اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
استضافت العاصمة الأذربيجانية باكو لقاءات مباشرة نادرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، وُصفت بأنها خطوة استكشافية تهدف إلى تخفيف التوترات الأمنية في جنوب سوريا، مع تكهنات بأنها قد تمهد لتطبيع محدود بين البلدين.
وجرت هذه المحادثات على هامش زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أذربيجان، حيث التقى الرئيس إلهام علييف ووقّع اتفاقيات اقتصادية تشمل تصدير الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا.
ركزت الاجتماعات على قضايا حساسة، مثل الوجود العسكري الإسرائيلي في مناطق القنيطرة ودرعا والسويداء، والذي كثّفته إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، في عملية أُطلق عليها اسم 'سهم باشان'.
وتُعد هذه الاجتماعات تطورًا غير مسبوق في العلاقات السورية-الإسرائيلية، التي ظلت متوترة لعقود، على الرغم من التناقضات حول مشاركة الشرع شخصيًا وطبيعة هذه المحادثات وفقًا لصحيفة آراب ويكلي اللندنية.
وتناولت المحادثات مطالب دمشق بانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب سوريا والعودة إلى اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، التي أنشأت منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان
كما ناقش الطرفان التهديدات الإقليمية، بما في ذلك النفوذ الإيراني وحزب الله، إلى جانب أنشطة الفصائل الفلسطينية في سوريا.
وتشير تقارير من مصادر موثوقة، مثل وكالة فرانس برس وصحيفة هآرتس، إلى أن إسرائيل اقترحت فتح مكتب تنسيق أمني في دمشق، وهو اقتراح لم يحظَ بتأكيد رسمي من الحكومة السورية.
وفي حين نفت مصادر سورية مشاركة الشرع في الاجتماعات، مؤكدة أنها اقتصرت على مسؤولين أمنيين مثل وزير الخارجية أسعد الشيباني ومبعوث خاص لنتنياهو، أشارت مصادر إسرائيلية، مثل قناة كان، إلى أن المحادثات كانت جدية وتناولت ملفات حساسة، بما في ذلك احتمال إبرام اتفاق سلام بحلول نهاية 2025 وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ولعبت أذربيجان دورًا محوريًا كوسيط في هذه الاجتماعات، مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل، التي تُعد موردًا رئيسيًا للأسلحة إلى باكو، وتحسن علاقاتها مع سوريا بعد استئناف عمل سفارتها في دمشق.
يعكس هذا الدور طموح أذربيجان لتعزيز نفوذها الدبلوماسي في الشرق الأوسط، خاصة بعد توقيع اتفاقيات اقتصادية مع سوريا تشمل إعادة إعمار البنية التحتية للطاقة.
كما دعمت الولايات المتحدة هذه التحركات، حيث شجّع قرار رفع العقوبات عن سوريا في مايو 2025، بقيادة المبعوث الأمريكي توماس باراك، على فتح قنوات دبلوماسية جديدة.
وأشار باراك، خلال زيارته إلى لبنان، إلى أن 'الحوار بدأ بين سوريا وإسرائيل'، فيما أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد لقائه الشرع في الرياض، عن أمله في انضمام سوريا إلى دول عربية أخرى طبّعت علاقاتها مع إسرائيل، مثل الإمارات والبحرين، في إطار اتفاقيات أبراهام وفقًا لصحيفة 'دوون' الباكستانية.
ومع ذلك، تظل هذه الاجتماعات مثيرة للجدل بسبب التناقضات في الروايات. فبينما أكدت مصادر مثل وكالة فرانس برس وهآرتس أن الشرع لم يشارك شخصيًا، وأكد موقع i24NEWS الإسرائيلي أن الشرع شارك في لقاء واحد على الأقل، مما يعكس الحساسية السياسية للموضوع داخل سوريا، حيث قد يُثير الحديث عن التطبيع ردود فعل داخلية قوية.
كما شددت الحكومة السورية، عبر وسائل إعلامها الرسمية، على أن هذه المحادثات تهدف إلى 'التهدئة' وليس التطبيع، مع التركيز على ضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان وجنوب سوريا.
في المقابل، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى اهتمام إسرائيل بإبرام اتفاق سلام وتطبيع مع سوريا، وهو ما وصفته دمشق بأنه 'سابق لأوانه'.
هذه التناقضات تُبرز التحديات التي تواجه أي تقدم نحو تطبيع شامل، خاصة في ظل المطالب السورية بانسحاب إسرائيل من الجولان والضغوط الداخلية على الشرع لتجنب أي خطوات تُثير الجدل.
وتُعزز هذه الاجتماعات من خلال وساطة إماراتية وسعودية، تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة في ظل عداء القيادة السورية الجديدة لحزب الله، الذي دعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية.
وتشير تقارير إلى أن إسرائيل ترى في هذه المحادثات فرصة لإضعاف شبكات إيران الإقليمية، بينما تسعى سوريا إلى استعادة استقرارها الداخلي وتعزيز علاقاتها مع دول مثل أذربيجان وتركيا. ومع ذلك، يظل التطبيع المحدود احتمالًا ينطوي على قدر كبير من الحساسية، حيث يتطلب موازنة دقيقة بين المصالح الأمنية والسياسية.
كما أن نجاح هذه المحادثات في تحقيق تهدئة مستدامة أو تمهيد الطريق لاتفاق سلام سيعتمد على قدرة الطرفين على التغلب على عقود من العداء والضغوط الإقليمية، مع دعم أمريكي واضح يهدف إلى إعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط.
وتُمثل اجتماعات باكو نقطة تحول محتملة في العلاقات السورية-الإسرائيلية، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب الاختلافات في الأهداف والحساسيات السياسية.
بينما تسعى سوريا إلى استعادة سيادتها والتركيز على إعادة الإعمار، تُركز إسرائيل على ضمان أمنها وتقليص النفوذ الإيراني.
إن مستقبل هذه المحادثات، سواء أدت إلى تطبيع محدود أو بقيت عند مستوى التنسيق الأمني، سيُحدد إلى حد كبير مسار الاستقرار الإقليمي في المنطقة، خاصة في ظل التحولات السياسية السريعة التي تشهدها سوريا في أعقاب سقوط نظام الأسد.