خبراء ومحللون: مشروع "غزة ما بعد الحرب" استعمار جديد يهدف لتجريم المقاومة وفرض الوصاية

#سواليف

تتواصل ردود الفعل الفلسطينية والعربية على ما بات يُعرف بـ' #خطة_ترامب ' الخاصة بمرحلة #ما_بعد_الحرب في قطاع #غزة، والتي تتضمن بنوداً مثيرة للجدل، أبرزها تحويل القطاع إلى 'منطقة خالية من التطرف والإرهاب' ووضع ترتيبات #وصاية_دولية تحت إشراف 'أميركي ـ إسرائيلي' مباشر.

هذه البنود، التي وصفها مراقبون بأنها إعادة إنتاج لمشاريع التصفية القديمة بثوب جديد، أثارت موجة رفض واسعة بين المحللين والباحثين، الذين اعتبروا أنها تهدف بالأساس إلى #تجريم_المقاومة، وتكريس #الهزيمة_النفسية، وفرض #وصاية_استعمارية على الشعب الفلسطيني.

خطة ترامب قلب للمصطلحات لتجريم المقاومة وفرض وصاية على غزة

يقول الأكاديمي والمفكّر الاستراتيجي، محسن صالح، إنّ 'العبارة التي ترد في بعض بنود الخطة الدولية لجعل 'غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب' تمثّل قلبًا للمصطلحات، وتهدف في جوهرها إلى قَصْف فكرة المقاومة وتجريمها داخل المجتمع الغزّي'.

وتشير هذه البنود، وفقًا لصالح، إلى 'رغبة الاحتلال والإدارة الأميركية في إعادة تشكيل المجتمع الفلسطيني في غزة ليتناسب مع مصالحهما، وأن ذلك يوازي محاولة نشر ثقافة الاستسلام وتكريس الهزيمة النفسية لدى الفلسطينيين'.

وأكد صالح أنّ 'مراد القائلين بهذا الوصف للتطرّف هو في الواقع الفكر الديني والعقيدة المميزة لحركة حماس'، وأن الهدف العملي هو إخراج غزة من خانة مكوّن مقاوم قادر على التفكير في العودة والتحرير، وتحويلها إلى مجتمع 'مسلّع' حاضرًا لتلبية حاجاته المعيشية فقط دون أفق سياسي أو حق في الكفاح'.

وأضاف أنّ 'هذا المسعى يلامس عمق مؤامرة استعمارية تسعى لهندسة واقع جديد يخدم المصالح الإسرائيلية والأميركية، ويمحو ذاكرة الشعب وهويته وتراثه'.

وقال إنّ 'من الآليات المتوقعة لتنفيذ مثل هذه الخطة: تعيين شخصيات إدارية ودينية وفق رؤى الاحتلال، فرض موظفين يديرون المساجد، وتغلغل مؤسسات مجتمع مدني مشروطة تعمل تحت إشراف خارجي بعد أي وقف لإطلاق النار، بما يُسهم في إعادة تشكيل البنية الاجتماعية والسياسية لقطاع غزة'.

واعتبر أنّ 'مسمى 'تطوير غزة' قد يُستغل كغطاء لإعادة هندسة القطاع وفرض واقع جديد يخالف مبادئ حق تقرير المصير والقوانين والأعراف الدولية'.

وختم صالح مؤكدًا أنّ 'أي محاولة لنزع حق الفلسطينيين في المقاومة أو تغيير هويتهم قسريًا هي محاولة فاشلة مسبقًا، لأنّ الشعب الفلسطيني ووقع التاريخ لا يقبلان الوصاية ولا الاستلاب الفكري، وأن الطريق إلى حرية غزة وكرامة أهلها يمر عبر تمسكهم بحقوقهم المشروعة واستعادة سيادتهم على أرضهم'.

بند 'غزة منطقة خالية من التطرف' يستهدف إنهاء المقاومة

بدوره، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي، علي دربج، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إنّ 'البنود التي تُشير إلى جعل 'غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب' تُعدّ محاولة واضحة لطمس فكرة المقاومة وقضاء على مكوّنها الفكري والسياسي'.

وأكد دربج أنّ 'القصد من هذا البند هو إنهاء المقاومة'، وأن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم من الإدارة الأميركية وفق رؤيته، يسعى من خلاله إلى تحقيق ما فشل في تحقيقه طوال الحرب: 'اجتثاث المقاومة رغم المحرقة المستمرة منذ سنتين'، مبينًا أنّ المقصود بـ'التطرّف' هنا هو 'الفكر الديني العقائدي الذي تتميز به حركة حماس'، وأن الهدف أن تُعاد غزة 'على مقاسهم ووفق خططهم'.

وقال:'يريد الاحتلال والإدارة الأميركية لمجتمع غزة أن يصبح مسالمًا، بعيدًا عن التفكير في تحرير الأوطان والمقدسات والجهاد، متسائلاً عن إمكانية تحقيق هذا الهدف عمليًا، واصفًا فكرة نزع خيار المقاومة وفكرة العودة بأنها 'ضربٌ للخيال وبعيدة جدًا عن النجاح'.

وأكد الخبير أنّه 'لا توجد أية قاعدة عرفية أو قانونية أو شرعية تبيح لجبراً أو قسرًا نزع حق الشعب في الدفاع عن نفسه واستعادة حقوقه، ورفض أي محاولات لحرمان الشعب من فكره وحقوقه المشروعة'.

وأضاف أنّ 'من الآليات المتوقعة لتنفيذ هذه الخطة 'تعيين شخصيات وفق رؤى الاحتلال وفرض موظفين يديرون المساجد'، مشيرًا إلى أن ذلك يشبه ما يجري في مناطق الـ48 داخل الخط الأخضر'.

وختم دربج قوله إن 'ما يُسمّى 'تطوير غزة' قد يتحوّل إلى إعادة هندسة للقطاع وفرض واقع جديد يخدم المصالح الإسرائيلية والأميركية، وأن أي مشاريع أو دعم دولي قد يكون مشروطًا وتحت رقابة الإدارة الأميركية والاحتلال'.

غزة لن يديرها إلا أهلها ومخططات الإدارة الدولية استعمار جديد

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، معين الطاهر، إنّ 'ما يجري ترويجه حول غزة تحت عناوين مثل 'خالية من التطرف والإرهاب'، ليس سوى محاولة جديدة لتجريم المقاومة وشرعنة الحصار والعدوان المستمر منذ سنوات طويلة، مؤكداً أن غزة لم تشكّل يوماً تهديداً لأحد حين ينعم أهلها بالحرية، بل إن جيران غزة هم الذين شكّلوا تهديداً دائماً عبر الحصار والتهجير منذ النكبة وحتى اليوم'.

وأضاف الطاهر أنّ 'المجتمع الدولي نفسه أجاب عن هذه الادعاءات عبر التضامن الواسع مع الشعب الفلسطيني وإدانة المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في القطاع، مشدداً على أن غزة لن يديرها إلا أهلها، وأن الحديث عن إدارة دولية تقدم تقاريرها لمجلس الأمن هو نوع من الاستعمار الجديد'.

وختم الطاهر بالتأكيد أنّ 'المقاومة في غزة ستبقى مستمرة مهما كلف الأمر، وأن محاولات فرض وصايات أو بدائل على الشعب الفلسطيني لن تنجح، قائلاً: 'ما عرضه ترامب في جلسته مع القادة العرب مختلف تماماً عما يُطرح اليوم، لكن النتيجة واحدة: غزة ستبقى عصيّة على الكسر، ومقاومتها مستمرة'.

هذا ويجمع الخبراء على أن الخطة المطروحة ليست سوى محاولة لفرض هزيمة معنوية على الشعب الفلسطيني عبر شيطنة المقاومة وتغريب المجتمع الغزي، غير أن واقع الميدان والتجربة الممتدة منذ عقود يثبتان أن كل هذه المشاريع ستفشل، لأن الفلسطينيين متمسكون بحقهم في المقاومة والعودة، وأن غزة التي صمدت أمام الحصار والحروب ستبقى عصية على الكسر، ويديرها أهلها بإرادتهم الحرة لا بوصاية أجنبية.