اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٣ أب ٢٠٢٥
طوفان الأقصى وأزمة المعايير! #عاجل
كتب كمال ميرزا -
يُفترض أنّ الحقّ يُزهِق الباطل..
ويُفترض أنّ الحقيقة واضحة ظاهرة بائنة بسيطة مباشرة..
ولكن مع تطاول الأمد على معركة 'طوفان الأقصى' المباركة، وحرب الإبادة والتهجير التي يشنّها الكيان الصهيونيّ بدعم أمريكيّ وتواطؤ عربيّ.. فقد بتنا نرى أعداداً متزايدة من الناس يتذرّعون بالحيرة وعدم المعرفة وانعدام اليقين!
طبعاً نحن لا نحتاج هنا إلى 'فرويد' لكي ندرك أن التذرّع بالحيرة هي 'حيلة نفسية' يلجأ إليها هؤلاء لينافقوا أنفسهم، وليبرروا رغبتهم بالتنصّل من المسؤولية والتماهي مع ثقافة القطيع.
وغالباً ما يقترن هذا التذرّع بالحيرة مع إدّعاء العجز والهوان، وضعف ذات اليد، وانعدام الحيلة والوسيلة، وعدم امتلاك الخيارات والبدائل.
والمفارقة أنّ نسبة كبيرة من هؤلاء المتذرّعين بالحيرة والعجز هم من المتديّنين المتمسّكين حدّ التزمّت والمزاودة بمظاهر التديّن الطقوسيّة.. ولكنّهم في نفس الوقت لا يريدون أن يدفعوا أبسط الأثمان، أو يتكبّدوا أدنى مشقة، أو يتنازلوا قيد أنملة عن نمط حياتهم الاستهلاكيّ العصريّ!
لأمثال هؤلاء نقول: كفاكم وكفانا كذباً على أنفسنا فالمسألة أسهل ممّا نتخيّل!
كيف يمكننا تمييز الجبان والمتخاذل والمتواطئ.. سواء أكان الحديث عن أشخاص طبيعيّين، أو اعتباريّين، أو أجهزةً، أو أنظمةً حاكمةً بأكملها؟!
بسيطة، فلنأتِ على أي تصريحات حادّة أو انتقادات لاذعة أو هجوم شرس يشنّه هؤلاء على أبناء جلدتهم.. ولنسأل أنفسنا:
هل هؤلاء على استعداد لإبداء المراجل نفسها إزاء الصهيونيّ والأمريكيّ؟!
هل هؤلاء على استعداد لإطلاق مثل هذه التصريحات، وتوجيه مثل هذه الانتقادات، وشنّ مثل هذا الهجوم على الصهيونيّ والأمريكيّ؟!
إذا كانت إجابتنا: لا.. فها قد عرفنا ولسنا بحاجة إلى معرفة المزيد!
وغالباً سنلمس هناك علاقة طرديّة؛ فكلما زاد استئساد هؤلاء في مهاجمة أبناء جلدتهم والاستقواء عليهم والفتك بهم.. زادت في المقابل مقادير الدبلوماسيّة والحصافة وضبط النفس والتهذيب التي يبدونها تجاه الصهيونيّ والأمريكيّ!
المسألة تتعدّى الخيانة والعمالة بكثير [هذه صارت تحصيل حاصل]، هؤلاء قد أُشربوا في قلوبهم العدو، وهم يؤمنون به ويتحرّون رضاه ويخشون غضبه أكثر مما يخشون الله تعالى!
بل إنّ الله بالنسبة لهؤلاء غيب لا يُخيف، فهم لا يؤمنون حقيقةً إلّا بالدنيا، وبالمادة، وبما يمكن أن تلمسه أيديهم، وبالسلطة والجاه والثروة، وبـ 'الفردوس الأرضيّ' أو 'صهيون الجديدة' التي يملك العدو مفاتحها ومقاليدها!
كما أنّ ربّ السماء بالنسبة لهؤلاء ضعيف مسكين طوع أمرهم، يشكّلونه كما يشاؤون من خلال مناهجهم وإعلامهم ومثقّفيهم و'علماء السلاطين'!
أمّا الصهيونيّ والأمريكيّ، فأرباب أرضيّون وثنيّون حاضرون قادرون متحكّمون.. وهم جميعاً طوع أمرهم!
هناك معيار آخر أسهل يمكننا من خلاله الإجابة على حيرتنا المزعومة:
الذي يناصب قتلة أشقّائه العداء لا يعقد معهم صفقات بالمليارات..
والذي يناصب قتلة أشقائه العداء لا يزجي إليهم الترليونات..
والذي يناصب قتلة أشقائه العداء لا يحتفظ بعلاقاته ومعاهداته وتنسيقه الأمنيّ وتبادله التجاريّ معهم..
والذي يناصب قتلة أشقائه العداء لا يكتفي بلعب دور الوسيط بين الجلّاد والضحيّة..
والذي يناصب قتلة أشقائه العداء لا يسعى إلى تجريد المقاومة من السلاح..
وهكذا دواليك!
خلاصة الكلام، لكلّ شخص حرية الخوف والتخاذل والنكوص والتنكّر والتنصّل.. ولكن لا يحقّ لنا بأي حال من الأحوال أن نُلبس الحقّ بالباطل، وأن ندّعي أنّ فسطاط الحقّ وفسطاط الباطل ليسا واضحين وغير متمايزين!
لا تكذب على نفسك: إلى أي فسطاط تنتمي؟!