اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٥ حزيران ٢٠٢٥
وليد منصور -
أدى القصف الجوي لكيان الاحتلال المفاجئ على مواقع في إيران، فجر الجمعة، إلى اضطرابات فورية في سوق ناقلات النفط العالمية، وسط مخاوف متزايدة من تعطل حركة الشحن عبر منطقة الخليج، الشريان الحيوي لتجارة الطاقة العالمية.
وكشفت وكالة بلومبيرغ أن كبرى شركات تشغيل الناقلات، من ضمنها شركة «فرونت لاين» النرويجية، أبدت حذراً متزايداً في تأجير سفنها في منطقة الخليج، في وقت أفاد عاملون في السوق بأن عدداً كبيراً من الشركات امتنعت عن عرض سفنها للتأجير حتى تتضح صورة التطورات.
وقال أنوب سينغ، رئيس وحدة أبحاث الشحن لدى «أويل بروكرج»: «إن هذه التطورات أضافت علاوة مخاطر كبيرة، إذ لم يعد من الممكن التعامل مع عمليات الشحن في الخليج، وكأن الأمور تسير كالمعتاد»، مضيفاً أن «احتمال اندلاع حرب في الشرق الأوسط له تأثير مادي مباشر على أسعار الشحن». وتجددت المخاوف القديمة من إمكان أن تقدم إيران على إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نسبة كبيرة من صادرات النفط العالمية.
وعلى الرغم من أن مثل هذا السيناريو يُعد خياراً متطرفاً، فإن المخاوف تتعلق بتكتيكات أخرى، مثل التحرش بالسفن التجارية المرتبطة بدول منافسة، وهو أمر لجأت إليه طهران سابقاً.
وفي طوكيو، سارعت شركات الشحن الكبرى، مثل «نيبون يوسن» و«ميتسوي أو إس كيه لاينز» و«كاواساكي كيسن»، إلى إصدار تعليمات لسفنها بتوخي الحذر في المنطقة عقب الضربات الجوية.
وقال لارس بارستاد، الرئيس التنفيذي لـ«فرونت لاين»: «أصبحنا أكثر تردداً بكثير في عرض سفننا للتأجير انطلاقاً من الشرق الأوسط».
تحذيرات بحرية مبكرة
قبل الضربات، حذرت «البحرية البريطانية» من أن أي تصعيد قد يؤثر في حركة الشحن، ولا سيما في مضيق هرمز، الذي تمر عبره كميات ضخمة من النفط والغاز. كما أصدر «مركز المعلومات البحرية المشتركة»، التابع لقوات التحالف البحري، تحذيراً من مخاطر متزايدة، تشمل احتمال استخدام الصواريخ قرب المضائق.
وأشار المركز إلى تزايد حالات التشويش على أنظمة الملاحة الإلكترونية للسفن، داعياً المشغلين إلى تجهيز بدائل في حال تعطلت الوسائل الرقمية. وقال بارستاد إنه خلال أزمات سابقة، تم تنظيم حركة السفن في قوافل مرافقة من قبل القوات البحرية، إلا أن هذه الإجراءات رغم فعاليتها، تؤدي إلى تأخيرات في الإبحار وتزيد من التكاليف.
تداعيات مباشرة
ويمر عبر مضيق هرمز يومياً نحو 20 ناقلة عملاقة بينما تشير التقديرات إلى أن %10 من أسطول هذه الناقلات العالمية يتواجد في الخليج في أي لحظة، مما يعكس حجم المخاطر المحتملة لأي اضطراب في هذا الممر الإستراتيجي، الذي تعتمد عليه السعودية، الإمارات، الكويت، وحتى إيران نفسها.
وقال نيل روبرتس، أمين «اللجنة المشتركة للحرب» التابعة لشركات التأمين: إن المضيق يقع أصلاً ضمن «المناطق المدرجة»، التي تتطلب إخطاراً مسبقاً لشركات التأمين، مشيراً إلى أن «الهجمات الحالية لا تستهدف السفن مباشرة، لكن احتمال وقوع أضرار جانبية ارتفع بشكل واضح».
مخاطر وفرص
ورغم أن الضربات قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل، فإن هناك سيناريوهات قد تكون سلبية للسوق، مثل تراجع الطلب بسبب ارتفاع أسعار النفط، أو القيود الطويلة على تدفقات الخام من الشرق الأوسط.
في المقابل، قد تستفيد بعض الخدمات الملاحية المساندة، خاصة تلك التي توفر الحماية للسفن أثناء عبورها، كما قد تشهد أسعار نقل البضائع الجافة Bulk Carriers ارتفاعاً، نظراً لأن منطقة الخليج تمثل أكثر من %10 من تجارة السلع غير المعبأة عالمياً.
واختتم الخبير البحري جايندو كريشنا، من «درويري مارايتايم» قائلاً: «علاوة المخاطر الحربية سترتفع بشكل كبير، وستحتاج سلاسل التوريد إلى وقت لإعادة التكيّف مع الواقع الجديد».
أسعار النفط
من جانب آخر، توقّع محللو وول ستريت أن تشهد أسعار النفط ارتفاعات كبيرة قد تتجاوز مستوى 90 دولاراً للبرميل، إذا اتسع نطاق الصراع القائم بين كيان الاحتلال وإيران بشكل كبير.
وأشارت تقديرات محللي بنك «غولدمان ساكس» إلى أن الصراع قد يؤدي إلى فقدان نحو 1.75 مليون برميل يومياً من الإمدادات الإيرانية خلال فترة ستة أشهر، وهو نقص لن يُعوّض إلا جزئيًا من خلال زيادة الإنتاج من قبل بعض أعضاء تحالف «أوبك+».
وقال دان سترايفن وفريقه من «غولدمان ساكس» في مذكرة: «نتوقّع أن يرتفع سعر خام برنت إلى ذروة تتجاوز 90 دولاراً للبرميل، قبل أن يعود إلى مستويات الستينيات بحلول عام 2026 مع تعافي الإمدادات الإيرانية».
ويعتمد الخطر القادم على مدى رد إيران على هجوم كيان الاحتلال ضد منشآتها النووية. إذ إن أي توسّع في نطاق الصراع ليشمل منتجين إقليميين آخرين أو إغلاق مضيق هرمز - الذي يمر عبره نحو %20 من إمدادات النفط العالمية - قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة %35 تقريباً عن مستوياتها الحالية.
وأضاف فريق «غولدمان ساكس»: «استناداً إلى تحليلات سابقة، قد تتجاوز أسعار النفط 100 دولار للبرميل في سيناريو متطرف يتضمن تعطلاً مطولاً».
خام برنت
وفي وقت سابق لهجمات كيان الاحتلال، توقّع محللو «جي بي مورغان» أن يقفز خام برنت إلى 120 دولاراً في أسوأ السيناريوهات. مع ذلك، ترى المؤسستان الماليتان أن احتمالية إغلاق مضيق هرمز لا تزال ضئيلة، وأن أي ارتفاع في الأسعار سيكون قصير الأجل.
وكتبت ناتاشا كانيفا من «جي بي مورغان»: «نظل مرتاحين لتوقعاتنا بأن تستقر الأسعار في نطاق 60 إلى 65 دولاراً، لأن ارتفاعها بشكل مستدام قد يؤدي إلى تصاعد التضخم، مما يُقوّض التراجع الذي شهدته أسعار المستهلك في الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية».
ولا يزال خطر انخفاض الطلب يشكل عاملاً رئيسياً يحدّ من ارتفاع الأسعار.
وقال فرناندو فالي، محلل الطاقة في شركة «هيدج آي ريسك مانجمنت»، في تصريحات لموقع Yahoo Finance: «المشكلة أن المستهلك لا يستطيع تحمّل هذه المستويات من الأسعار، وبالتالي فإن الطلب سيتراجع بشكل ملحوظ. وغالبًا لا يستغرق الأمر وقتًا طويلًا بعد هذه الاشتباكات الأولية قبل أن تنعكس الأسعار».
7 % ارتفاع أسعار النفط
قفزت أسعار النفط %7 عند التسوية يوم الجمعة بعد تبادل كيان الاحتلال وإيران ضربات جوية، مما أجج مخاوف المستثمرين من أن يعطل القتال صادرات النفط من الشرق الأوسط على نطاق واسع. وارتفع سعر برميل النفط الكويتي 3.98 دولارات ليبلغ 73.19 دولاراً للبرميل في تداولات يوم الجمعة مقابل 69.21 دولاراً للبرميل في تداولات الخميس وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت 4.87 دولارات، أو %7.02، إلى 74.23 دولاراً للبرميل بعد أن قفزت أكثر من %13، لتسجل مستوى مرتفعا خلال جلسة عند 78.5 دولاراً للبرميل، وهو الأعلى منذ 27 يناير. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.94 دولارات، أو %7.62، إلى 72.98 دولاراً، وقفز خلال الجلسة أكثر من %14 إلى أعلى مستوياته منذ 21 يناير عند 77.62 دولاراً، وفق «رويترز».
وقال محللون ومراقبون بأوبك: إن الطاقة الفائضة لدى أوبك وحلفائها لضخ مزيد من النفط لتعويض أي انقطاع تعادل تقريبا إنتاج إيران.
وأذكت أحدث التطورات مخاوف إزاء حدوث اضطرابات في مضيق هرمز، وهو ممر حيوي للشحن البحري.
ويمر نحو خُمس إجمالي استهلاك النفط في العالم عبر مضيق هرمز، أي قرابة 18 إلى 19 مليون برميل يومياً من النفط والمكثفات والوقود.
انخفاضات حادة بالأسهم الأمريكية والأوروبية
أغلقت مؤشرات الأسهم في «وول ستريت» بأمريكا على انخفاض حاد يوم الجمعة وكذلك هبطت الأسهم الأوروبية بعد أن أطلقت إيران صواريخ على كيان الاحتلال ردا على هجمات الإسرائيلية تل أبيب التي تهدف لشل قدرة طهران على صنع أسلحة نووية.
ووفقاً لبيانات أولية، هبط المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بواقع 68.92 نقطة أو %1.14 ليغلق عند 5976.34 نقطة، وتراجع المؤشر ناسداك المجمع 254.13 نقطة أو %1.29 إلى 19407.49 نقاط. وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي 768.73 نقطة أو %1.79 ليصل إلى 42198.89 نقطة، وفق «رويترز». كما أغلقت الأسهم الأوروبية على انخفاض الجمعة، إذ أحدث هجوم كيان الاحتلال واسع النطاق على إيران موجة بيع كبيرة في السوق، وسارع المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن وسط بيئة تجارية غير مستقرة بالفعل.
وأغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي متراجعاً %0.9، ولامس لفترة وجيزة أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع. وتكبد المؤشر أيضا خسائر لخامس جلسة على التوالي وأطول سلسلة خسائر منذ سبتمبر 2024.
وأغلقت معظم البورصات الإقليمية منخفضة، واختتم المؤشر داكس الألماني الجلسة منخفضاً %1.1 بعد أن أظهرت بيانات تراجع التضخم الألماني إلى %2.1 في مايو، مؤكدة البيانات الأولية.
%4 مكاسب أسبوعية للذهب
سجلت أسعار الذهب مكاسب أسبوعية بنحو %4، مع توافد المستثمرين على أصول الملاذ الآمن عقب الغارات الجوية لكيان الاحتلال على إيران، مما أثار مخاوف من صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
وارتفع سعر الذهب الفوري، الجمعة، بنسبة %1.3 ليصل إلى 3428.10 دولاراً للأوقية، ليقترب من أعلى مستوى قياسي له عند 3500.05 دولار المسجل في أبريل. وارتفعت الأسعار بنحو %4 هذا الأسبوع. وصعدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة %1.5 عند 3452.80 دولاراً. وأكد بنك غولدمان ساكس توقعاته بأن عمليات الشراء القوية من البنوك المركزية سترفع سعر الذهب إلى 3700 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025 و4000 دولار بحلول منتصف عام 2026. ويتوقع بنك أوف أمريكا ارتفاع سعر الذهب إلى 4000 دولار للأونصة خلال الشهور الـ12 المقبلة.