اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
أثارت الخطة الأمريكية المقترحة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، والتي كشف عنها البيت الأبيض مؤخرًا، موجة من الشكوك الدولية والفلسطينية حول أهدافها الحقيقية، خصوصًا بعد تأكيد مشاركة توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ضمن أعضاء مجلس السلام الدولي الذي سيشرف على اللجنة الفلسطينية المؤقتة.
وقد ربط العديد من المحللين السياسيين دور بلير بالماضي المثير للجدل، خاصة مشاركته في غزو العراق عام 2003، مما جعل بعض الفلسطينيين والعرب يشككون في نوايا الخطة الحقيقية، وهل هي إصلاحية أم سياسية توسعية وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.
تفاصيل اللجنة الفلسطينية المؤقتة والشكوك المحيطة بها
تنص الخطة على تشكيل لجنة فلسطينية موقتة من تكنوقراط غير سياسيين، دون ذكر أي أسماء فلسطينية محددة، والمزمع أن تتولى الإدارة اليومية للخدمات العامة والشؤون البلدية.
ورغم أن اللجنة تهدف رسميًا إلى إعادة الإعمار والإدارة المدنية، إلا أن غياب حماس وممثلي القوى السياسية الفلسطينية التقليدية يثير الشكوك حول شرعية اللجنة وقدرتها على تمثيل الشعب الفلسطيني فعليًا.
من جهة أخرى، يطرح بعض المراقبين أسئلة حول اختيار بلير كشريك دولي في إشراف اللجنة، معتبرين أن تاريخه في المنطقة، بما في ذلك التدخلات السابقة والقرارات المثيرة للجدل في العراق، قد تشير إلى أن الخطة قد تستخدم كأداة سياسية لتحقيق مصالح دولية أكثر من خدمة السكان المحليين.
آراء فلسطينية: هل الخطة لصالح غزة أم لأجندات خارجية؟
أثارت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة من الريبة والشك بين الفلسطينيين. فقد اعتبر مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، أن توني بلير شخصية تاريخها مليء بالقرارات الاستعمارية الغربية، وقال: 'إذا ذكرت توني بلير، فإن أول ما يذكره الناس هو حرب العراق'.
كما أعربت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن قلقها من أن تكون الخطة ذريعة لإقصاء الفاعلين المحليين من إدارة غزة، مؤكدة على أهمية إعطاء الفلسطينيين الحق في اختيار ممثليهم وإدارة شؤونهم دون تدخل خارجي مباشر.
موقف بلير وترامب: رسائل متناقضة
في المقابل، أبدى بلير دعمه للخطة واصفًا إياها بأنها 'خطة ذكية وجريئة'، فيما يرى مراقبون أن موقفه قد يزيد الشكوك حول حوافز الخطة الحقيقية.
بينما يحاول ترامب تصوير المجلس الدولي واللجنة الفلسطينية المؤقتة كآلية لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار، يرى العديد من الفلسطينيين والمحللين أن التركيز على تكنوقراط غير سياسيين قد يخفي أهدافًا سياسية دولية تتجاوز مصلحة غزة المباشرة.
شكوك حول التمويل وإعادة الإعمار
تتضمن الخطة تمويل إعادة تطوير غزة، على أن يستمر ذلك حتى تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي.
ومع ذلك، غياب جدول زمني واضح، وعدم تحديد الجهات الممولة بشكل شفاف، يعزز الشكوك حول من سيستفيد فعليًا من هذه الأموال، وما إذا كانت ستذهب لتحسين حياة السكان أم لتثبيت نفوذ دولي وسياسي معين.
شكوك دولية: هل يمكن تحقيق الاستقرار فعلًا؟
يشير المحللون الدوليون إلى أن إشراك بلير، المعروف بتورطه في قرارات مثيرة للجدل في الشرق الأوسط، يزيد من الريبة الدولية حول الخطة. فبينما يسعى البعض لتصويرها كحل تقني بعيد عن السياسة، يرى آخرون أن الخطة قد تُستخدم لتطبيق أجندات خارجية على الأرض الفلسطينية، مع احتمال إقصاء القوى المحلية التقليدية، بما في ذلك حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى.
آثار الخطة على السكان الفلسطينيين
في الوقت الذي يتم فيه مناقشة تفاصيل الخطة، يواجه الفلسطينيون في غزة أزمة إنسانية حادة، إذ أدت الحرب الأخيرة إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد جميع السكان.
ويرى خبراء حقوق الإنسان أن إعادة الإعمار تحت إشراف لجنة دولية تضم شخصيات مثقلة تاريخيًا بالجدل، قد تفاقم الشكوك حول مصداقية الإجراءات وفعالية إعادة الحياة اليومية للفلسطينيين، دون أن ترفع المعاناة الإنسانية عن كاهلهم.
ويبقى دور توني بلير في خطة دونالد ترامب لغزة محاطًا بالشكوك والريبة أكثر من كونه محط جدل عابر، لأن التاريخ السياسي للشخصية المختارة لإدارة جزء حيوي من الأراضي الفلسطينية يطرح أسئلة جدية حول نوايا الخطة وفعاليتها على الأرض وما إذا كانت الخطة برمتها إعادة تدوير لتاريخ الانتداب المضني الذي عانت المنطقة منه أشد العناء.
وبينما يسعى الغرب لتقديم الخطة كحل إصلاحي، فإن الواقع يشير إلى أن هذه الشكوك لن تزول ما لم تكن هناك شفافية كاملة وإشراك فعلي للفلسطينيين في صنع القرار.