اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
تكلم الدكتور علي جمعة خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية علي فيس بوك عن العلامة الخامسة من علامات القيامة الكبرى، وهي الدخان الذي يظهر في آخر الزمان.
ظهور الدخان
وقال: لقد أشار القرآن الكريم إلى هذه العلامة في سورة سميت بالدخان قال تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الدخان :10].
وصرحت السنة المطهرة بأن ظهور الدخان من العلامات التي تسبق يوم القيامة، ففي حديث حذيفة بن أسيد قال : «اطلع علينا رسول الله ﷺ ونحن نتذاكر الساعة فقال : ما تذاكرون ؟ قلنا : نذكر الساعة، قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آَيات فذكر الدخان والدجال والدابة ... » [رواه مسلم].
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه : «بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة» [رواه مسلم].
وما ورد عن النبي ﷺ : «إن ربكم أنذركم ثلاثا : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال» [رواه الطبراني].
هل الدخان ظهر أم لم يظهر بعد
هذا مما ورد في شأن علامة الدخان الذي يغشى الناس قبل يوم القيامة من آثار نبوية، ولقد تكلم العلماء في هذا الدخان وهل ظهر أم لم يظهر بعد ؟
فذهب بعض العلماء إلى أن الدخان قد ظهر في عهد النبي ﷺ ، وذلك عندما أصيبت قريش بالشدة والجوع، وذلك لما دعا عليهم النبي ﷺ حين لم يستجيبوا له، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان، وكان يرى هذا القول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وقد استدل هؤلاء بما جاء في حديث مسروق بن الأجدع قال : (كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن، إن قاصا يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام ' فقال عبد الله، وجلس وهو غضبان: «يا أيها الناس اتقوا الله، من علم منكم شيئا فليقل بما يعلم، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم : الله أعلم، فإن الله عز وجل قال لنبيه ﷺ : «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ»، إن رسول الله ﷺ لما رأى من الناس إدبارا قال لهم : «اللهم سبع كسبع يوسف»، قال : فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوعِ، وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان» [رواه الترمذي وابن حبان]. وقال ابن مسعود أيضا : «خمس قد مضين : اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان) [رواه البخاري ومسلم].
وذهب كثير من العلماء إلى أن الدخان من الآيات التي لم تظهر بعد وسيقع قرب القيامة، وهو ما قال به علي بن أبي طالب، وابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم وغيرهم، وكثير من التابعين.
ذهب كثير من العلماء إلى أن الدخان من الآيات التي لم تظهر بعد وسيقع قرب القيامة، وهو ما قال به علي بن أبي طالب، وابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم وغيرهم، وكثير من التابعين.
وقد رجح الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هذا، مستدلا بالأحاديث التي سبق ذكرها، وبغيرها من الأحاديث، وأيضًا بما أخرجه ابن جرير وغيره عن عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس -رضي الله عنهما- ذات يوم فقال : «ما نمت البارحة حتى أصبحت، قلت : لم ؟ قال : قالوا : طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت».
قال ابن كثير -رحمه الله- بعد ذكره لهذا الأثر : «وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما حبر وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن» [تفسير ابن كثير].
والأرجح الجمع بين القولين، وهو ما ذهب إليه بعض العلماء، كالطبري، والنووي، والقرطبي، فذهبوا إلى أنهما دخانان، ظهر أحدهما، وبقي الآخر الذي سيقع في آخر الزمان، فأما الآية الأولى التي ظهرت فهي ما كانت قريش تراه كهيئة الدخان، وهذا الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من أشراط الساعة.
قال الطبري - رحمه الله - : «وبعد فإنه غير منكر أن يكون أحل بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم، ويكون محلا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانا على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا كذلك ؛ لأن الأخبار عن رسول الله ﷺ قد تظاهرت بأن ذلك كائن، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله ﷺ صحيح».
وقال النووي رحمه الله تعالى : «ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار» [شرح مسلم للنووي].
ونقل ذلك القول عن ابن مسعود أيضًا، قال القرطبي : «قال مجاهد : كان ابن مسعود يقول : «هما دخانان قد مضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن إلا كالزكمة، وأما الكافر فتثقب مسامعه» [تفسير القرطبي].
ويجب على المسلم تجاه هذه العلامة أن يؤمن بأن هناك دخان يظهر للناس، وأن هذا الدخان يحدث قبل يوم القيامة كعلامة على قرب وقوعها.