اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
رم - الاعتماد على الذات حلم رومانسي أم شعار خطابي أم برنامج واقعي وممكن؟
(الموضوع طويل ولكنه مهم وأستميح المواطنين في شيء من وقتهم الكريم)
لقد أصبحت عبارة 'الاعتماد على الذات' عبارة مكروره وممجوجة ترددها الحكومات لذر الرماد في العيون وترويج قناعة عامة بالعودة الى الداخل والاعتماد على النفس واستثمار المقدرات المحلية بدل اللجوء الى الدين، فهل هي عبارة خطابية لكسب الوقت والثقة أم بناء حقيقي تضيف اليه الحكومات المتعاقبة شيئا فشيئا لعلنا في يوم ما نصل الى مرحلة أن نقول لا للبنك الدولي ووصفاته ولا للاتفاقيات مع العدو، بحق وحقيقه لا مجرد خطبة حماسية يصفق لها المستمعون، لان لدينا موارد ومشاريع تكفينا وتغنينا عن سؤال اللئيم، وعن دين يورث هما بالليل وذلة بالنهار
وللتأكد من عمق تبني هذه السياسة وأدواتها وماذا أنجزت هذه الحكومة التي جاءت على جناح الانقاذ الاقتصادي فيها وجهت سؤالين الى الحكومة:
ما هي الخطط والاجراءات التي تقوم بها الحكومة في القطاعات المختلفة لتعزيز سياسة الاعتماد على الذات؟
ما هي النتائج التي حققتها الحكومة في هذا المجال وتأثيرها على المؤشرات الاقتصاديه
وقد أجاب عن دولة الرئيس وزير الدولة للشؤون الاقتصادية بوجود خطة ثلاثية لترسيخ الاعتماد على الذات وهي رؤية التحديث السياسي والاقتصادي والقطاع العام
ثم ينطلق جواب الحكومة الى تعداد بعض المشاريع كأمثلة على تعزيز سياسة الاعتماد على الذات في قطاعات مختلفة
إن رد الحكومة، رغم تفصيله، ركز على عرض نشاطات منفصلة لا ترقى إلى مستوى تقييم السياسات التي تعد ركيزة الاعتماد على الذات. فالأرقام التي قدمت لا ترتبط بمؤشرات جوهرية مثل: الاكتفاء الوطني، تخفيض الاستيراد، تحسين الإنتاجية، وتقليل العجز. وكان الاصل أن ترد الحكومة بتقديم خطة وطنية حقيقية تظهر أثر السياسات على الأرض، وليس تعداد المشاريع، حتى نستطيع القول إننا نسير فعلًا نحو دولة مكتفية وقادرة اقتصاديا.
فالجواب ترويجي أكثر منه تقيمي، والرد قائم على تعداد إنجازات حكومية، وليس على الإجابة على سؤال الاعتماد على الذات كمفهوم اقتصادي وسياسي.
وقد قدمت الحكومة بعض المؤشرات على أنها مقاييس ايجابية مثل:ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي، وزيادة الودائع البنكية، وتحسن إيرادات السياحة،ونمو بعض الصادرات الزراعية لكن من دون وضع هذه المؤشرات في سياق أوسع مثل البطالة، العجز، المديونية، الاعتماد على المستوردات، والفقر فلا ربط في جواب الحكومة بين ما تورده من مؤشرات وانعكاساتها على واقع حياة المواطن
ولا يورد جواب الحكومة أي أرقام لقياس الاعتماد على الذات كما لم يتطرق الرد إلى مؤشرات أساسية مثل: نسبة تغطية الصادرات للواردات، ومستوى الاعتماد على الطاقة المستوردة، والعجز التجاري، ونسبة الاكتفاء في الغذاء، الدواء، الحبوب، اللحوم، الصناعة التحويلية،و نمو الإنتاجية الوطنيه
ويظهر الجواب عدم وجود تقييم لفعالية الإجراءات فقد ذكرت الحكومة أنها:
موّلت
درّبت
خصخصت
أنشأت مشاريع
ولكن لم تذكر:
كم وظيفة حقيقية نتجت؟
كم منشأة جديدة أنشئت؟
هل انخفضت الواردات؟
هل زادت الاستثمارات الخاصة؟
وبوضوح كبير فإن جواب الحكومة يفتقر الى الربط بين النتائج والهدف الوطني وهو الاعتماد على الذات
فقد ذكرت الحكومة “أن الإجراءات تساعد على رفع الإنتاجية”، لكن لم توضح:
هل قل الاعتماد على الخارج؟
هل زادت قدرة القطاعات على تمويل نفسها؟
هل تقلص عجز الموازنة؟
هل انخفضت المديونية؟
من النقاط الملاحظة ايضا على جواب الحكومة أنها قامت بتضخيم بعض النجاحات وعدم معالجة التحديات
فمثلا تقول أن السياحة ارتفعت، لكنها لم تذكر بيئة الاستثمار أو ضريبة القطاع أو ضعف البنية التحتية.
وتذكر التدريب المهني، لكنها لم تذكر نسبة تشغيل المتدربين.
وذكر ارتفاع الودائع البنكية لا يعني قوة اقتصادية، بل قد يعني انكماشًا وضعف استثمار.
اذن هل يعطي رد الحكومة فكرة عن انجازاتها في تعميق سياسة الاعتماد عن الذات؟
الإجابة باختصار:
الرد لا يثبت أن الحكومة حققت الاعتماد على الذات، ولم يقدّم مؤشرات يمكن البناء عليها.
لماذا؟
الاعتماد على الذات ليس سرد إنجازات
بل هو:
زيادة الإنتاج المحلي
تخفيض الاستيراد
بناء صناعات وطنية
أمن غذائي
أمن طاقة
نمو صادرات
تخفيض العجز والمديونية
كما أن الرد لم يقدّم أي مؤشر من مؤشرات الاعتماد على الذات كالمؤشرات المعروفه عالميا وتشمل: مؤشر اكتفاء ومؤشر إنتاجية، ومؤشر نمو قطاعي، ومؤشر توطين سلاسل التوريد
والرد قائم كذلك على تعداد نشاطات وليس نتائج
فالجواب يورد تدريب 1000 طالب، إنشاء 145 شركة، دعم 22 مشروع، لكن هل أدى ذلك إلى استقلال اقتصادي؟
كما ان الحديث عن زيادة القروض الزراعية لا يعني اعتمادًا على الذات بل قد يظهر هذا تزايد ديون المزارعين.
إن الاعتماد الحقيقي على الذات يحتاج سياسات سيادية تشمل تصنيع بدائل المستوردات، وتشغيل الموارد الطبيعية، وإصلاحا ضريبيا، وتخفيضا لكلف الطاقه وهذه لم يتم التطرق اليها في الجواب
إن على الحكومة اذا أرادت فعلا ترسيخ الاعتماد اعتماد مؤشرات واضحة للقياس تشمل: نسبة الاكتفاء الغذائي، ونسبة المحتوى المحلي (المدخلات) في الصناعة، وتراجع الاعتماد على الاستيراد، ونمو الإنتاج الوطني ،ونسبة تشغيل المتدربين، ونسبة المشاريع الصغيرة المستدامة بعد سنة وسنتين، ونسبة تناقص عجز الميزان التجاري
كما أن على الحكومة أن تقوم بربط كل مشروع حكومي بهدف اقتصادي قابل للقياس
مثلا:
تم دعم 22 مشروعًا والمقياس للنجاح كم خفضت الواردات؟
تم تدريب ألف طالب والمقياس للنجاح كم عدد الذين تم توظيفهم؟
أما مقترحاتي للحكومة لتعزيز الاعتماد على الذات:
١. توجيه الدعم نحو القطاعات الإنتاجية بدلا من الدعم الاستهلاكي المؤقت ويشمل ذلك: دعم الصناعات الدوائية والغذائية، والتحويلية، والزراعة الذكية، والطاقة المتجددة
٢. تطبيق استراتيجية وطنية للاستغناء عن الواردات خاصة في 10 سلع تستنزف الميزان التجاري وهي :الحليب، اللحوم، الأعلاف، الأدوية المستوردة، الإلكترونيات
٣. تحفيز الاستثمار المحلي قبل الأجنبي بتخفيض ضريبة الدخل على الصناعات الوطنية المصدرة، وتسهيل التسجيل والتراخيص، وحماية الصناعة من المنافسة غير العادلة
بتفعيل هذه السياسات يمكن أن نقول أننا بدأنا بتطبيق سياسة الاعتماد على الذات وأننا نسير في الطريق الصحيح ولا نقتصر على رفع الشعارات دون تطبيق












































