اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خبير اقتصادي: المديونية الأردنية أصبحت عبئا يوميا.. والوزير قدّم سردا يبرّئ الحكومات ولا يشرح سوء الإدارة
مالك عبيدات – قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن استعراض وزير المالية لتاريخ المديونية وتطورها حمل مجموعة من الرسائل، أبرزها الإيحاء بأن الحكومات السابقة هي المتسببة في تفاقم الدين العام، وليس الحكومة الحالية التي ارتفع الدين في عهدها إلى أكثر من 46 مليار دينار أي نحو 119% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف عايش ل الأردن ٢٤ أن الرسالة الضمنية في حديث الوزير تتمثل في القول إن المديونية تراكمت عبر عقود طويلة من الأزمات والحروب والظروف الطارئة، بدءاً من خمسينيات القرن الماضي، مروراً بالحروب الإقليمية، والأزمة الاقتصادية عام 1989، وأزمة 2008 العالمية، وأزمات الطاقة واللجوء السوري، والربيع العربي، وجائحة كورونا، والحرب الروسية – الأوكرانية، وصولاً إلى الحرب على غزة.
وبيّن أن الاستعراض الزمني يهدف إلى وضع الدين العام في سياق 'تاريخي تراكمي” لتخفيف الانطباع بأن الارتفاع الحالي ناجم عن سوء إدارة حكومية، مشيراً إلى أن الحكومات بطبيعتها لا تدين نفسها، رغم أن الولاية العامة تعني أنها تتحمل مسؤولية ما تؤول إليه الأوضاع المالية والاقتصادية.
وقال عايش إن الوزير ربط الاقتراض بتمويل عجز الموازنة وقطاعات الكهرباء والمياه، ومواجهة أزمات الطاقة واللجوء، وتقديم الدعم الاجتماعي وتجنب رفع الضرائب، 'لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن المديونية تمثل ضرائب مؤجلة سيدفعها المواطنون عبر الفوائد التي تتجاوز حالياً 2.2 مليار دينار سنوياً، فيما دفعت الحكومة في السنوات السابقة ما بين 1.6 و2 مليار دينار سنوياً”.
وأوضح أن مجموع فوائد الدين في الأعوام 2024 و2025 و2026 ستصل إلى نحو 6 مليارات دينار، وهو رقم يوازي تقريباً كامل الإيرادات الضريبية السنوية للدولة، ما يعني أن خدمة الدين تستهلك معظم قدرة المالية العامة.
وأكد عايش أن الاقتراض في السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية 'لم يذهب لمشاريع إنتاجية أو رأسمالية ذات عائد اقتصادي”، بل استُخدم كنفقات جارية أو لسداد ديون سابقة، وهو ما حوّل المديونية من أداة تنموية إلى عبء يومي يضغط على النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة.
وأشار إلى أن جزءاً من القروض قُدم لمشاريع في مراحل مبكرة من تاريخ الدولة، لكن السنوات الأخيرة شهدت توجهاً واضحاً نحو الاستدانة لتغطية نفقات بلا مردود واضح، وهو ما أدى إلى إضعاف قدرة الحكومة على السداد وتشديد هشاشتها المالية.
وقال إن فوائد الدين المرتفعة تزاحم القطاع الخاص على التمويل وتؤثر على قدرته الاستثمارية، ما يفقد الاقتصاد فرصاً كان يمكن أن يستفيد منها لو تم توجيه القروض إلى مشاريع منتجة تخلق نمواً وتشغّل الأردنيين.
ولفت إلى أن برامج صندوق النقد الدولي جاءت أساساً بسبب الارتفاع المطرد في المديونية وتراجع العائد منها، وهو ما جعل التصنيف الائتماني للأردن 'حساساً”. فوكالات التصنيف تنظر إلى حجم الدين وقدرة الدولة على خدمته في الوقت نفسه، وعندما ترى أن الأردن يدفع أكثر من 2 مليار دينار فوائد سنوياً فإنها تعتبر هامش المناورة المالية محدوداً، ما قد يؤدي إلى رفع الفوائد على أي اقتراض جديد.
وأضاف أن ارتفاع خدمة الدين يقلل من قدرة الحكومة على خفض أصل الدين، ويجعل كل ثلاث إلى أربع سنوات تتضمن سنة كاملة من الإيرادات الضريبية المخصصة لتمويل الفوائد فقط، ما يضع المالية العامة في دائرة تضييق متواصلة.
وختم عايش بأن الدين العام لم يعد مجرد رقم كبير، بل 'عبء اقتصادي يومي” يظهر أثره المباشر على حياة الناس والخدمات والاقتصاد، وأن وصوله إلى 119% من الناتج المحلي يعكس تفاقم المشكلة. أما خدمة الدين الصاعدة فتشير إلى عمق الأزمة، وتشرح لماذا يبقى الإصلاح المالي ضرورة ملحّة لا بديل عنها.












































