اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٩ أذار ٢٠٢٥
فيصل مطر
عشية عيد الفطر السعيد، وقبل ذلك بأيام قليلة أيضاً، شهدت الأسواق التجارية في البلاد حالة من الانتعاش الاستثنائي، حيث تحولت المجمعات التجارية والأسواق الشعبية إلى محطات مزدحمة، تعبق بروائح البخور والعطور الجديدة، وتزدحم بأصوات الأطفال والعائلات، التي تمضي في سباق مع الوقت لإتمام تجهيزاتها للعيد.
على أن هذه الحركة المتزايدة لا تعكس بعدًا اقتصاديًا فقط، بل تحمل أيضًا أبعادًا اجتماعية وثقافية، تعكس ارتباط المجتمع الكويتي بعادات العيد وتقاليده.
ورغم تفاوت الأسعار بين الأسواق التجارية المختلفة، وغياب التخفيضات عن كثير من الموديلات الجديدة، فإن الإقبال على الشراء لم يتراجع، بل ازداد حدّة في اللحظات التي تسبق حلوله بساعات، حيث لم تنجح محاولات بعض المتسوقين في التخطيط المبكر، تجنبًا للازدحام وضغط الوقت.
مؤشر رئيسي
لا يحتاج المرء إلى مؤشرات إحصائية، ليدرك حجم الإقبال على الأسواق الكويتية في الأيام الأخيرة من رمضان. يكفي أن تتجول في محيط أحد المجمعات التجارية الكبرى، لتكتشف حجم الزحام المروري وتعطّل الحركة، حتى في الساعات الصباحية، التي كانت يومًا تُعد أوقات هدوء نسبي.
هذا الازدحام بات مرآة كاشفة لنشاط الأسواق، في الأيام القليلة الماضية التي تسبق العيد، فارتفعت كثافة المتسوقين، خصوصًا في فترة ما بين الإفطار حتى منتصف الليل، واكتظت المحال بالعائلات، التي تحرص على اختيار ملابس جديدة للأطفال والنساء، بينما يستكمل الرجال تجهيزاتهم في الأسواق الشعبية، التي ما تزال تحافظ على مكانتها، خاصة فيما يتعلق بمستلزمات اللباس التقليدي.
حركة ومبيعات
في جولة لـ القبس داخل أحد المجمعات التجارية الكبيرة، بدت محال ملابس الأطفال والنساء الأكثر ازدحامًا، وهو ما تؤكده هالة محمد، مديرة فرع لإحدى العلامات التجارية، بقولها: «الطلب يتركز بنسبة كبيرة على ملابس الأطفال، وغالبًا ما تصطحب العائلات أطفالها لاختيار القطع المناسبة لهم. أما النساء، فهن الأكثر حرصًا على اقتناء ملابس العيد حتى اللحظة الأخيرة، مما يجعل قسم الملابس النسائية نشطًا إلى ما قبل العيد بساعات».
في المقابل، يتخذ الرجال، من جهتهم، مسارًا مختلفًا. فبحسب العادة المتكررة سنويًا، يبدأ أغلبهم بتفصيل دشاديشهم قبل العيد بأسبوعين أو أكثر، تليها الأحذية الجديدة، فيما يُرجئ الأغلبية شراء المستلزمات الأخرى، مثل الغترة والعقال، إلى الأيام الأخيرة، حيث تكون الأسواق الشعبية هي الوجهة المفضلة.
على الطرف الآخر من المشهد، تقف الأسواق الشعبية، مثل المباركية وقيصرية الجهراء، شاهدة على حركة موازية من التسوق، وإن اختلفت طبيعة البضائع المعروضة. هنا تغيب العلامات التجارية، وتظهر البضائع المتنوعة بأسعار متفاوتة، تغري المتسوقين من مختلف الطبقات الاجتماعية.
يقول محمد يوسف، الذي يعمل بائعاً منذ أكثر من 15 عامًا في أحد الأسواق الشعبية: «الزحمة ازدادت في الأيام الخمسة الماضية. أغلب الزبائن من الرجال، يشترون الغتر والعُقُل، وبعضهم يطلب محفظة جديدة لطفله من أجل جمع «العيادي»، أو مسباحاً هدية العيد له، لكي تكتمل «كشخة العيد». و«الأسعار هنا مناسبة، وهناك من يفضّلنا على المجمعات، لأنهم يحصلون على تنوّع أكبر بسعر أقل».
غياب التخفيضات
ورغم زيادة الإقبال، يشكو كثير من المتسوقين من غياب التخفيضات، خاصة على الملابس الجديدة، التي تصل خصيصًا لموسم العيد. هذا ما تؤكده نورة، الموظفة في القطاع الحكومي، أثناء جولتها في أحد المحال، قائلة: «الأسعار غير منخفضة إطلاقًا، والموديلات الجديدة ليست عليها أية خصومات، محال كثيرة تعرف أن الطلب مرتفع، ولهذا لا تقدّم عروضًا حقيقية. العائلة التي لديها أكثر من طفل تجد نفسها مجبرة على الإنفاق بشكل مضاعف».
ويتفق معها أحمد سامي، البائع في متجر لملابس الرجال، موضحًا أن «الأسعار تعتمد على الماركات ونوع القماش. فالموديلات الجديدة التي صُممت خصيصًا لموسم العيد لا تدخل ضمن التخفيضات، بل تُعرض بأسعارها الأساسية المرتفعة نسبيًا لأن عليها طلبًا».
وفي تجربة ميدانية، يبدو واضحًا أن ساعات ما بعد الإفطار تشكل الذروة الفعلية لحركة الشراء، إذ تفتح المحال أبوابها من جديد بعد إغلاق مؤقت قبل موعد الإفطار، ليتوافد المتسوقون بأعداد كبيرة.
ويقول سالم الدوسري، وهو رب أسرة، ولديه ثلاثة أطفال: «التسوق نهارًا أكثر هدوءًا، لكنه ليس عمليًا بسبب ضيق الوقت، فالمحال تغلق قبل موعد الإفطار، أما بعد صلاة التراويح، فالأسواق تكون في أوج ازدحامها، رغم أن الأمر مرهق، لكنه جزء من أجواء العيد».
التخطيط ضرورة
ويشكّل توقيت صرف الرواتب في هذا العام، عاملًا رئيسيًا في تأخير موجة التسوق، إذ يرى عدد من الباعة أن كثيرًا من الأسر انتظرت حتى تسلّم راتب شهر مارس، لتبدأ فعليًا بشراء مستلزمات العيد، خصوصًا بعد أن أنفقت راتب فبراير على احتياجات شهر رمضان.
ويقول حازم شلال، مدير مبيعات محل في أحد المجمعات التجارية: «نلاحظ تأخّر حركة الشراء هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة. أغلب الزبائن بدأوا التسوّق الفعلي بعد منتصف رمضان، لأن الميزانية المخصصة للعيد لم تكن متاحة قبل نزول الراتب الجديد».
ورغم كل المشكلات اللوجستية، التي قد ترافق حركة التسوق من زحام وارتفاع أسعار وضيق وقت، فإن مظاهر الفرح تبقى سائدة. كثيرون يرون في هذه الأجواء نوعًا من الطقس الاجتماعي، الذي يرافق العيد، ويمهد له.
ويقول فيصل العنزي، الشاب العشريني، بينما يحمل أكياس التسوق في أحد المراكز التجارية: «الزحام لا يزعجني، بل أشعر أنه جزء من التحضير للعيد. أجواء الأسواق، الناس يشترون، الأطفال يركضون في المولات.. كل هذه التفاصيل تعطينا إحساسًا حقيقيًا بأنها ليلة عيد».
مظاهر الإقبال على الشراء
◄ الزحام في محيط المجمعات التجارية
◄ زيادة البيع في محال الأطفال والنساء
◄ تمديد ساعات عمل بعض المحال
دور كبير لرجال المرور
كثّفت الإدارة العامة للمرور جهودها الميدانية، لتنظيم حركة السير والحد من الازدحام المروري قبل العيد، خاصة في محيط الأسواق والمجمعات التجارية.
وقد ساهم الانتشار الميداني، والتنسيق مع الجهات المعنية، في تحسين انسيابية الحركة وتخفيف الاختناقات.