اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
في تحول لافت في أسلوب التفاوض الأمريكي بشأن الحرب في أوكرانيا، أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشددًا غير مسبوق في تعامله مع الملف الروسي، متخليًا عن لغة الحوافز والدبلوماسية التي اتبعها سابقًا، ومتبنيًا نهجًا أكثر صرامة يعتمد على الضغط المباشر، وفقًا لتحليل نشره المحلل السياسي ستيف روزنبرج في هيئة الإذاعة البريطانية 'بي بي سي'.
وفي تقريره الذي حمل طابعًا سرديًا، وصف روزنبرج زيارته إلى الكرملين لحضور لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى أن الأجواء كانت مشحونة، وأن الرسائل التي صدرت من موسكو تعكس ثقة متزايدة في الموقف الروسي، رغم عدم تحقيق تقدم ملموس في مفاوضات السلام.
وكتب روزنبرج: 'كنت أبحث عن مخرج داخل الكرملين، لكن الحراس قالوا لي: لا مخرج. وكأنها استعارة دقيقة للحالة السياسية الراهنة'.
وفي تصريحات نقلتها 'بي بي سي'، قال ترامب إنه 'يريد لقاء بوتين في أقرب وقت ممكن'، لكنه أضاف أن 'المرحلة القادمة تتطلب وضوحًا وحزمًا'، في إشارة إلى أن واشنطن لم تعد مستعدة لتقديم تنازلات مجانية. وقد جاءت هذه التصريحات بعد نجاح ترامب في التوسط لصفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، شملت ألف أسير من كل طرف، وهي أول صفقة مباشرة منذ ثلاث سنوات.
ووفقًا لتحليل أمني نشره موقع 'بي بي سي نيوز'، فإن الإدارة الأمريكية بدأت في مراجعة أدواتها الدبلوماسية، متخلية عن سياسة 'الجزرة والعصا' التقليدية، لصالح نهج أكثر صرامة يعتمد على فرض الشروط، وتحديد الخطوط الحمراء بوضوح. ويشير التقرير إلى أن ترامب، الذي وصفه بعض المسؤولين الأوروبيين بأنه 'غير قابل للتنبؤ'، بات يستخدم نفوذه الشخصي للضغط على بوتين، خاصة في ظل تباعد المواقف بشأن مستقبل الأراضي المحتلة في أوكرانيا.
في المقابل، تُظهر التصريحات الروسية ثقة متزايدة في الموقف التفاوضي، حيث قال مسؤولون في الكرملين إنهم 'في مرحلة أولية من استعادة العلاقات الثنائية مع واشنطن'، لكنهم أشاروا إلى أن 'الفجوة لا تزال واسعة' بين الطرفين. أما أوكرانيا، فقد طالبت برد دولي قوي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، وفقًا لما نقلته 'بي بي سي' عن وزير الدفاع الأوكراني.
وأحدث العقوبات الأمريكية على روسيا وتأجيل قمة ترامب–بوتين في بودابست يعيدان تشكيل المشهد الدبلوماسي
في تصعيد جديد ضمن الحرب الاقتصادية بين واشنطن وموسكو، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 22 أكتوبر 2025 عن فرض حزمة عقوبات هي الأوسع حتى الآن ضد قطاع الطاقة الروسي، مستهدفة شركتي 'روسنفت' و'لوك أويل'، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا. وفقًا لتقرير نشرته مجلة 'تايم'، فإن هذه العقوبات تهدف إلى تقليص العائدات النفطية التي تموّل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتأتي في إطار ضغط أمريكي متزايد لدفع موسكو نحو قبول وقف إطلاق النار.
ووفقًا لتصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، فإن العقوبات الجديدة تمثل 'نقلة نوعية في الإجراءات الاقتصادية ضد روسيا'، وتشمل حظرًا شاملًا على التعاملات الأمريكية مع الشركات التي تمتلكها روسنفت أو لوك أويل بنسبة تفوق 50٪، ما يعني عمليًا تجميد جزء كبير من التجارة النفطية الروسية مع الغرب. وقد رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها 'انتصار دبلوماسي مهم'، وفقًا لشبكة 'سي بي إس نيوز'.
لكن في المقابل، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذه العقوبات 'لن تُجبر روسيا على التراجع'، مؤكدًا أن بلاده 'لن تفعل شيئًا تحت الضغط'، وفقًا لتصريحات نقلها موقع 'ذا كييف إندبندنت'. وقد هددت موسكو باتخاذ إجراءات مضادة، دون أن تحدد طبيعتها، وسط تحذيرات من تأثير العقوبات على أسواق الطاقة العالمية، خاصة أن روسيا تصدّر أكثر من 7 ملايين برميل يوميًا، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وفي ظل هذا التصعيد، أعلنت واشنطن رسميًا تأجيل القمة التي كانت مقررة بين الرئيسين ترامب وبوتين في العاصمة المجرية بودابست، والتي كان يُنظر إليها كفرصة لإطلاق مفاوضات سلام جديدة. وفقًا لتقرير نشره 'يو إس إيه توداي'، فإن البيت الأبيض أرجع التأجيل إلى 'عدم جاهزية الطرفين'، رغم أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وصف المكالمة التحضيرية مع نظيره الروسي سيرجي لافروف بأنها 'بناءة'.
لكن موقع 'المجلس الأطلسي' أكد أن السبب الحقيقي وراء تأجيل القمة هو رفض روسيا لمقترح أمريكي بوقف فوري لإطلاق النار، ورفضها تقديم أي تنازلات بشأن الأراضي المحتلة في أوكرانيا. وقد نقلت شبكة 'إيه بي سي نيوز' أن ترامب 'غير مستعد لعقد لقاء دون ضمانات مسبقة'، ما يعكس تغيرًا في أسلوب التفاوض الأمريكي، من المبادرات المفتوحة إلى الشروط الصارمة.
العصا لا الجزرة في زمن الحرب
ويعكس تزامن العقوبات الأمريكية مع تأجيل قمة بودابست تحولًا في التكتيك الأمريكي من الضغط الناعم إلى المواجهة الاقتصادية والدبلوماسية المباشرة. وبينما تصر روسيا على موقفها، وتتمسك أوكرانيا بدعم غربي أكبر، يبدو أن إدارة ترامب قررت أن العصا هي اللغة الوحيدة التي يمكن أن تُحدث اختراقًا في جدار الأزمة، في لحظة مفصلية من تاريخ الصراع.


































