مونديال كبير لكبار المستقبل

تتوجه الأنظار مجددا نحو العاصمة القطرية الدوحة التي تحتضن النسخة الأولى لكأس العالم للناشئين من أصل خمس متتالية مقررة كل سنة، ينتظر أن تنقل البطولة الى مستويات أخرى، تكشف عن مواهب جديدة كل مرة، تغزو عالم الكرة مثلما فعلت زمان مع نجوم برزوا في مونديال الشباب منذ بداية الألفية على غرار البرازيليين نيمار وكازيميرو، والألماني غوتزه وأوسيمين و​الاسباني​ بيدري والإنكليزيين أرنولد وفل فودن، لكن هذه المرة في وجود 48 منتخبا،​ بحضور خمسة منتخبات يشاركون لأول مرة، وخمسة منتخبات عربية، وثلاثة آسيوية، وثمانية منتخبات أفريقية، تجد في قطر كل الظروف التي تسمح لها بتفجير طاقاتها والكشف عن مهاراتها ومواهبها.

وعلى مدى ثلاثة أسابيع من المنافسة تحت الأضواء وفي أفضل الظروف التنظيمية والأجواء الرياضية والجماهيرية المتميزة سيكتشف العالم مواهب أخرى تخرج للعلن وجديدة تغزو السوق الكروية بمشاركة 48 منتخبا، يخوضون 104 مباريات بمعدل 8 مباريات في اليوم الواحد، تجري في 8 ملاعب في مكان واحد بمجمع “أسباير زون” الرياضي، ما يتيح للجمهور فرصة متابعة أكثر من مباراة واحدة في نفس اليوم ونفس المكان، ويسهل من مهمة مكتشفي المواهب الذين غصت بهم المدرجات، بحثا عن الطيور النادرة التي تبلغ سن الرشد الكروي في هذا العمر على غرار أولئك الذين برزوا في نسخ سابقة عبر التاريخ.

البرازيلي نيمار كان أبرز النجوم الذين اكتشفهم العالم في مونديال الناشئين لسنة 2009 في نيجيريا رغم خروج منتخب بلاده من دور المجموعات، حتى كاد يضمن مشاركة في مونديال 2010 في جنوب افريقيا وهو لم يتجاوز 17 عاما، قبل أن يطرق أبواب العالمية مع برشلونة قادما من نادي سانتوس، على غرار كارلوس كاسيميرو التي وقع أول عقد احترافي مع ساو باولو مباشرة بعد مشاركته وبروزه في مونديال نيجيريا للناشئين، ثم مونديال الشباب أقل من 20 سنة 2011 في كولومبيا، والذي توج به مع منتخب بلاده، قبل أن ينتقل الى الريال ويقضي معه عشرة مواسم فيها بكل الألقاب الممكنة، وبعده يلتحق بمانشستر يونايتد.

نسخة نيجيريا 2009 للناشئين كشفت عن نجوم آخرين من جنسيات مختلفة يتقدمها النيجيري فيكتور أوسيمين الذي صار الهداف التاريخي للبطولة في نسخة واحدة بعشرة أهداف، ما فتح له أبواب الاحتراف والعالمية والنجومية من بوابة فولفسبورغ الألماني ​لغاية انتقاله إلى نابولي سنة 2022 و​تتويجه بجائزة أفضل لاعب في افريقيا، وهو نفس الأمر الذي حدث مع ماريو غوتزه الألماني الذي فتح له نفس المونديال أبواب الانضمام الى بوروسيا دورتموند، ثم أبواب العالمية عندما سجل هدف الفوز بنهائي كأس العالم في البرازيل 2014 مع منتخب بلاده ألمانيا، كما كان مونديال الناشئين 2017 فرصة لبزوغ نجم ألكسندر أرنولد وفل فودن اللذين توجا مع منتخب إنكلترا باللقب وبعدها شقا طريقهما نحو النجومية مع ليفربول والسيتي والمنتخب الأول.

مونديال قطر لن يشد عن القاعدة بمشاركة 48 منتخبا لأول مرة في التاريخ، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على النسخ الأربعة القادمة المقررة في نفس البلد بنفس العدد من المنتخبات، ونفس التنظيم المتميز، ونفس الأجواء التي لم يسبق لها مثيل ولن تتكرر بعد خمس سنوات، لذلك لا يريد الأولاد الصغار أن يفوتوا فرصة ولوج عالم الكبار، وخلافة أجيال كروية سابقة مرت من هنا، و برزت وسطع نجمها من مونديال الناشئين وفئة عمرية تبلغ سن الرشد الكروي الذي يسمح لها بطرق أبواب أكبر الأندية العالمية، وأبواب منتخبات بلدانها الأولى لخلافة أجيال أخرى سابقة.

إعلامي جزائري