اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
يبدو أن شهر يوليو 2025 كان الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للعاملين في صناعة التكنولوجيا، فبعد سنوات من الابتكار السريع والرواتب المرتفعة وأجواء العمل الممتازة، يمر القطاع الآن بمرحلة تحول جذرية.
بدأت هذه الموجة من تسريح العمال بإعلان مايكروسوفت عن تسريح 9000 موظف، في خطوة ضمن جهود الشركة لتقليص حجم قوتها العاملة، وبعدها، كانت إنتل على موعد مع تسريح نحو 5000 وظيفة في الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومنذ عام 2022، فقد نصف مليون موظف تقني وظائفهم على مستوى العالم، ما يشير إلى تحول سريع وعميق في القطاع، فما هو السبب وراء هذه الموجة الكبيرة من التسريحات؟
من الواضح أن أبرز سبب لهذا التحول الكبير في قطاع التكنولوجيا هو الذكاء الاصطناعي، حيث أن التطورات السريعة في هذا المجال بدأت تتسبب في تغييرات جذرية في الطريقة التي تعمل بها الشركات.
ففي تقرير صادر عن “جولدمان ساكس” في 2023، تم التنبؤ بأن الذكاء الاصطناعي قد يؤتمت ما يصل إلى 300 مليون وظيفة حول العالم في السنوات القادمة، وحتى الآن، تشير بيانات من مكتب إحصاءات العمل الأمريكي إلى أن حوالي 27٪ من وظائف البرمجة قد اختفت بين 2022 و2024.
في نوفمبر 2022، أعلنت ميتا عن تسريح 13٪ من موظفيها، أي حوالي 11.000 موظف، وأتبع ذلك جوجل، التي قامت بتخفيض عدد موظفيها في أقسام مثل الإعلانات والتجارة، ثم تبعتها مايكروسوفت وأمازون بتنفيذ استراتيجيات مشابهة لتقليص القوى العاملة.
ما يميز هذه التسريحات هو أنها ليست أحداثا معزولة، بل هي جزء من إعادة هيكلة شاملة في هذه الشركات بما يتماشى مع التحول إلى عالم يعتمد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي.
من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة لتحسين أداء الموظفين، بل أصبح يحل محلهم في العديد من الوظائف.
وتظهر تقارير مختلفة انخفاضا كبيرا في الوظائف عالية الأجر، مع تراجع الرواتب في قطاع التكنولوجيا بشكل عام.
هذا بالإضافة إلى أن فرص العمل للمبتدئين تراجعت بشكل ملحوظ منذ 2023.
وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا في وظائفهم، فإنهم يواجهون حالة من عدم اليقين بسبب إعادة الهيكلة المتكررة وتجميد التوظيف.
رغم هذه التحديات، يظهر العديد من العاملين في مجال التكنولوجيا ميلا نحو إعادة تأهيل مهاراتهم للبقاء في المنافسة، على سبيل المثال، شهدت منصات مثل Coursera زيادة كبيرة في الالتحاق بالدورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
بالإضافة إلى ذلك، العديد من العاملين قاموا بتأسيس شركات ناشئة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الصحة الرقمية، والتعليم.
من الناحية النفسية، يعتبر فقدان الوظيفة في هذا القطاع صدمة شديدة للعاملين، حيث لا يتعلق الأمر فقط بالجانب المهني بل بالهوية، والاستقرار، والمعنى.
ففي كثير من الأحيان، يشعر الموظفون المفصولون بالحزن والغضب، ويمرون بمراحل مشابهة لفقدان شخص عزيز.
كما أكد جيفري هينتون، عالم الذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تقليص وظائف الروتين الإدراكي، ما سيؤثر بشكل كبير على حياة العاملين.
القطاع التكنولوجي ليس في حالة انهيار، بل في مرحلة انتقالية، فقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من العديد من الأعمال مثل السيارات الذاتية، واكتشاف الأدوية، وكتابة الأكواد.
لكن مع هذا التحول، يبقى هناك حاجة ماسة إلى اليد العاملة المهرة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وهندسة السحابة، والبرمجة المتقدمة.
وفي الوقت الحالي، تحتاج الشركات إلى التركيز على إعادة تدريب العمال، وتوفير برامج توعية، وتحفيزات للمواهب المتضررة، بالإضافة إلى شبكة أمان للعاملين في الوظائف الحرة.
حيث أن هذا التحول السريع في الصناعة يفرض تحديات كبيرة على كل من الموظفين والشركات على حد سواء، مع ضرورة التكيف مع التقنيات الحديثة لمواكبة هذا التغيير.