اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشهد شبه الجزيرة الكورية تصعيدًا متزامنًا بين الكوريتين، بعد أن أعلنت كوريا الجنوبية عن تقدم مشروعها لبناء غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، في وقتٍ أجرت فيه كوريا الشمالية تجربة صاروخية بحرية قبل ساعات من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مدينة غيونغجو لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك).
هذا التزامن، وفق مراقبين، لا يبدو صدفة بقدر ما يعكس سباقًا استراتيجيًا متسارعًا في الردع البحري، وسط إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بقيادة واشنطن.
ترامب يمنح الضوء الأخضر لمشروع الغواصات النووية في سيول
بحسب مجلة ذي ديبلومات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة تروث سوشيال عن دعمه الرسمي لمشروع كوريا الجنوبية لبناء غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، واصفًا الخطوة بأنها “تغيير في قواعد اللعبة”.
الإعلان جاء عقب لقائه بالرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ على هامش قمة آبيك، حيث أكد ترامب أن المشروع يمثل ضرورة لتعزيز الردع الإقليمي في مواجهة التهديدات القادمة من الصين وكوريا الشمالية.
تحول جذري في العقيدة الدفاعية لسيول
مجلة ناشيونال ديفينس ماغازين أوضحت أن دخول كوريا الجنوبية عالم الغواصات النووية يمثل أكبر تحول في بنيتها الدفاعية البحرية منذ تأسيسها.
الغواصات الجديدة، رغم أنها لا تحمل رؤوسًا نووية، ستتيح للبحرية الكورية العمل تحت الماء لفترات طويلة دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ما يمنحها قدرة ردع مستمرة ويعزز وجودها في بحر الصين الشرقي وبحر اليابان، وهما مسرحان رئيسيان للتنافس الإقليمي بين بكين وطوكيو.
دعم سياسي داخلي متنامٍ رغم الجدل الدولي
صحيفة كوريا جونغ آنغ ديلي ذكرت أن المشروع النووي البحري الكوري الجنوبي ما يزال في مراحله الأولية، لكنه يحظى بدعم متزايد من الحكومة والبرلمان، بعد الموقف الأمريكي الداعم.
وأكدت الصحيفة نقلًا عن مسؤولين في سيول أن الغواصات ستُستخدم لأغراض دفاعية بحتة ولن تُزوَّد بأسلحة نووية، ما يضعها ضمن الإطار القانوني لاتفاقيات عدم الانتشار النووي، رغم الجدل المتوقع حول انعكاساتها على سباق التسلح الإقليمي.
بيونج يانج ترد بالصواريخ قبل وصول ترامب
في المقابل، لم تتأخر كوريا الشمالية في الرد على هذا التحرك. ففي 29 أكتوبر، وقبل ساعات من وصول ترامب إلى كوريا الجنوبية، أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية عن تجربة ناجحة لصواريخ كروز بحرية أطلقت من الساحل الغربي، واستمرت لأكثر من ساعتين.
ووفق صحيفة تشانل نيوز آسيا، فإن هذه التجربة كانت “رسالة مباشرة إلى الأعداء”، في إشارة إلى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، مشيرة إلى أن الصواريخ الجديدة تتمتع بقدرات مناورة عالية تجعلها قادرة على تفادي أنظمة الدفاع الجوي في حال اندلاع مواجهة بحرية.
رسالة سياسية حادة من بيونج يانج
شبكة الجزيرة ربطت بين توقيت التجربة الصاروخية وزيارة ترامب، معتبرة أن بيونج يانج أرادت توجيه رسالة سياسية مزدوجة: رفضها العلني للتحالفات العسكرية الجديدة، وإصرارها على البقاء طرفًا لا يمكن تجاهله في المعادلة الأمنية للمنطقة.
ويرى محللون نقلت عنهم الشبكة أن كوريا الشمالية تستخدم التجارب الصاروخية كأداة ضغط تفاوضي غير مباشر، خاصة في ظل الجمود المستمر في المحادثات النووية مع واشنطن.
سباق الردع البحري يعيد رسم توازن القوى الآسيوي
تطورات الكوريتين تعكس دخول المنطقة مرحلة جديدة من سباق الردع البحري، حيث تسعى سيول إلى امتلاك تكنولوجيا نووية بحرية متقدمة، بينما ترد بيونغ يانغ بمزيد من التجارب الصاروخية لتأكيد قدرتها على الردع رغم العقوبات.
وفي خلفية المشهد، تتابع الصين بقلق أي تطور في القدرات الكورية الجنوبية، معتبرة أن ذلك يخلّ بتوازن القوى في بحر الصين الشرقي، فيما ترى اليابان أن المشروع فرصة لتعزيز التنسيق الدفاعي الثلاثي مع واشنطن.
ترامب يعيد رسم معادلة النفوذ الأمريكي في آسيا
زيارة ترامب إلى كوريا الجنوبية تأتي في توقيت حساس، بينما تسعى واشنطن إلى استعادة نفوذها في آسيا عبر دعم حلفائها في مواجهة خصومها الاستراتيجيين.
لكن هذا الدعم يثير تساؤلات حول مستقبل اتفاقيات عدم الانتشار النووي، إذ يرى خبراء أن دخول سيول عالم الغواصات النووية – حتى لأغراض غير تسليحية – يمثل خطوة استراتيجية نحو قدرات ردع متقدمة، قد تدفع المنطقة إلى سباق تسلح جديد.
توازنات جديدة وتوترات مفتوحة
العناوين التي تتصدر الصحف – من “طموحات سيول النووية تتقدم” إلى “كوريا الشمالية ترد بالصواريخ” – لا تعبّر عن مجرد أحداث متزامنة، بل عن تحول استراتيجي في معادلة الردع الآسيوية.
فبين دعم أمريكي واضح لطموحات سيول ورد صاروخي مباشر من بيونغ يانغ، تدخل شبه الجزيرة الكورية مرحلة جديدة من التوتر، حيث تُعاد صياغة التحالفات وتُختبر حدود القوة وتُرسم خرائط النفوذ من جديد.




 
 
 
 
 
 
 
 
 
 





























