اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
رغم إعلان فريق عمل فيلم 'عيد ميلاد سعيد' عن عرضه التجاري قبل 30 سبتمبر الجاري، لاستيفاء شروط الترشح لتمثيل مصر في جوائز الأوسكار، فوجئ المتابعون بقرار شركة الإنتاج تقديم الفيلم في عرض محدود داخل إحدى دور العرض الواقعة في أطراف العاصمة.
ورغم أن محدودية العرض ليست سابقة جديدة، حيث سبق أن تكررت مع أفلام مصرية أخرى خلال السنوات الماضية، إلا أن ما أثار الانتقادات والاستنكار هذه المرة هو فرض قيود خاصة على مشاهدة الفيلم، اعتُبرت بمثابة التفاف واضح على قواعد أكاديمية الأوسكار.
دار العرض وضعت شرطًا غريبًا يقضي بضرورة وجود 25 مشاهدًا داخل القاعة لتشغيل الفيلم. وهو ما شكل عقبة حقيقية خلال الأيام الأولى من طرح الفيلم، الذي بدأ عرضه في 17 سبتمبر، خصوصًا في ظل غياب الدعاية أو أي حملة إعلانية مناسبة تواكب أهمية فيلم بهذا الحجم.
لمواجهة هذه الأزمة، قامت شركة الإنتاج بالتواصل مع إدارة دار العرض وطلبت إلغاء شرط الحد الأدنى من الحضور، مقابل تحملها تكلفة الفارق في عدد التذاكر غير المباعة، أي تشغيل الفيلم لأي عدد من المشاهدين حتى وإن كان عددهم أقل من 25، مع التزام الشركة بتغطية التكلفة.
هذا القرار أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السينمائية والإعلامية، بين من يرى أن ما حدث يمس مصداقية المنافسة على ترشيح مصر للأوسكار، وبين من يعتبره محاولة لإنقاذ الفرصة أمام فيلم قد يملك بالفعل قيمة فنية تؤهله للمنافسة الدولية، لكنه لم يحظَ بالدعم التسويقي الكافي.
تكرار هذا النمط من العروض المحدودة مع أفلام مصرية أخرى خلال السنوات الأخيرة، يسلط الضوء على إشكالية مستمرة في آلية اختيار الفيلم المصري المرشح للأوسكار، خاصة مع الخلل الواضح في تشكيل لجنة الاختيار. فالقائمة الحالية خَلت تقريبًا من العنصر الشبابي (ما بين عمر 30 وحتى 40 عامًا)، فضلًا عن تكرار الأسماء نفسها بشكل نمطي، والتعامل المُجحف مع الأجيال الأصغر سنًا، على الرغم مما تمتلكه من خبرة وتجربة لا يمكن إغفالها في سياق سينما تتطور باستمرار.
نقابة السينمائيين ولجنة الأوسكار
هذا الواقع يضعنا أمام تساؤل مشروع حول دور نقابة السينمائيين، التي تلتزم الصمت المريب إزاء هذه الأزمة، رغم كونها الجهة المسؤولة عن تشكيل لجنة الاختيار، وهي أيضًا الجهة التي وفرت 'ضمانًا' لعرض الفيلم. لكن، هل كان هذا العرض بالمعنى الحقيقي؟ أم أنه مجرد شكل وهمي أو افتراضي لاستيفاء شروط الترشح؟
هل يخدم غياب الشفافية في هذه الإجراءات، والاعتماد على آليات تقليدية تفتقر للتجديد والانفتاح على الطاقات الجديدة صورة مصر السينمائية في الخارج، وهل يمكن ان يقوّض فرصها في المنافسة الحقيقية على جوائز دولية مرموقة بحجم الأوسكار، لا أتحدث هنا عن محدودية العرض، والذي هو متبع في كثير من الأفلام الأخرى حول العالم، ولكني أتحدث عن عراقيل العرض نفسه.
افتتاح “الجونة” وفرص المنافسة
من المنتظر أن يحظى الفيلم المنتظر بعرض كبير خلال افتتاح الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، وسط ترقب واسع من الجمهور والنقاد على حد سواء. ويعد العمل من أبرز الإنتاجات السينمائية لهذا العام، لما يحمله من قيمة فنية عالية ورؤية إخراجية جريئة، تجعله مؤهلاً لقطع شوط طويل نحو جائزة الأوسكار.
الفيلم سبق أن عُرض في مهرجان تريبيكا السينمائي الدولي، وحاز خلاله على أكثر من جائزة، ما يعزز من فرصه في المنافسة العالمية. إلا أن هذه الرحلة نحو الأوسكار ليست سهلة، فهي تتطلب مجهودًا كبيرًا من المنتجين، خاصة فيما يتعلق بتسويق الفيلم بالشكل اللائق الذي يلفت أنظار أعضاء الأكاديمية الأمريكية.
ويُعد محمد دياب، المؤلف والمنتج، أحد أبرز الأسماء القادرة على قيادة هذه المهمة، كونه عضوًا في الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم الصور المتحركة، ومقيمًا بين مصر وأمريكا. دياب يدرك جيدًا خبايا ودهاليز التصويت داخل الأكاديمية، وعلى دراية تامة بأن أولى خطوات النجاح تبدأ من توفير ميزانية ضخمة للدعاية والتسويق، بما يتناسب مع متطلبات السوق الأمريكي والمعايير الدولية.
سارة جوهر: مخرجة تعد بالكثير
يمثل الفيلم محطة فارقة في مسيرة المخرجة سارة جوهر، التي تقدم من خلاله أول أفلامها الروائية الطويلة، بأسلوب إخراجي حر ومغامر، يكشف عن موهبة حقيقية في فن الحكي البصري. تمكنت جوهر من صياغة قصة عميقة، مليئة بالمشاعر والتناقضات، تدفع المشاهد إلى مواجهة قاسية مع الذات.
السيناريو المحكم الذي يستند إليه الفيلم، إلى جانب أداء تمثيلي مبهر، يمنح الفيلم قوة إضافية. وتبرز الفنانة حنان مطاوع في مقدمة فريق العمل، حيث تقدم دورًا استثنائيًا يُشعرك بأنها ولدت في تلك البيئة القاتمة والخشنة التي يصورها الفيلم بصدق مدهش، فضلا عن الأداء العفوي من الطفلة ضحى رمضان، صاحبة الوجه المصري الجميل، وملامح تنبض بموهبة منتظرة.