اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
وليد منصور -
تستعد شركات في الشرق الأوسط لموجة جديدة من التحديات بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية جديدة على عشرات الدول، من بينها عدة دول عربية. ووفق تقرير نشرته صحيفة ذا ناشيونال، فإن الرسوم «المتبادلة» التي تتراوح بين %10 و%41 تهدد برفع التكاليف التشغيلية وتقليص الهوامش الربحية في عدد من القطاعات الحيوية بالمنطقة.
وأشار التقرير إلى أن الإجراءات الجديدة، رغم أنها تشمل بعض التخفيضات مقارنة بإعلان أبريل الماضي، إلا أنها تبقي على نسب مرتفعة. على سبيل المثال:
سوريا تواجه رسومًا بنسبة %41، دون تغيير.
العراق: %35 بدلًا من %39.
ليبيا: %30 بدلًا من %31.
تونس: %25 بدلًا من %28.
الأردن: %15 بدلًا من %20.
إلا أن هذه التخفيضات وُصفت بـ«التجميلية» من قِبل خبراء، حيث تظل التأثيرات الفعلية على بيئة الأعمال محدودة للغاية.
سلاسل الإمداد
وقال بيتر ميدلبروك، الرئيس التنفيذي لشركة «جيوبوليسيتي» الاستشارية، إن «القطاعات الأساسية مثل التصنيع، والآلات، والإلكترونيات، والسلع الاستهلاكية، لا تزال تتعرض لضغوط كبيرة»، مشيرًا إلى أن «الاقتصادات المتنوعة مثل تونس والأردن والعراق ستفقد جزءًا من تنافسيتها في السوق الأمريكي».
كما حذر من أن الشركات المستوردة للسلع الأمريكية، خصوصًا في مجالات الأدوية والمكوّنات التقنية والمعدات الصناعية، ستواجه تكاليف أعلى، وهو ما سيجبرها على اتخاذ قرارات صعبة: امتصاص التكاليف أو تحميلها للمستهلك النهائي.
وأضاف أن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستجد صعوبة أكبر في التكيف مع بيئة تجارية غير مستقرة، فيما قد تلجأ الشركات الكبرى إلى تنويع الموردين أو الأسواق.
بيئة تجارية مضطربة
أكد التقرير أن حالة عدم اليقين التي تحيط بالسياسات الأمريكية أصبحت مصدر قلق متزايد للشركات والمستثمرين في الشرق الأوسط.
وقال ميدلبروك إن «الاحتمالات المرتفعة لتصعيد إضافي في السياسات تجعل من الصعب على الشركات وضع إستراتيجيات طويلة الأمد»، موضحًا أن المشهد التجاري الأمريكي «أصبح غامضًا وغير مستقر».
تأثير محدود
رغم القلق السائد، رأى التقرير أن التأثير الفعلي للرسوم قد يكون محدودًا نسبيًا، نظرًا لحجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط.
ونقل عن نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس اللبناني، قوله إن صادرات المنطقة إلى الولايات المتحدة لا تتجاوز %4 من إجمالي صادراتها السنوية، معظمها نفط وغاز، وهي منتجات مستثناة من الرسوم الجديدة.
وأوضح أن الدول المستوردة للنفط مثل مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس لا تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكي، مشيرًا إلى أن صادراتها للولايات المتحدة بلغت 8.2 مليارات دولار في عام 2024، بينما بلغت وارداتها منها 16 مليار دولار.
كما أن صادرات هذه الدول تتعلق في معظمها بالصناعات الخفيفة مثل الملابس، والمجوهرات، والأغذية المصنعة.
ضرب لثقة الأسواق
أوضح التقرير أن هذه القرارات الجمركية تزعزع الثقة في الولايات المتحدة كشريك تجاري تقليدي وموثوق.
وقال دين ميكلسن، محلل بحري مقيم في الإمارات: «لسنوات طويلة، كانت الولايات المتحدة تُعد مرساة استقرار تجاري في العالم العربي. أما الآن، فإن سياسة الرسوم المرتفعة والمتقلبة تغيّر هذه النظرة بشكل جذري».
وأشار إلى أن هناك توجّهًا متزايدًا في المنطقة نحو تنويع الشركاء التجاريين، وتعزيز العلاقات مع أوروبا وأفريقيا وآسيا لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.
خلص تقرير ذا ناشيونال إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة تأتي ضمن إستراتيجية أوسع لإدارة ترامب تهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات التجارية العالمية، والتفاوض على اتفاقات ثنائية تعكس ما تعتبره الإدارة «شروطًا أكثر إنصافًا» للولايات المتحدة.
الشركات الناشئة خارج نطاق التأثير
وفق التقرير، فإن قطاع الشركات الناشئة، خصوصًا التكنولوجية منها، لن يتأثر كثيرًا بهذه الرسوم، نظرًا لتركيزه على السوق الإقليمي وعدم ارتباطه بتصدير سلع مادية إلى الولايات المتحدة.
وقال فادي غندور، رئيس مجلس إدارة «ومضة كابيتال»، إن معظم الشركات الناشئة في المنطقة تعتمد على نماذج أعمال رقمية أو خدمية، وتُموَّل من داخل المنطقة، مما يجعلها بمنأى عن سياسات الرسوم الجمركية. وأضاف: «الرسوم لا تؤثر في صناديق رأس المال المخاطر المهتمة بالمنطقة، لأنها ليست مرتبطة بالتجارة التقليدية».
ضغوط إضافية على قطاعات غير نفطية
رغم استثناء صادرات الطاقة، أشار التقرير إلى أن القطاعات غير النفطية مثل الصناعة، والزراعة، والسلع الاستهلاكية، لا تزال عرضة للضغوط، خصوصًا في دول مثل تونس والعراق وليبيا، التي تسعى إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.