد حلول جديدة تسمح للشركة بتطوير حقولها قائلا إنها ستفتح آفاقا جديدة في مجالات متعددة.

وأشار إلى أهمية هذا المشروع الذي يسهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي لمؤسسة البترول الكويتية لعام 2035 وهو الوصول لقدرة إنتاجية تصل إلى 4 ملايين برميل من النفط يوميا والمحافظة على هذا المستوى من الإنتاج.

120 ألف برميل

وخلال الحفل، ألقى الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت أحمد جابر العيدان، كلمة أشار فيها إلى أن تطوير حقل المطربة ارتبط بالعديد من التحديات التي كانت تتطلب الاستجابة المناسبة لها، لكن مع الكفاءات العالية التي يتمتع بها أبناء الشركة وفرقها، ولاسيما في كل من مجموعة الاستكشافات الجديدة ومجموعة الإنتاج ومشاريع الغاز، نجح التعاون في تجاوز التحديات وبدء عمليات الإنتاج في حقل مطربة ولهم كل التقدير والشكر، واصفا هذا الإنجاز بأنه «شهادة حية للجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية».

وأكد العيدان أن انضمام حقل مطربة إلى قائمة الحقول الإنتاجية يعزز مكانة الكويت على خارطة الإنتاج النفطي العالمي، ويشكل خطوة استراتيجية ضمن خطط الدولة لتعزيز مساهمتها في أسواق الطاقة الدولية.

وقال إن حقل مطربة كان يشكل تحديا عالميا، لأنه مشبع بغاز(H2S) بنسبة تصل إلى 40%، وهو أمر نادر ويصعب من عملية الإنتاج التي استغرقت نحو 15 عاما منذ اكتشاف الحقل، متوقعا أن يبلغ إنتاج الحقل ما بين 80 و120 ألف برميل من النفط الخفيف.

وتابع العيدان أن الرقم المستهدف للإنتاج النفطي من شركة نفط الكويت هو 3.65 ملايين برميل يوميا، بالإضافة إلى 350 ألف برميل تأتي من شركة نفط الخليج، ما يعني تحقيق الكويت لمعدل إنتاج يبلغ 4 ملايين برميل في 2035، مضيفا ان إنتاج الحقول الكويتية الحالية يصل إلى نحو 3 ملايين برميل، وبالتالي فإن الاستكشافات الجديدة هي التي ستساعد في الوصول إلى هدف إنتاج 3.65 ملايين برميل يوميا، بالإضافة إلى استدامة الإنتاج.

وفيما يتعلق بآخر تطورات الاستكشافات البحرية، أكد العيدان استمرار مسيرة الحفر في الآبار الست التي كان من بينها 3 آبار «طباشيري» و3 آبار «جوراسي»، حيث يتم حاليا الاستعداد للمشروع الثاني المتعلق بباقي الآبار الاستكشافية التي يصل عددها إلى 9 آبار، ما يعني أن إجمالي الآبار البحرية سيصل إلى نحو 15 بئرا استكشافيا تغطي المنطقة بالكامل، مؤكدا في الوقت ذاته أن نسبة النجاح في هذه الاستكشافات بلغت 100%.

يذكر أن الإنتاج التجاري من حقل مطربة بدأ رسميا في 15 يونيو 2025، وذلك بعد إتمام عمليات ربط بعض الآبار بمنشآت الإنتاج التابعة للشركة، ويقع الحقل في منطقة غير مطورة، تفتقر إلى البنية التحتية في شمال غرب الكويت، ويمتد على مساحة تتجاوز 230 كيلومترا مربعا، خارج نطاق الأصول الحالية التي تشغلها الفرق التابعة للشركة، وقد تم اكتشاف النفط الخفيف ذي الجدوى التجارية للمرة الأولى فيه عام 2009، ونظرا لوجود تركيزات مرتفعة من غاز كبريتيد الهيدروجين تصل إلى 40%، فقد شكل هذا الأمر أحد أبرز التحديات التي أسهمت في تأخر بدء الإنتاج من الحقل.