اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
في مقال نشرته صحيفة 'الإندبندنت' البريطانية، يبرز مشروع 'القبة الذهبية' الأمريكي كمبادرة مثيرة للجدل تهدف إلى بناء نظام دفاعي صاروخي شامل، مستوحى من رؤية 'حرب النجوم'.
ويروج الرئيس دونالد ترامب لهذا المشروع الطموح، الذي يهدف إلى حماية الولايات المتحدة من هجمات صاروخية بعيدة المدى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الأسرع من الصوت، لكنه يواجه انتقادات واسعة بسبب كلفته الباهظة، التي تقدر بنحو 175 مليار دولار، وتداعياته العسكرية والأخلاقية، فضلًا عن مخاوف دولية من زعزعة الاستقرار الاستراتيجي العالمي.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع 'القبة الذهبية'، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، يهدف إلى تطوير نظام دفاعي صاروخي متطور لحماية الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية العالمية، مستلهمًا فكرة 'حرب النجوم' التي طرحها الرئيس رونالد ريجان في الثمانينيات.
يتضمن المشروع نشر صواريخ اعتراضية في مدارات أرضية منخفضة للتصدي للصواريخ الباليستية والأسرع من الصوت القادرة على حمل رؤوس نووية أو تقليدية، مما يعزز مفهوم عسكرة الفضاء.
ومع ذلك، يثير المشروع تساؤلات حول جدواه التقنية، حيث يتطلب تقنيات غير مسبوقة مثل صواريخ اعتراضية فضائية وكوكبة ضخمة من الأقمار الاصطناعية تفوق في عددها شبكة 'ستارلينك' التي تشغلها 'سبيس إكس'.
وعلى الرغم من مشاركة شركات القطاع الخاص الأمريكي، مثل 'سبيس إكس' المملوكة لإيلون ماسك، في تقديم عطاءات لتنفيذ أجزاء من المشروع، إلا أن وكالة 'ناسا' حافظت على صمتها تجاه هذا الطرح، مما يعكس تحفظ العلماء تجاه عسكرة الفضاء.
ويرى كثير من علماء الفلك، بحسب تقرير 'الإندبندنت'، أن المشروع، الذي تديره قوة الفضاء الأمريكية بقيادة عسكرية، قد يؤدي إلى سباق تسلح فضائي.
وقد أعربت الصين عن معارضتها الشديدة للمشروع، متهمة الولايات المتحدة بتقويض الاستقرار العالمي من خلال تطوير نظام دفاع صاروخي عالمي، بينما تعمل بكين على تقليص الفجوة التكنولوجية مع واشنطن في مجال الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية.
كما وصفت كوريا الشمالية المشروع بأنه 'تهديد خطير للغاية' يهدف إلى تسليح الفضاء، بينما اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنه يقوض الاستقرار الاستراتيجي، وفقًا لما نقلته قناة 'فرانس 24'.
ووفقًا لشبكة 'سي إن بي سي' الأمريكية نقلًا عن 'بلومبرغ'، أشار ترامب إلى أن انضمام كندا إلى 'القبة الذهبية' سيكلفها 61 مليار دولار، لكنه أضاف مازحًا أن الحماية ستكون مجانية إذا أصبحت كندا الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، مما أثار جدلًا حول سيادتها.
وأكد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن أوتاوا تدرس الانضمام للمشروع، لكن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولى.
من ناحية أخرى، ينتقد المحللون، مثل شون أوجرايدي من 'الإندبندنت'، المشروع ويصفونه بأنه 'خيال مليء بالعيوب' وباهظ التكلفة، وقد يكون أبرز حماقات الرئيس الأمريكي، مشبهين إياه بجدار ترامب الحدودي غير المنجز.
ويحذرون من أن نجاح المشروع، حتى لو تحقق، قد يزعزع توازن الردع النووي العالمي، مما يدفع دولًا مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية إلى تطوير أنظمة دفاعية مماثلة أو أسلحة مضادة.
ويشير هونج مين، المحلل في المعهد الكوري للتوحيد الوطني، إلى أن كوريا الشمالية قد تضطر إلى تطوير وسائل جديدة لاختراق هذا النظام إذا تم استكماله، مما يعزز مخاطر سباق تسلح نووي وفضائي، كما أوردت قناة 'فرانس 24'.
كما يثير المشروع تساؤلات أخلاقية حول عسكرة الفضاء، حيث يخشى العلماء من أن تحول الجهود العلمية نحو أهداف عسكرية بحتة قد يحد من الأفق العلمي للبشرية، خاصة مع تقليص موازنة 'ناسا' لصالح المشروع.
لكن مصير 'القبة الذهبية' يظل غامضًا، مع تحديات تقنية ومالية جمة، وتداعيات جيوسياسية قد تزيد من تعقيد الوضع الدولي. فقد حذر خبراء مثل ديفيد بورباخ من كلية الحرب البحرية في رود آيلاند من أن المشروع يتطلب تقنيات غير متاحة حاليًا، مثل صواريخ اعتراضية فضائية، مما يجعل فعاليته موضع شك.
ومع تصاعد المخاوف الدولية، خاصة من الصين التي ترى في المشروع تهديدًا للتوازن العالمي، وكندا التي تواجه ضغوطًا من ترمب للانضمام بتكلفة باهظة، يظل السؤال المحوري: هل ستحقق 'القبة الذهبية' الأمن المنشود أم ست؛عل فتيل سباق تسلح فضائي جديد؟