اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
الوقائع: تتجه الأنظار بشكل متزايد نحو متلازمتي 'القلب الحساس' و 'القلب المنكسر'، اللتين تثيران اهتمام الأوساط الطبية، وتدفعان إلى إجراء مزيد من البحوث والدراسات كونهما يشكلان تحديا كبيرا لصحة الكثيرين على مستوى العالم، بحسب أطباء قلب.
وبين هؤلاء في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) وجود ارتباط وثيق بين الحالة النفسية والعوامل الجسدية في ظهور هذه الحالات المرضية، مشيرين إلى أن التوعية المستمرة والتطبيق الفعال للاستراتيجيات الوقائية ضروريان للحفاظ على صحة القلب وتعزيز حياة الأفراد.
وتحث منظمة الصحة العالمية، والاتحاد العالمي للقلب، الحكومات ومتخذي القرار والأوساط الصحية الأوسع نطاقا على التكاتف لإعطاء الأولوية لصحة القلب والأوعية الدموية، مشيرين الى أن التشخيص المبكر والعلاج الفعال والوقاية تكتسي أهمية حاسمة في الحد من عبء أمراض القلب.
وقال الاتحاد العالمي للقلب عبر موقعه الإلكتروني: في كل عام، تودي أمراض القلب والأوعية الدموية بحياة ما يزيد على 20.5 مليون شخص، ويمكن الوقاية من حوالي 80 % من الوفيات المبكرة الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال الوصول إلى الرعاية بأسعار معقولة، والفحص المبكر، والمزيد من الفرص لاتخاذ خيارات صحية في التغذية والبقاء نشطا، وفقا للاتحاد.
ويشير استشاري أمراض قلب الأطفال وتشوهات القلب الدكتور عبدالفتاح أبو حويلة، الى حالتين شائعتين ترتبطان بشكل وثيق بالصحة النفسية والجسدية للإنسان هما: متلازمة العصب الحساس (الإغماء الوعائي المبهمي) ومتلازمة 'القلب المنكسر' (تاكوتسوبو)، موضحا أن الإغماء الوعائي المبهمي هو أكثر أنواع الإغماء شيوعا في العيادات والمستشفيات، وتحدث هذه الحالة نتيجة زيادة نشاط العصب المبهم (العصب العاشر)، ما يؤدي إلى انخفاض مفاجئ بضغط الدم وبطء في ضربات القلب، وبالتالي انخفاض مؤقت في تدفق الدم إلى الدماغ وفقدان الوعي لفترة قصيرة.
وقال، إن محفزات هذه الحالة قد تكون بسيطة مثل الخوف الشديد، رؤية الدم، الألم المفاجئ، التوتر النفسي، أو الوقوف لفترات طويلة في أماكن مزدحمة وحارة، لافتا الى أنه قبل الإغماء، يشعر المريض عادة بأعراض تحذيرية مثل الدوار، الغثيان، التعرق، زغللة في الرؤية، أو برودة الأطراف.
وأكد أبو حويلة أن الإغماء قصير المدى ويتراوح بين ثوان إلى دقيقة ولا يترك مضاعفات خطيرة، مبينا أن الإسعاف الأولي لهذه الحالة يتم بتمديد المصاب على الأرض ورفع ساقيه لتسهيل وصول الدم إلى الدماغ، في حين يتمثل العلاج الأساسي في التوعية وتغيير نمط الحياة، مثل شرب كميات كافية من السوائل وتجنب الوقوف لفترات طويلة.
وبالنسبة لمتلازمة القلب المنكسر (تاكوتسوبو)، فهي حالة طبية مفاجئة تتعرض لها عضلة القلب غالبا بعد ضغط نفسي شديد أو صدمة عاطفية قوية، مثل وفاة عزيز أو أخبار صادمة، وقد تنتج أيضا عن إجهاد جسدي شديد مثل مرض حاد أو عملية جراحية، بحسب ابو حويلة الذي يقول إن أعراضها تشبه أعراض الأزمة القلبية، مثل ألم الصدر، الخفقان، وضيق النفس، لكن الفحوصات لا تظهر انسدادا في الشرايين بل ضعفا مؤقتا بحركة عضلة القلب وفي الحالتين يتعافى معظم المرضى خلال أسابيع أو أشهر، لكنه شدد على أهمية المتابعة الطبية لتجنب المضاعفات النادرة.
وأكد أن متلازمة القلب المنكسر تعد مثالا حيا على الارتباط الوثيق بين الصحة النفسية والعاطفية وصحة القلب الجسدية، لافتا إلى أن الضغط النفسي ليس أمرا بسيطا، بل قد يؤثر مباشرة على القلب، ما يوجب الاهتمام بالصحة النفسية وإدارة التوتر كجزء أساسي من الوقاية والعلاج.
من جهته، أكد استشاري أمراض القلب الدكتور أيمن حمودة أن أمراض القلب والشرايين تعد المسبب الأول للوفاة على مستوى العالم بما في ذلك الأردن، حيث تشكل حوالي 40 % من أسباب الوفيات.
وأشار حمودة إلى أن أمراض القلب التاجية، التي تؤدي إلى الجلطات القلبية الحادة وهبوط عضلة القلب، تعد من أكثر الأمراض شيوعا في الأردن والعالم، موضحا أن متلازمة القلب المنكسر تحدث نتيجة التعرض لضغوط نفسية أو جسدية شديدة، ما يؤدي إلى ارتفاع حاد بمستوى هرمون الأدرينالين في الدم، وهذا الارتفاع يتسبب بضعف شديد بعضلة القلب، خاصة في الجزء الأمامي وقمة القلب، ما يؤدي إلى هبوط حاد في وظيفة القلب.
وأضاف أن المريض يشعر بألم شديد في الصدر، وضيق في التنفس، وتعرق، وهي أعراض مشابهة لأعراض الجلطة القلبية الحادة. وعند إجراء تخطيط القلب الكهربائي تظهر علامات تشبه أعراض الجلطة القلبية، ما يدفع الأطباء لإجراء قسطرة قلبية تشخيصية.
وأشار إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القلب المنكسر بنسبة تصل إلى 4 أضعاف مقارنة بالرجال، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت تزايدا بنسبة إصابة الرجال بهذا المرض، كما أن المرضى الذين يتعرضون لضغوط نفسية أو جسدية شديدة، مثل المرضى في غرف العناية المركزة أو الذين يخضعون لعمليات جراحية كبيرة، معرضون أيضا للإصابة بهذه المتلازمة.
وأشار إلى أن ممارسة الرياضة بانتظام، والابتعاد عن التدخين، ومراقبة مستويات الضغط والسكر والكوليسترول، وتعلم كيفية التعامل مع الضغوط النفسية، تعد من أهم العوامل التي تقلل من خطر الإصابة بهذا المرض، ناصحا بتعزيز الصحة النفسية، والاستعداد العاطفي والجسدي لمواجهة الأخبار السيئة والضغوطات الحياتية.
وأوضح أخصائي كهربائية القلب الدكتور منير قاسم الزقة أن متلازمة عصب القلب الحساس، أو ما يعرف بحالة النهي العصبي، هي حالة تحفيز للعصب العاشر في القلب، الذي يلعب دورا محوريا في التحكم بالعديد من التوازنات الداخلية للجسم، وخاصة ضغط الدم ونبض القلب.
وأضاف الزقة، إن هذه الحالة تعد جزءا من آلية طبيعية تساعد الجسم على الحفاظ بطاقته وتهدئته في أوقات معينة، مثل النوم، ومع ذلك، فإن زيادة تحفيز العصب العاشر تحت ظروف معينة، مثل التعب الشديد وقلة النوم، قد يؤدي إلى هبوط حاد في ضغط الدم، ما يتسبب بالدوخة أو الإغماء.
وأشار إلى أن العلاج الطبي لهذه الحالة لا يعتمد بشكل رئيس على أدوية رفع الضغط، نظرا للآثار السلبية التي قد تترتب على استخدامها على المدى الطويل وإنما بالتركيز على الأدوية التي تساعد على استرخاء الجسم وتحسين النوم مثل تلك التي ترفع مستوى السيروتونين، المعروف بهرمون السعادة.
وأكد الزقة أن أهم خطوات العلاج تكمن في تنظيم النوم وممارسة الرياضة، بالإضافة إلى اتباع إجراءات بسيطة مثل الاستلقاء وتناول السوائل والموالح في حالات هبوط الضغط، مشددا على أن متلازمة العصب الحساس هي امتداد لظاهرة طبيعية تتمثل بالتحكم بضغط الدم ونبضات القلب، وأن تجاوز حدها الطبيعي قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الدوخة والإغماء.
وبالنسبة لمتلازمة عصب القلب الحساس (النهي العصبي)، أشار الزقة إلى أن نسبة كبيرة من الناس يعانون من هذه الحالة، وإن بدرجات متفاوتة، وتبدأ عادة في سن المراهقة، وتتحسن مع مرور الوقت لدى الغالبية، باستثاء بعض الحالات خاصة مع تقدم العمر حيث تفقد الشرايين مرونتها ما يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
يشار إلى أن العالم ما يزال يحتفل باليوم العالمي للقلب، والذي يصادف في 29 من أيلول كل عام بهدف زيادة الوعي بأمراض القلب وإبراز أهمية الوقاية منها وسبل مكافحتها، وحمل هذا العام شعار 'لا تفوت اللحظة'، تأكيدا على ضرورة اتخاذ الإجراءات الطبية في الوقت المناسب للحفاظ على صحة القلب.