اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
تباينت ردود الفعل الدولية على الرسوم الجمركية المتبادلة، التي أقرتها الولايات المتحدة الأمريكية على دول العالم، من خلال أمر تنفيذي وقَّعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في ذكرى يوم التحرير، إذ هددت الصين باتخاذ إجراءات مضادة، معتبرةً القرار الأمريكي نوعاً من التنمُّر، بينما لوَّح الاتحاد الأوروبي على لسان الناطقة باسم الحكومي الفرنسية باستهداف «الخدمات الرقمية الأمريكية».
وبينما وصفت تايوان الرسوم بـ«غير المعقولة»، أكدت اليابان أن القرار مخالف للمعاهدة التجارية بين البلدين، ورأت كندا أن الرسوم الجمركية تغيير جذري لنظام التجارة الدولي، وأعلنت تايلند أن قرار الرئيس الأمريكي جاء إنفاذاً للوعد الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية بفرض الرسوم لـ«بدء عصر ذهبي» للولايات المتحدة الأمريكية.
وأصدر إعلانا يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة %25 على واردات السيارات وقطع الغيار إلى أمريكا في خطوة تعكس تصاعد التوجهات الحمائية في السياسة التجارية.
إجراءات مضادة
وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس ترامب بأنها ضربة موجعة للاقتصاد العالمي، وأكدت استعداد الاتحاد الأوروبي للرد بإجراءات مضادة حال فشلت المفاوضات.
وقالت في بيان، تُلي في مدينة سمرقند بأوزبكستان، قبيل قمة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى: «نضع بالفعل اللمسات الأخيرة على الحزمة الأولى من الإجراءات المضادة رداً على الرسوم الجمركية على الصلب».
انخفاض النمو
ذكر عضو مجلس محافظي المركزي الأوروبي، يواكيم ناجل، أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب تهدد الاقتصاد العالمي.
وأوضح ناجل، وهو أيضاً رئيس «المركزي الألماني»، أن قرارات الإدارة الأمريكية بفرض التعريفات الجمركية تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي، وستؤدي لانخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار.
وأضاف حسبما نقلت «بلومبيرغ» أن الرسوم الجمركية ستختبر إنجازات السياسة النقدية، وأن البنك المركزي الأوروبي الذي سيصدر قراره التالي في السابع عشر من أبريل الجاري، سيضطر لإعادة تقييم الوضع.
تقييمات أحادية
هدَّدت الصين باتخاذ إجراءات مضادة بعد إعلان الرئيس الأمريكي فرض رسوم جديدة على المنتجات الصينية في تصعيد جديد للتوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفرض ترامب في وقت سابق رسوماً بنسبة %20 على الواردات من الصين، ما دفع الأخيرة إلى فرض رسوم على كمية من المنتجات الأمريكية. وفي الجولة الأخيرة أضاف ترامب رسوماً بنسبة %34 على المنتجات الصينية ليصل إجمالي الرسوم الجمركية التي تخضع لها الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة إلى أكثر من %50.
وقالت وزارة التجارة الصينية، أمس (الخميس): «إن الرسوم الأمريكية تنتهك قواعد التجارة الدولية وتستند إلى تقييمات أحادية وذاتية للولايات المتحدة، واعتبرتها نوعاً من التنمر».
إجراءات انتقامية
قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون: إن الرسوم التي أعلن عنها ترامب مقلقة للغاية وتؤثر في مختلف قطاعات الاقتصاد، مبيناً أنها مجحفة وليس لها مبرر وستؤثر في صناعاتنا.
ولفت إلى أن تداعيات تعريفات ترامب الجمركية قد تدفع دولا في آسيا لزيادة صادراتها إلى أوروبا، وسنرد بشكل موحد ومنظم عليها.
من جهته، أعلن وزير التجارة البريطاني، جوناثان رينولدز، أنّ المملكة المتحدة ما زالت ملتزمة بالتوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، مشدداً على أن لندن لا تعتزم اتخاذ إجراءات انتقامية في الحال.
بدورها، دعت صناعة الكيميائيات الألمانية، التي تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مستورد لمنتجاتها الاتحاد الأوروبي، إلى «التحلي بالهدوء» في رده على رسوم ترامب، مؤكدةً أن «التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضرر».
وندّد اتحاد صناعة السيارات الألماني (في دي أيه) بالرسوم الجمركية، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالرد عليها بقوة كونها «ستُسبب خسائر فادحة» ومناشداً إياه في الوقت نفسه «الاستمرار في التعبير عن استعداده للتفاوض».
وقالت الرئيسة المكسيكية، كلاوديا شينبوم: «إن المكسيك لا تخطط لفرض رسوم جمركية مضادة على الولايات المتحدة، في وقت شددت حكومة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في بيان، أنها بصدد تقييم كلّ الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية».
واعتبرت جورجا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا، أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة من قبل ترمب هو إجراء «خاطئ» لا يعود بالنفع على الولايات المتحدة أو أوروبا.
إلى ذلك، قال رئيس وزراء كندا، مارك كارني: «إن الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تغير بشكل جذري النظام التجاري الدولي»، ووأوضح أن هذه الرسوم ستؤثر في «ملايين الكنديين». وقال: «سنقاوم هذه الرسوم بإجراءات مضادة. سنحمي عمالنا».
تغيير جذري
قال رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية الأمريكية في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أولو سونولا: إن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة من المرجح أن تُدخِل العديد من دول العالم في حالة ركود.
وأضاف سونولا، وفق ما نقلته وكالة رويترز، أن معدل الرسوم الجمركية الأمريكية على جميع الواردات قد ارتفع بشكل حاد إلى %22 من %2.5 فقط في عام 2024، وذلك بموجب الرسوم العالمية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب.
وذكر أن هذه الرسوم تحدث تغييراً جذرياً للاقتصاد العالمي وليس الأمريكي فقط، مشيراً إلى أنه يمكن استبعاد معظم توقعات الوكالة إذا استمر معدل الرسوم الجمركية الجديد لفترة طويلة.
حركة التجارة
وأفادت «ميرسك» أكبر شركة شحن بحري في العالم، بأن الرسوم الجمركية التبادلية التي أعلن عنها ترامب، تحمل آثاراً سلبية بالنسبة للاقتصاد العالمي واستقرار حركة التجارة.
وأوضحت شركة الشحن البحري الدنماركية في تصريحات لوكالة «رويترز»، أن الرسوم الجمركية الأمريكية المعلنة كانت مرتفعة، لكن لا يزال من المبكر التنبؤ بتطور آثارها في الاقتصاد والتجارة العالمية.
وذكرت ثاني أكبر شركة لشحن الحاويات على مستوى العالم، أنها تتوقع تزايد حالة الحذر لدى عملائها تجاه المخزونات، وارتفاع الطلب على الشحن الجوي للولايات المتحدة على المدى القصير قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ.
من جانبها، قالت منافستها الألمانية «هاباج لويد» في تصريحات نقلتها الوكالة: «إن الرسوم الجمركية الأمريكية، والردود المحتملة من الدول الأخرى قد تؤثران سلباً في الطلب على الشحن البحري، وتدفقات الشحنات، وترفعان تكاليف الشحن».
وأضافت أنه يصعب تقدير الآثار الكلية لهذه التطورات وأمدها، لكن الشركة قد تضطر لتعديل شبكة الخدمات التي تقدمها.
تسونامي سيضرب الاقتصاد
يرى خبراء اقتصاديون أن خطة ترامب الجديدة للتعريفات الجمركية بمنزلة تسونامي سيضرب الاقتصاد العالمي، وستكون له تداعيات يصعب قياسها، وخاصة في حال استمرارها واتخاذ الدول الأخرى تدابير قاسية انتقامية:
1 - فاتاس: انحراف للاقتصاد
قال خبير الاقتصاد الكلي بكلية «إنسايد» لإدارة الأعمال في فرنسا، أنطوميو فاتاس: «أرى ذلك بمنزلة انحراف للاقتصاد الأمريكي والعالمي نحو أداء أسوأ ومزيد من عدم اليقين، وربما نحو ما يمكن أن نسميه ركوداً عالمياً».
2 - كيوتشي: تدمير نظام التجارة
أفاد الخبير الاقتصادي بمعهد نومورا للأبحاث، تاكاهيدي كيوتشي، بأن رسوم ترامب تحمل خطر تدمير نظام التجارة الحرة العالمي الذي قادته الولايات المتحدة نفسها منذ الحرب العالمية الثانية.
3 - آي إن جي: أسوأ كابوس اقتصادي
قال فريق من اقتصادي بنك «آي إن جي»: «لقد تحقق أسوأ كابوس اقتصادي في أوروبا، رغم أن الكثير من الأمور لا تزال غامضة، وأن تحديد تأثير موجة الرسوم الجمركية الأخيرة بشكل كامل، يكاد يكون مستحيلاً».
4 - ثيليانت: الاقتصادات الآسيوية الأكثر تأثراً
كشف المسؤول عن آسيا والمحيط الهادئ لدى «كابيتال إيكونومكس»، مارسيل ثيليانت أن الاقتصادات الآسيوية ستتأثر أكثر من غيرها بالتعريفات الجمركية الأمريكية المتبادلة. لأنها لا تواجه تعريفات أعلى من غيرها فقط، بل أيضاً لأنها أكثر اعتماداً على الطلب على السلع الأمريكية».
وأضاف ثيليانت: «بالتالي فإذا دفعت الرسوم الجمركية الولايات المتحدة نحو الركود، فإن ذلك سيلقي بثقله على الدول النامية التي ترتبط أوضاعها بصورة وثيقة بحال أكبر اقتصاد في العالم».
5 - نايتلي: تكاليف سنوية إضافية
أوضح كبير الاقتصاديين الدوليين لدى «آي إن جي»، جيمس نايتلي، بالقول: «الرسوم الجمركية ستضيف 1350 دولاراً من التكاليف السنوية الإضافية لكل مواطن أمريكي».
التضخم في خطر
قد يؤدي تفكك سلاسل التوريد التي كبحت جماح أسعار المستهلكين لسنوات إلى عالم يميل فيه التضخم للارتفاع بشكل حاد عن نسبة %2، التي يتفق محافظو البنوك المركزية الكبرى حاليًا على أنها هدف يمكن التحكم فيه.
الانزلاق نحول الركود
يرى المحللون أن تصعيد الحرب التجارية من المرجح أن يؤدي لارتفاع الأسعار بالنسبة للأمريكيين، وتباطؤ النمو في الولايات المتحدة، وربما تنزلق بعض البلدان حول العالم نحو الركود.
كابوس اقتصادي
في حال تراجع الناتج الاقتصادي، فإن ذلك سيؤدي إلى معاناة بعض الحكومات بشكل أكبر لسداد عبء الديون العالمي القياسي البالغ 318 تريليون دولار، وتوفير الأموال لأولويات الميزانية مثل الدفاع والعمل المناخي والرعاية الاجتماعية.
استهداف الخدمات الرقمية
قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية، صوفي بريماس: «إن الاتحاد الأوروبي يعتزم في رده على الرسوم الجمركية التي أعلنها دونالد ترامب استهداف الخدمات الرقمية».
وأضافت لشبكة «آر تي إل» الفرنسية: «نحن متأكدون من أننا سنواجه تبعات سلبية على الإنتاج»، معربةً عن قلقها خصوصاً بشأن تأثير القرار الأمريكي في قطاع الخمور.
4 إستراتيجيات لحماية ثروتك مع أزمة التعريفات
وسط التحولات الاقتصادية مع فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، تبرز الحاجة إلى إستراتيجيات استثمارية أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية الجديدة. فمع تصاعد التوترات التجارية، تتزايد أهمية تنويع الأصول والاستثمار في القطاعات التي تُظهر مقاومة أكبر للتقلبات، بما يضمن الاستفادة من الفرص الناشئة وتقليل المخاطر الناجمة عن الرسوم الجمركية المتزايدة.
وفي مثل هذه الأوضاع لا بد من اتباع إستراتيجية استثمارية متوازنة تقوم على أربعة محاور:
أولاً: التنويع بين الأدوات الاستثمارية المختلفة.
ثانياً: الاستثمار في السلع التي تحافظ على قيمتها مثل الذهب والمعادن.
ثالثاً: التوجه نحو الأسواق الناشئة التي قد تستفيد من التغيرات التجارية.
رابعاً: التركيز على القطاعات الدفاعية الأقل تأثراً بالرسوم الجمركية.