اخبار مصر
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة يجد ملايين المصريين أنفسهم على مفترق طرق مع بدء مناقشات البرلمان لتعديلات قانون الإيجار القديم وهو التشريع الذي يحكم عقود إيجار الوحدات السكنية.
وتأتي هذه التعديلات تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024 بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، والتي أثارت جدلاً واسعًا بين الملاك والمستأجرين مع مخاوف من إخلاء ملايين الأسر وتهديد استقرارهم الاجتماعي.
يعود قانون الإيجار القديم إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي حين تم تثبيت الإيجارات لحماية المستأجرين من ارتفاع أسعار السوق، لكن مع مرور الزمن أصبحت القيم الإيجارية المنخفضة عبئًا على الملاك الذين يرون أنها لا تعكس القيمة السوقية الحالية لعقاراتهم، وفي المقابل يخشى المستأجرون وخاصة كبار السن ومحدودو الدخل من فقدان منازلهم التي عاشوا فيها لعقود إذا تم تحرير العلاقة الإيجارية.
عقود قديمة وصراع حقوق
ووفقًا لتصريحات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اللواء خيرت بركات، هناك حوالي 300 ألف وحدة سكنية مغلقة ضمن نظام الإيجار القديم، مما يعكس حجم التحدي في استغلال هذه الموارد العقارية بكفاءة.
وأكد المسؤول المصري الكبير على أنه وفقا لآخر تعداد سكاني في مصر عام 2017 بلغ عدد الأسر 23 مليون أسرة بواقع 94 مليون فرد، وأن الأسر المقيمة في وحدات الإيجار القديم مليون 642 ألف أسرة، وتمثل محافظة القاهرة 41% من نسبة وحدات الإيجار القديم والجيزة 18% والإسكندرية 12.9% والقليوبية 9%.
وسلطت هذه الأرقام الضوء على إشكالية أعمق حيث يرى البعض أن هذه الوحدات المغلقة تمثل فرصة لتحسين السوق العقارية بينما يعتبرها آخرون دليلاً على تعقيدات القانون الحالي.
تعديلات بين العدالة والتهديد
تتضمن التعديلات المقترحة زيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بما يصل إلى 20 ضعفًا بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا في المدن و500 جنيه في القرى مع زيادة سنوية بنسبة 15% حتى مارس 2027 حيث تنتهي عقود الإيجار القديم نهائيًا ما لم يتفق الطرفان على شروط جديدة، في خطوة تهدف إلى تحرير العلاقة الإيجارية تدريجيًا، لكنها أثارت مخاوف من أن تصبح عبئًا لا يطاق على الفئات الأشد فقرا.
وعبر النائب البرلماني مصطفى بكري عن رفضه للصيغة الحالية للقانون، محذرًا من أنها 'تهدد استقرار ملايين الأسر'، بينما طالب رئيس لجنة الإدارة المحلية، أحمد السيجيني، بمراعاة كبار السن الذين قد يواجهون الإخلاء، في المقابل، يرى ملاك العقارات ويمثلهم مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة أن التعديلات 'لا تزال غير كافية' مقترحًا فترة انتقالية أقصر (3 سنوات) وقيم إيجارية أعلى تتراوح بين 2000 و8000 جنيه حسب مستوى المنطقة.
وعود بالتعويض
في محاولة لتخفيف التوتر أكدت وزيرة التنمية المحلية الدكتورة منال عوض خلال اجتماع اللجنة المشتركة بمجلس النواب يوم (الإثنين) أن وزارة الإسكان ستتولى تعويض المتضررين من تطبيق القانون، ويتضمن المشروع توفير وحدات سكنية بديلة بنظام الإيجار أو التمليك ضمن المشروعات الحكومية، مع إطلاق بوابة إلكترونية لتلقي طلبات المستأجرين خلال شهر من صدور القانون، لكن الوزيرة أوضحت أن وزارة التنمية المحلية ليس لديها أراضٍ كافية لتلبية هذا الطلب، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على الوفاء بهذه الوعود.
من جانبها شددت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان السفيرة مشيرة خطاب على ضرورة إيجاد حلول متوازنة، منوه بأن المحكمة الدستورية أوصت بتوفير تدابير وبدائل للمستأجرين، لكن محللين، مثل عبد المطلب، يرون أن الحكومة قد تستغل هذه التعديلات لتسويق وحدات سكنية جديدة ظلت مغلقة، مما يثير شكوكًا حول النوايا الحقيقية وراء القانون.
تأثيرات اجتماعية واقتصادية
مع وجود ما يقرب من 1.8 مليون وحدة سكنية خاضعة للإيجار القديم، تشير تقديرات إلى أن التعديلات قد تعرض حوالي 6 ملايين مصري لخطر الإخلاء، خاصة في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أن القانون يمثل فرصة لإنهاء 'الإيجار المؤبد' المخالف للدستور، لكنه يحذر من أن توقيت طرحه وسط أزمة اقتصادية قد يفاقم معاناة الأسر.
في الشارع المصري، تتصاعد الدعوات للاحتجاجات، مع منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تحذر من 'كارثة اجتماعية'، في حين يطالب مستأجرون بزيادات إيجارية معقولة تحافظ على استمرار العلاقة الإيجارية بدلاً من إنهائها.
وتستمر لجنة الإسكان بمجلس النواب برئاسة النائب محمد عطية الفيومي في عقد جلسات استماع حتى 19 مايو الجاري لمناقشة التعديلات، مع وعد بإشراك جميع الأطراف، في حين أكدت النائبة عبلة الهواري أن القانون 'لن يخرج من المجلس إلا بصيغة متوازنة'، لكن التوتر يظل قائمًا بين المطالبين بحقوق الملاك وأولئك الذين يدافعون عن استقرار المستأجرين.
المصدر: RT