اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
بينما تتقاطع حرارة الصراعات الجيوسياسية مع حرارة الكوكب المتصاعدة، يشهد العالم تحولات غير مسبوقة في مسارات التجارة الدولية، وفق تحليل موسّع نشره موقع «أويل برايس» الأمريكي المتخصص في شؤون الطاقة.
الحرب وتغير المناخ لم يعودا عاملين منفصلين، بل قوتين متداخلتين تُعيدان رسم خرائط النفوذ والعبور التجاري من قناة السويس إلى الممرات القطبية.
يشير التحليل إلى أن الحروب الممتدة في الشرق الأوسط، والحرب في أوكرانيا، إلى جانب الاضطرابات في البحر الأحمر، دفعت الشركات العالمية إلى البحث عن طرق بديلة لتأمين سلاسل الإمداد.
فقد تراجعت حركة السفن في باب المندب بنحو 50% منذ مطلع 2024، بينما لجأت بعض الخطوط الملاحية إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، وإطالة زمن الرحلات بمعدل أسبوعين إضافيين.
وفي المقابل، تتجه الأنظار نحو الممرات القطبية شمالًا، حيث بدأت شركات الشحن الأوروبية في اختبار طرق بحرية عبر المحيط المتجمد الشمالي مستفيدة من ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة. هذا المسار قد يقلّص زمن الشحن بين آسيا وأوروبا إلى النصف، لكنه يثير جدلًا بيئيًا واسعًا حول مخاطره على النظم البيئية الحساسة.
الشرق الأوسط بين النار والماء
يبقى الشرق الأوسط ـ وفق التقرير ـ في قلب معادلة الصراع والمناخ، إذ يجتمع فيه العنف السياسي والتغير البيئي. فالتوترات في الخليج والهجمات على ناقلات النفط تجعل المنطقة أكثر هشاشة أمام أي اضطراب، في حين تضرب موجات الجفاف والحرارة الشديدة المرافق الملاحية في قناة السويس وموانئ شرق المتوسط، ما يؤثر على عمق الممرات المائية ويهدد بانخفاض حركة الملاحة.
وتواجه مصر تحديًا مزدوجًا: تراجع حركة السفن في القناة من جهة، وارتفاع تكاليف الطاقة بسبب الضغوط المناخية من جهة أخرى. لكنها تعمل، بحسب «أويل برايس»، على تحويل الأزمة إلى فرصة عبر الاستثمار في مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، مما قد يعزز مكانتها كمركز محوري لشبكات التجارة والطاقة المستقبلية.
تحولات في أسواق الطاقة
يربط التحليل بين اضطرابات المسارات البحرية وتقلبات أسعار النفط العالمية، إذ تؤدي الأزمات الجيوسياسية إلى ارتفاعات متقطعة في الأسعار. ووفقًا لأحدث البيانات حتى مساء 26 أكتوبر 2025:
خام غرب تكساس (WTI): 61.50 دولارًا للبرميل
خام برنت: 61.12 دولارًا للبرميل
خام مربان الإماراتي: 69.65 دولارًا للبرميل
هذه الأرقام ـ كما يشير التقرير ـ تعكس توازنًا هشًا بين ضعف الطلب العالمي وارتفاع المخاطر الجيوسياسية، حيث 'كلما اشتعلت جبهة أو انخفض منسوب نهر، تغيّر مسار ناقلة وتبدلت كلفة البرميل'.
قناة السويس بين الضغوط والمنافسة
تظل قناة السويس في قلب المتغيرات العالمية، باعتبارها شريانًا استراتيجيًا يمر عبره نحو 12% من التجارة الدولية. ومع تصاعد المخاوف من اضطرابات البحر الأحمر، تراجعت إيرادات القناة بنحو 30% خلال فترات من عام 2024 نتيجة تقليص مرور السفن الكبرى مؤقتًا.
لكن القاهرة تتحرك لتعويض هذا التراجع من خلال توسيع قناة السويس الجديدة وتطوير الموانئ الذكية ومناطق الخدمات اللوجستية المحيطة بها، ضمن خطة تحويلها إلى مركز عالمي للتجارة والطاقة الخضراء.
ويرى محللون نقل عنهم الموقع الأمريكي أن تحديث البنية التحتية المستدامة للقناة سيجعلها أكثر قدرة على الصمود أمام التقلبات المناخية والاقتصادية العالمية.
المستقبل: ممرات خضراء ومخاطر رمادية
بحسب الخبراء، يتجه العالم نحو إعادة هندسة جغرافيا التجارة الدولية، من خلال ممرات خضراء تقلل الانبعاثات، وموانئ تعمل بالطاقة الشمسية، وسفن أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وفي خضم هذه التحولات، باتت خريطة التجارة تُكتب بالنار والماء، بالسياسة والمناخ. وكما ختم أحد المحللين في تصريحه لـ«أويل برايس»: 'المناخ أصبح لاعبًا استراتيجيًا لا يقل تأثيرًا عن أي جيش أو تحالف.'


































