اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
بعد أكثر من قرنين من التنظير والجدل العلمي، تتحول أسطورة الطاقة البحرية إلى واقع علمي قد يعيد رسم خريطة الطاقة العالمية.
ففي الوقت الذي ركزت فيه الدول على الشمس والرياح والسدود لتوليد الكهرباء، ظلت المحيطات تحمل بين أعماقها كنزا غير مستغل الطاقة الحرارية للمحيطات (OTEC).
تعتمد الفكرة على الفارق الحراري بين سطح المحيط الدافئ وأعماقه الباردة عند وجود فرق حرارة يبلغ نحو 20 درجة مئوية، يسخن هذا الفارق سائلت منخفض نقطة الغليان ليتبخر، ويستخدم البخار لتشغيل توربينات تولد الكهرباء، قبل أن يعاد تبريده بمياه الأعماق ضمن دورة مغلقة مستمرة.
الميزة الأهم لهذه التقنية أنها تعمل على مدار الساعة، بخلاف الطاقة الشمسية أو الرياح، مما يجعلها مصدرًا نظيفا وموثوق لتوليد الكهرباء، خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.
تعود جذور الفكرة إلى الفيزيائي الفرنسي جاك أرسين دارسونفال عام 1881، حين اقترح ما أسماه بـ'الطاقة الشمسية البحرية'. واليوم، وبعد مرور قرنين تقريبًا، بدأت أوروبا بتحويل هذا التصور إلى مشاريع عملية.
قدمت الشركات العالمية تصميم متطورا يعتمد على تقنية OTEC، بهيكل أسطواني وأنظمة تبريد مبتكرة لتحمل أقسى الظروف البحرية.
تمثل OTEC حلما مغريا لقطاع الطاقة المتجددة حيث يمكن إنتاج كهرباء نظيفة بلا انبعاثات و توفير مصدر طاقة مستمر على مدار العام و إمكانية إنتاج مياه عذبة من العملية.
لكن التحديات لا تزال قائمة، أبرزها ارتفاع التكلفة الأولية، صعوبة بناء الأنابيب والمبادلات الحرارية العملاقة، وانخفاض الكفاءة عندما يقل الفارق الحراري، كما أن نجاحها يقتصر على المناطق الاستوائية حيث الفروق الحرارية أكبر.
تتقدم الأبحاث بخطى متسارعة، فيما يرى خبراء الطاقة أن هذه التقنية قد تمثل إضافة جوهرية لمزيج الطاقة العالمي، خصوصًا في ظل تصاعد أزمة المناخ.
وإذا نجحت أوروبا في تطويرها على نطاق واسع، فقد تتحول 'أسطورة الأمس' إلى ركيزة أساسية في مواجهة الانبعاثات الكربونية وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري.
حيث انها ليست مجرد تجربة تقنيةفقط ، بل خطوة استراتيجية نحو مستقبل مستدام يفتح الباب أمام تنمية اقتصادية في المناطق الساحلية الاستوائية ويعزز أمن الطاقة عالميا.