اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
تناولت الصحافة الغربية، وخاصة تقارير لصحيفة واشنطن بوست، وشبكة 'بي بي سي' البريطانية ومصادر أخرى، موضوع الكلية العسكرية التي أسستها المعارضة السورية في شمال غرب سوريا لتدريب قواتها قبل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
هذه الكلية، التي ارتبطت بشكل وثيق بهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني)، شكلت جزءًا من استراتيجية المعارضة لتنظيم قواتها وزيادة احترافيتها العسكرية.
ونستعرض ما نشرته الصحافة الغربية حول هذه الكلية، مع التركيز على دورها وأهميتها السياسية والعسكرية.
متى أطلقت الكلية العسكرية؟
أشارت هيئة الإذاعة البريطانية، 'بي بي سي'، إلى أن الكلية العسكرية تأسست في شمال غرب سوريا، وتحديدًا في منطقة قريبة من غابة الباسل، على بعد حوالي 5.5 كيلومترات غرب مركز مدينة إدلب. وبدأت الكلية عملياتها بشكل علني منذ عام 2021، حيث نشرت مقاطع فيديو وصور على منصات مثل تلجرام ويوتيوب تُظهر عشرات المجندين يخضعون لتدريبات عسكرية ميدانية ويتلقون محاضرات نظرية داخل قاعات دراسية. استخدمت 'بي بي سي' صور الأقمار الاصطناعية من مصادر مثل غوغل وبينغ لتأكيد موقع التدريبات، مما يعكس مستوى التدقيق الذي أولته الصحافة الغربية لهذا الموضوع.
في عام 2022، ظهر أحمد الشرع في فيديو خلال أول حفل تخرج لما أُطلق عليهم 'ضباط الجيش'، حيث وصف المتدربين بأنهم 'نواة' جيش جديد لسوريا. هذا الحدث لفت انتباه الصحافة الغربية، التي رأت فيه محاولة لهيئة تحرير الشام لتقديم نفسها كقوة منظمة تسعى لتجاوز جذورها المرتبطة بتنظيم القاعدة.
الدور العسكري والسياسي للكلية
ونقلت 'بي بي سي' عن آرون واي زيلين، زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قوله إن الكلية كانت جزءًا من جهود هيئة تحرير الشام لـ'احتراف عملها وتنظيمه'.
وأضاف زيلين، مؤلف كتاب 'عصر الجهاد السياسي: دراسة عن هيئة تحرير الشام'، أن الكلية ساهمت في دمج مجموعات مسلحة مختلفة تحت مظلة واحدة، مما عزز من تماسك المعارضة.
ومن جهة أخرى، أشار جيروم دريفون، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن التدريب في الكلية ركز على التخصصات العسكرية مثل المدفعية والطائرات المسيرة، بدلًا من إعداد مقاتلين عامين. وأوضح أن المعارضة لم تكن بحاجة إلى بناء جيش تقليدي كامل، بل كان يكفيها أن تكون أكثر احترافية من قوات النظام السوري المتدهورة.
أما الباحث السوري عروة عجوب، فقد رأى أن القيمة السياسية للكلية تفوق أهميتها العسكرية.
وفقًا لما نقلته 'بي بي سي'، اعتبر عجوب أن إنشاء الكلية كان خطوة سياسية تهدف إلى إظهار هيئة تحرير الشام كمؤسسة عسكرية منظمة، خاصة بعد أن نجح أحمد الشرع في تفكيك أو استيعاب الفصائل المنافسة. هذا الجانب السياسي ساعد في تعزيز صورة الشرع كصانع قرار عسكري رئيسي.
تغطية الصحافة الغربية لسياق الكلية
لم تركز الصحافة الغربية على الكلية العسكرية بشكل منفصل فحسب، بل وضعتها ضمن سياق أوسع يتعلق بتحولات هيئة تحرير الشام ودورها في الإطاحة بالأسد. أشارت تقارير إلى أن الهيئة، التي سيطرت على شمال غرب سوريا منذ 2017 عبر 'حكومة الإنقاذ السورية'، استخدمت الكلية كجزء من استراتيجية لتقديم بديل حكم محلي مدني وعسكري. هذا البديل، وفقًا لما نقلته 'بي بي سي' عن زيلين، كان له تأثير كبير على السوريين والمجتمع الدولي، حيث أظهر قدرة الهيئة على إدارة مناطق سيطرتها بطريقة منظمة.
كما تناولت الصحافة الغربية التحديات التي واجهت الكلية، بما في ذلك جذور هيئة تحرير الشام المرتبطة بالقاعدة، مما أثار تساؤلات حول مدى قبول المجتمع الدولي لهذه المؤسسة. ومع ذلك، أشارت التقارير إلى أن الكلية نجحت في إعداد قوات قادرة على تنفيذ حملة عسكرية خاطفة أدت إلى انهيار نظام الأسد في غضون أيام، مما أثار دهشة المراقبين.
ردود الفعل الدولية
لم تقتصر تغطية الصحافة الغربية على الكلية نفسها، بل تناولت أيضًا ردود الفعل الدولية تجاه صعود هيئة تحرير الشام. على سبيل المثال، ذكرت 'بي بي سي' أن الولايات المتحدة، التي أوقفت برنامجها السري لتدريب المعارضة السورية في 2017، لم تتدخل مباشرة في دعم الكلية، لكنها أبدت دعمًا مشروطًا للحكومة الانتقالية الجديدة بعد سقوط الأسد، شريطة أن تكون العملية 'شاملة وغير طائفية'.
في المقابل، أشارت تقارير إلى محاولات روسيا لفتح قنوات حوار مع القيادة الجديدة في سوريا بعد سقوط الأسد، رغم دعمها السابق للنظام. هذا التحول في الخطاب الروسي، حيث توقفت وسائل الإعلام الروسية عن وصف المعارضة بـ'الإرهابيين'، عكس التغيرات السريعة في المشهد السياسي.
خلصت الصحافة الغربية، وخاصة من خلال تقارير 'بي بي سي'، إلى أن الكلية العسكرية لتدريب المعارضة السورية لعبت دورًا محوريًا في تمكين هيئة تحرير الشام من تنظيم قواتها والإطاحة بنظام الأسد. ورغم أن الدور العسكري للكلية كان مهمًا، إلا أن قيمتها السياسية كانت الأبرز، حيث ساهمت في تقديم المعارضة كقوة منظمة قادرة على الحكم. مع ذلك، تظل الأسئلة مفتوحة حول كيفية تعامل المجتمع الدولي مع هيئة تحرير الشام في المرحلة الانتقالية، خاصة في ضوء تاريخها المثير للجدل.